ورطة جديدة وقع فيها رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتانياهو، بعد أنّ سيطر الجيش الإسرائيليّ على معبر رفح في قطاع غزّة، ضمن العمليّة العسكريّة لتل أبيب في مدينة رفح، حيث تسبب ذلك في وقف وصول المساعدات الإنسانيّة للقطاع من الجانب المصري.التصعيد العسكريّ الإسرائيليّ في رفح، أدى إلى تصاعد حدّة الخلاف بين القاهرة وتل أبيب، وسط مخاوف إسرائيليّة من تفاقم الأزمة وقيام مصر بتخفيض تمثيلها الدبلوماسيّ، والانسحاب من جهود الوساطة بين إسرائيل وحركة "حماس". وبحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن التنسيق الأمنيّ بين مصر وإسرائيل قد يتأثر سلبًا إذا لم يتم حل الأزمة. تصريحات المسؤولين الإسرائيليين سبقتها، تبادل التصريحات بين وزيريّ الخارجيّة المصريّ والإسرائيليّ، ففي الوقت الذي قال فيه وزير خارجيّة إسرائيل، إن وصول المساعدات الإنسانيّة لقطاع غزّة، مرهون بإرادة مصر، رد الوزير سامح شكري، وقال إنّ إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن الأزمة الإنسانيّة في قطاع غزّة وهي من سيطرت على معبر رفح الفلسطينيّ. حالة الشدّ والجذب بين تل أبيب والقاهرة، تزامنت أيضًا مع إعلان مصر الانضمام رسميًا للدعوى التي تقدمت بها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدوليّة، لكشف الانتهاكات الإسرائيليّة في غزّة. أزمة نتانياهو، ليست فقط في علاقة إسرائيل بالعالم الخارجي، ولكن بحسب تقارير صحفيّة، فإن الجيش الإسرائيليّ عبّر عن إحباطه بسبب عدم وجود خطة لدى الحكومة الإسرائيليّة لمستقبل غزّة بعد انتهاء الحرب. وقال خبراء ومحللون مصريون، في حديث لمنصة "المشهد" إنّ الحكومة الإسرائيليّة غير راغبة في وقف الحرب في غزّة، لأسباب عدة: جعل غزّة مدينة غير قابلة للحياة ومن ثم تهجير سكانها.أهداف اقتصاديّة تتعلق بسيطرة تل أبيب على الغاز والبترول في القطاع.خوف نتانياهو على مستقبل حكومته.ورغم التحذيرات الدوليّة والأمميّة، من المخاطر الإنسانيّة الكارثيّة التي يتعرض لها سكان القطاع المحاصر، فإنّ إسرائيل تواصل عملية اجتياح بريّ لعدّة مناطق في مدينة رفح، وسط مخاوف أمميّة من مخاطر حدوث مجاعة بسبب نقص المواد الغذائيّة والإغاثيّة.أطماع اقتصادية في غزةوفي التفاصيل، قال خبير الأمن القومي المصريّ، اللواء محمد عبد الواحد، إنّ "إسرائيل تُدمّر ما تم بناؤه خلال 45 عامًا هي عمر اتفاقية السلام الموقعة بينها وبين مصر، وذلك من خلال الانتهاكات التي تقوم بها في مدينة رفح الفلسطينيّة"، لافتًا إلى أنّ "مصر حذّرت مرارًا من المخاطر الكبيرة للعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح". ورأى عبد الواحد في حديث لـ"المشهد"، أنّ "تل أبيب لها أهداف سياسية واقتصادية من استمرار حربها في غزّة وليس القضاء على حركة "حماس" كما هو مُعلن"، مُضيفًا "إسرائيل تريد أن تجعل قطاع غزّة مكانا غير صالح للحياة". وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة تعرف بالمخطط الإسرائيلي، إذ من المقرر أن تبدأ عمليات تهجير قسري وطوعي لسكان القطاع بعد انتهاء الانتخابات الأميركيّة. وكشف خبير الأمن القومي أنّ "مصر حذّرت إسرائيل من الاقتراب من معبر رفح لأنّها بذلك تنتهك الاتفاقات الموقعة بين البلدين، وبالتالي لجأت مصر إلى التصعيد بعد بدء العملية العسكرية". التصعيد المصريّ اتخذ أشكالا عدة بحسب عبد الواحد:وقف عمليّة التنسيق فيما يتعلق بدخول المساعدات من مصر.انضمام مصر إلى جنوب إفريقيا في دعوتها أمام العدل الدوليّة ضد إسرائيل. الحديث عن إجراءات دبلوماسيّة مصريّة قد تصل إلى استدعاء السفير المصري.وأشار إلى أنّ مصر ستتخذ كل الإجراءات المناسبة من أجل الحفاظ على أمنها القومي، لافتًا إلى أنّ "المخاوف الإسرائيليّة بشأن انسحاب مصر من الوساطة بين تل أبيب و"حماس" حقيقية ويجب وضعها في الاعتبار". وقال إن نتانياهو لا يريد وقف الحرب لأن لديه أهدافا بعيدة المدى وهي:تهجير الفلسطينيين.السيطرة على الموارد الطبيعية في القطاع.طموح سياسي يتعلق ببقاء حكومته في السلطة.وأوضح أنّ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي سرّب تقريرا يتعلق بمستقبل قطاع غزّة وجعلها مدينة اقتصادية على غرار سنغافورة، كنوع من "جس النبض" حول مستقبل القطاع. وقال خبير الأمن القومي إنّ الحكومة الإسرائيليّة تعود إلى الخلف لسنوات طويلة باستمرارها في الحرب ضد المواطنين الأبرياء في غزّة، لافتًا إلى التحول الكبير في الرأي العام الدولي بخصوص موقفهم من الدولة الإسرائيلية.نتانياهو في مأزقبدوره، قال مساعد وزير الخارجية المصريّ، السفير جمال بيومي، إنّ "مصر تتعامل في علاقتها مع إسرائيل بحذر شديد وكل خطواتها محسوبة بدقة منذ بدء الحرب الإسرائيليّة على غزّة في 7 أكتوبر". وأضاف بيومي في حديث لـ"المشهد"، أنّ الرأي العام المصري يطالب بقطع العلاقات نهائيًا مع تل أبيب بسبب استمرارها في قتل وتدمير قطاع غزّة، لافتًا إلى أنّ "الموقف الرسميّ يجب أن يتعامل بحرص مع كل خطوة تقوم بها إسرائيل". وأشار إلى أنّ "التصعيد المصريّ الأخير جاء ردًا على التصعيد الأخير في رفح"، مُبينًا أنّ "نتانياهو في مأزق حقيقي بسبب عدم قدرته على إدارة المشهد في غزّة". ورأى بيومي أنّ المشهد الحالي "معقد أكثر مما يبدو"، وقال إنّ "هناك موجة غضب كبيرة في الداخل الإسرائيلي تجاه حكومة الحرب الإسرائيليّة، لأنها لم تتمكن من استعادة الأسرى، فضلًا عن استمرار الحرب في قطاع غزّة لمدة 8 أشهر". وأوضح الدبلوماسي المصريّ أنّ "نتانياهو ليس من مصلحته إنهاء الحرب لأنه يعلم جيدًا أن اليوم التالي للحرب سيكون مطلوبًا أمام القضاء الإسرائيليّ وستتم محاسبته في قضايا تتعلق به". وتابع مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: "إسرائيل يحكمها مجموعة متطرفة يتجاهلون القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية بين البلدان وبالتالي فهم يكذبون ويظنون أن العالم يصدقهم وهذا غير صحيح". (المشهد - القاهرة)