أفادت مصادر أميركية وإسرائيلية بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تواصلتا مع مسؤولين في ثلاث دول بشرق إفريقيا لمناقشة إمكانية استخدام أراضيهم كوجهات محتملة لتوطين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من قطاع غزة، وذلك ضمن خطة ما بعد الحرب التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. تشمل الدول التي تم التواصل معها كلًّا من السودان، والصومال، وإقليم أرض الصومال المنفصل عن الصومال. ويعكس هذا التحرك إصرار واشنطن وتل أبيب على تنفيذ الخطة رغم الإدانة الواسعة التي واجهتها، بالإضافة إلى التساؤلات القانونية والأخلاقية التي أثارتها. وبالنظر إلى أن هذه الدول تعاني من الفقر وفي بعض الحالات من العنف، فإن هذه المقترحات تتناقض مع تصريحات ترامب التي تحدث فيها عن إعادة توطين الفلسطينيين في "منطقة جميلة". وأكد مسؤولون سودانيون أنهم رفضوا هذه العروض، بينما قال مسؤولون من الصومال وأرض الصومال لوكالة "أسوشيتد برس" إنهم ليسوا على علم بأي اتصالات في هذا الشأن. مضمون خطة ترامبتقوم خطة ترامب على نقل أكثر من مليوني فلسطيني من غزة بشكل دائم إلى أماكن أخرى، مع تولي الولايات المتحدة مسؤولية إدارة القطاع، وتنفيذ عمليات إعادة إعمار طويلة الأمد، ثم تطويره كمشروع عقاري. لطالما كان يُنظر إلى فكرة الترحيل الجماعي للفلسطينيين على أنها خيال ينتمي إلى التيار القومي المتطرف في إسرائيل، لكن بعد أن طرح ترامب الفكرة في اجتماع بالبيت الأبيض الشهر الماضي، وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنها "رؤية جريئة". رفض الفلسطينيون في غزة هذا المقترح، مؤكدين أن إسرائيل تسعى إلى إجبارهم على المغادرة رغم ادعائها بأن الأمر سيكون طوعيًا. كما أبدت الدول العربية معارضة قوية للخطة، واقترحت بديلًا يتمثل في إعادة إعمار غزة مع بقاء الفلسطينيين في أماكنهم. وأشارت منظمات حقوقية إلى أن إجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم أو الضغط عليهم للقيام بذلك قد يشكل جريمة حرب. ومع ذلك، أكد البيت الأبيض أن ترامب "لا يزال متمسكًا برؤيته". اتصالات دبلوماسية سريةووفقًا لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، فقد تم إجراء اتصالات مع السودان، الصومال، وأرض الصومال ضمن هذه الخطة. لكن لم يتضح بعد مدى التقدم الذي أحرزته هذه الجهود أو مستوى المفاوضات التي جرت. بدأت المحادثات مع هذه الدول الثلاث بعد أيام فقط من إعلان ترامب خطته مع نتانياهو، حيث قادت إسرائيل معظم النقاشات. وتسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تقديم مجموعة من الحوافز المالية والدبلوماسية والأمنية لهذه الدول لإقناعها بالمشاركة.وكان السودان أحد الدول التي وقعت اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات مع إسرائيل عام 2020. ونتيجة لهذا الاتفاق، أزالت الولايات المتحدة السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، مما سمح له بالحصول على قروض دولية واستعادة مكانته الدبلوماسية. لكن العلاقات السودانية الإسرائيلية لم تتطور لاحقًا، خصوصا مع اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وشهد هذا النزاع انتهاكات جسيمة.في ظل هذه الظروف، من غير المرجح أن يوافق الفلسطينيون على مغادرة غزة للعيش في بلد يشهد حربًا أهلية. ومع ذلك، قد تحاول واشنطن وتل أبيب إغراء الحكومة السودانية بعروض تشمل إعفاءات من الديون، مساعدات عسكرية، تكنولوجيا متقدمة، ودعم دبلوماسي. أكد مسؤولان سودانيان أن إدارة ترامب تواصلت مع الحكومة العسكرية في الخرطوم بشأن استقبال الفلسطينيين. وأوضح أحدهما أن هذه الاتصالات بدأت قبل تولي ترامب منصبه رسميًا، وشملت وعودًا بمساعدات عسكرية.الصومال وأرض الصوماليبلغ عدد سكان أرض الصومال أكثر من 3 ملايين نسمة، وقد أعلنت انفصالها عن الصومال قبل أكثر من 30 عامًا، لكنها لم تحظَ باعتراف دولي كدولة مستقلة، حيث لا يزال الصومال يعتبرها جزءًا من أراضيه. يركز الرئيس الجديد لأرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله، على تحقيق الاعتراف الدولي بالإقليم، وهو ما قد يشكل عامل جذب له للتعاون مع واشنطن مقابل الاعتراف الرسمي بأرض الصومال. أكد مسؤول أميركي مطلع أن بلاده "تجري محادثات هادئة مع أرض الصومال حول مجموعة من القضايا التي يمكن أن تكون مفيدة للولايات المتحدة مقابل الاعتراف بالإقليم". ورغم أن أرض الصومال أعربت في الماضي عن تضامنها مع الفلسطينيين، إلا أن احتمال الاعتراف الدولي قد يدفعها لإعادة النظر في موقفها.ولطالما كان الصومال داعمًا قويًا للقضية الفلسطينية، حيث شهدت العاصمة مقديشو وغيرها من المدن مظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين. كما انضم الصومال إلى القمة العربية الأخيرة التي رفضت خطة ترامب، ما يجعلها خيارًا غير مرجح لتوطين الفلسطينيين حتى لو وافقوا على مغادرة غزة. قالت المحللة القانونية والباحثة في شؤون النزاعات، سامبو تشيبكورير، إن اختيار الصومال كمكان محتمل لتوطين الفلسطينيين يثير العديد من التساؤلات، خصوصا بالنظر إلى موقفه الداعم لحكم الفلسطينيين لأنفسهم. وأضافت: "التحالفات السياسية تتغير باستمرار، وربما هناك أجندة خفية وراء اختيار الصومال". من جهته، أكد مسؤول صومالي، طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث إلى الإعلام، أن الحكومة لم تتلق أي اتصالات بشأن استقبال الفلسطينيين من غزة، ولم تُجرَ أي مناقشات بهذا الشأن.(ترجمات)