قال الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" عامي أيالون، إنّ إسرائيل لن تتمتع بالأمن حتى يكون للفلسطينيّين دولتهم الخاصة. وأضاف الأميرال المتقاعد في مقابلة مع صحيفة "غارديان" البريطانية: "يجب على السلطات الإسرائيلية إطلاق سراح مروان البرغوثي، زعيم الانتفاضة الثانية المسجون، للمشاركة في مفاوضات مباشرة لإنشاء دولة". وذكر أيالون أنّ تدمير "حماس" ليس هدفًا عسكريًا واقعيًا، وأنّ العملية الحالية في غزة تخاطر بترسيخ الدعم للحركة الفلسطينية. وتابع قائلًا: "نحن الإسرائيليّين لن نحصل على الأمن إلا عندما يكون لدى الفلسطينيّين الأمل. هذه هي المعادلة"، مضيفًا: "لقول الشيء نفسه باللغة العسكرية: لا يمكنك ردع أيّ شخص، شخصًا أو مجموعة، إذا كان يعتقد أنه ليس لديه ما يخسره". ويعتبر الرئيس السابق لـ"الشاباك" أنّ حرب إسرائيل في غزة حرب عادلة، بعد أهوال الهجوم الذي نفذته "حماس" في 7 أكتوبر، وقتلت خلاله ما لا يقلّ عن 1200 شخص، واحتجزت أكثر من 240 آخرين كأسرى. لكنه قال إنّ الكثير من الإسرائيليّين لا يستطيعون قبول حقيقة أنّ "حماس" لا تمثل جميع الفلسطينيّين، أو أنّ لديهم حقًا مشروعًا في دولتهم. وأضاف أيالون أنّ معظم الإسرائيليّين يعتقدون أنّ "كل الفلسطينيّين هم (حماس) أو مؤيدون لهم"، وأنهم لا يقبلون مفهوم الهوية الفلسطينية، "لا يمكننا أن نقبل فكرة الشعب الفلسطينيّ لأننا إذا فعلنا ذلك، فإنّ ذلك سيخلق عقبة كبيرة في مفهوم دولة إسرائيل".البرغوثي قادر على هزيمة إسماعيل هنيةويعتقد أيالون أنّ إطلاق سراح مروان البرغوثي المسجون منذ عام 2002، والذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة القتل، بعد أن قاد الانتفاضة الثانية، سيكون خطوة حيوية نحو مفاوضات هادفة بين الجانبين. وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أنّ البرغوثي سيهزم القياديّ في "حماس" إسماعيل هنية حال التنافس في انتخابات، بحسب ما يقول الرئيس السابق لـ"الشاباك"، مضيفًا: "انظروا إلى استطلاعات الرأي الفلسطينية. هو الزعيم الوحيد الذي يستطيع أن يقود الفلسطينيّين إلى دولة إلى جانب إسرائيل. أولًا لأنه يؤمن بمفهوم الدولتين، وثانيًا لأنه اكتسب شرعيته بجلوسه في سجوننا". وقال أيالون إنّ دعم البرغوثي يعكس حقيقة أنّ الدعم الفلسطينيّ الحاليّ لـ"حماس"، لا يرتكز على أيديولوجية الجماعة، بل على الشعور بأنهم الفصيل الوحيد الذي يقاتل من أجل إقامة دولة. ويعتبر الأميرال المتقاعد سياسة اللاعنف التي تبنتها حركة فتح المنافسة لـ"حماس" في الأعوام الأخيرة، فقدت مصداقيتها بسبب الإخفاقات المتكررة للجهود الدبلوماسية الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي يشكل خطرًا على الإسرائيليّين والفلسطينيّين على السواء. وأشار عامي أيالون إلى أنّ آراءه هذه جاءت متأخرة بعد ترك الخدمة العسكرية، وتولي منصبه في "الشاباك"، إذ تطلب منه الأمر مقابلة الفلسطينيّين بانتظام، بما في ذلك زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات. وبحسب "الغارديان" كوّن عامي أيالون أصدقاء فلسطينيّين، من بينهم رئيس جهاز الأمن في السلطة الفلسطينية جبريل الرجوب، وساري نسيبة، أستاذ الفلسفة من القدس الذي يمكن تتبع وجود عائلته هناك منذ القرن الـ7، إذ يقول أيالون: "هل يمكنني أن أقول له (ساري نسيبة)، حسنًا، هذه الأرض لي وأنت زائر هنا؟ هذا غير منطقي".دافع "حماس" لشن هجوم على إسرائيل!ويعتبر أيالون أنّ محاولات التطبيع بمنطقة الشرق الأوسط حيث لا يكون للفلسطينيّين دولة أو أمل كبير في قيامها، كانت أحد العوامل التي دفعت "حماس" إلى شن الهجمات في 7 أكتوبر. وقال: "بطريقة ما، أراد يحيى السنوار أن يقول للجميع في العالم العربيّ والعالم الإسلاميّ والمجتمع الدوليّ، وأميركا وأوروبا: لن تحققوا أيّ شيء في الشرق الأوسط، إلا إذا وُضعت القضية الفلسطينية على الطاولة". وأضاف: "المأساة هي أنه فعل ذلك. اليوم عليك فقط الاستماع إلى الرئيس الأميركيّ جو بايدن. لا أحد يعتقد أنّ بإمكاننا تحقيق واقع أفضل هنا إلا إذا قبلنا بواقع الدولتين". وذكر الرئيس السابق لـ"الشاباك"، أنّ الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الجميع تقريبًا في المجتمع الدولي، سواء أعداء إسرائيل أو حلفاؤها، من الصين إلى الولايات المتحدة، ومن روسيا إلى القوى الإقليمية، هو الحاجة إلى حل الدولتين، مشيرًا إلى أنّ الخيار الآخر هو مواصلة القتال. وأكد أيالون أنّ طبيعة "حماس" تعني أنّ تدميرها يُعتبر هدفًا مستحيلًا بالنسبة للجيش الإسرائيلي، رافضًا في الوقت نفسه التعليق على أداء القيادة الإسرائيلية الحالية. وأضاف أنّ "حماس" ليست مجرد ميليشيا، بل "أيديولوجية لها منظمة، والمنظمة لها جناح عسكري. ولا يمكنك تدمير الأيديولوجية باستخدام القوة العسكرية. في بعض الأحيان سوف تتجذر بشكل أعمق إذا حاولت فعل ذلك". وتابع قائلا: "هذا بالضبط ما نراه اليوم. 75% من الفلسطينيين يؤيدون (حماس). قبل الحرب كانت النسبة أقل من 50%". وقال: "لكي تتمكن إسرائيل من تحقيق الأمن، تحتاج البلاد إلى تحديد هدف عسكريّ واقعي، مثل تدمير قدرات (حماس) العسكرية وموت أو نفي قادتها". مضيفًا أنهم بحاجة أيضًا إلى مناقشة ما سيحدث في غزة بعد انتهاء القتال، أو المخاطرة بتمديد الحرب إلى أجل غير مسمى. وأبدى أيالون استياءه من عدم مناقشة قادة بلاده اليوم التالي للحرب، قائلًا: "أنا مستاء للغاية لأننا لسنا على استعداد لمناقشة اليوم التالي. لأنني أعرف ما يحدث للحروب التي ليس لها هدف سياسي. وتصبح هدفًا في حدّ ذاتها، بدلا من أن تكون وسيلة لتحقيق هدف سياسي". وأضاف: "هذا بالضبط ما حدث لنا في لبنان، وهذا بالضبط ما حدث لنا في الضفة الغربية. وأخشى أن يكون هذا ما سيحدث إذا واصلنا القتال من دون تحديد جوهر واضح للنصر في غزة". لكنه عاد ليقول إنّ التغيير لا يأتي إلا تحت الضغط، وإنّ يوم 7 أكتوبر يمكن أن يكون نقطة تحوّل مأسوية.(ترجمات)