تبرز الحملة الرئاسية لعام 2024 باعتبارها سباقا استثنائيا على عدة مستويات، أبرزها الزخم الذي يُحدثه العديد من المرشحين "البدلاء" بما في ذلك سليل العائلة الديمقراطية الذي تحول إلى مستقل، روبرت إف كينيدي جونيور، المرشح المستقل كورنيل ويست، ومرشحة الحزب الثالث "حزب الخضر" جيل ستاين. زخم من شأنه خلق تأثير ملحوظ في رئاسيات نوفمبر، التي يبدو أنها ستجري على وقع تصعيد غير مسبوق في الشرق الأوسط، من شأنه أن يؤدي بشريحة انتخابية هامة بالنسبة للديمقراطيين إلى اختيار مرشح غير هاريس. تقليديا يفشل مرشحو الحزب الثالث، والمرشحون المستقلون في الفوز بالرئاسة، الذي يحققه مرشحو الحزبين الجمهوري الديمقراطي، ويتبادل المنتمون لهما أدوار الظفر بالبيت الأبيض، الزخم والحماس الذي صنعه المرشحون "البدلاء" في هذه الدورة الانتخابية، يدفع للتساؤل عن مدى الضرر الذي يلحقونه بحظوظ كل من مرشحة الحزب الديمقراطي، نائبة الرئيس الحالية، كامالا هاريس، ومرشح الحزب الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، رغم فشلهم في الوصول إلى كرسي الرئاسة.قاعدة عرفيةفي مقابلة مع منصة "المشهد " يتحدث البروفيسور بجامعة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا، ستيفن زونس، عن طبيعة النظام السياسي الأميركي، الذي يُحتم على المترشحين الفوز بأغلبية أصوات المندوبين بالولايات، سواء كان ذلك تحسبا لسباق على مستوى الكونغرس، أو كان سباقا رئاسيا، ما أدى إلى تجسيد نظام الحزبين – الجمهوري والديمقراطي – وجعله قاعدة عرفية، لأن الدستور الأميركي لا يقيد الحياة السياسية بهذا النظام السائد منذ فترة تزيد عن قرن ونصف، لم تشهد خلالها الولايات المتحدة سوى مناسبات قليلة جدا فاز فيها مرشح مستقل بمقعد مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، في حين لم يستطع أي من المستقلين الفوز بالرئاسة. ويقول المحلل السياسي المختص في الشأن الأميركي عبد الرحمن محمد، إن ثبات قاعدة "نظام الحزبين" مرده تصدي الجمهوريين والديمقراطيين لأية محاولة لبروز حزب ثالث مُنافس، أو سطوع نجم مرشح مُستقل، حفاظا على مصالحهم. ويتحدث الدكتور عبد الرحمن محمد لـ "المشهد" عن استخدام الجمهوريين والديمقراطيين للمال كوسيلة رئيسية للحفاظ على "نظام الحزبين"، ويظهر ذلك جليا، حسب رأبه، من خلال الترابط الكبير بين السياسيين المنتمين للحزبين، ومُنظمة " American Israel Public Affairs Committee "أو "لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية – أيباك" التي تُعد أكبر ممول للحملات السياسية في البلاد.وتابع "بما أن المال هو وقود استمرار سير أي حملة انتخابية، يجد المرشحون المستقلون ومرشحو الحزب الثالث أنفسهم محدودي التأثير، وغير قادرين على استكمال الحملات الانتخابية في الكثير من الأحيان"؟دور "المفسد"عجز المرشحين "البدلاء" عن الفوز بالرئاسة لا يعني نهاية مخاوف الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فالحماس الذي خلقته مرشحة حزب الخضر جيل ستاين، والمرشح المستقل كورنيل واست، وكذا المستقل، روبرت إف كينيدي جونيور، أقلق ترامب وهاريس، ودفع حملة كل منهما لتبني إستراتيجيات مختلفة، لمنع توجه الناخبين للخيار الثالث.وبينما نجح دونالد ترامب، في احتواء روربيرت إف كينيدي جونيور، الذي علق حملته شهر أغسطس الماضي، وأعلن مساندته للرئيس السابق، لا يزال هاجس التأثير الذي قد يصنعه كل من جيل ستين وكورنال واست، يُقلق نائبة الرئيس كامالا هاريس. ومع تصاعد المخاوف من تتنفيذ إسرائيل توغلا بريا في لبنان، بعد الضربات الموجهة لـ"حزب الله"، ومقتل أمينه العام، حسن نصر الله، بالموازة مع استمرار الحرب على غزة، وموجة التصعيد التي قد تتحول إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط، يرى البروفيسور ستيفن زوناس، أن حظوظ كامالا هاريس، كمرشحة ديمقراطية في هذه الدورة الانتخابية، قد تتأثر بشكل بالغ بفعل الأصوات التي سينتزعها منها كرونال واست و جيل ستين، اللذان يحظيان بشعبية لافتة وسط الأميركيين المسلمين وذوي الأصول العربية، المعارضين للحرب على غزة و لبنان. وبالنظر لتمركز العرب والمسلمين بشكل كبير في ولاية ميشغان، التي تُعد إحدى الولايات الحاسمة في السباق الرئاسي، يتوقع البروفيسور ستيفن زوناس تضرر حظوظ هاريس، المغضوب على الإدارة التي تنتمي إليها وسط هذه الشريحة. ويُشير إلى أن حصول واست وستين على 1℅ فقط من مجموع أصوات الناخبين، قد يقلب النتائج ضد هاريس، بالنظر إلى التقارب الكبير لسباقها مع ترامب. من المفروض أنه بالنظر لأعداد الناخبين المستقلين الذين يميلون لليسار، فهم مدفوعون بتخوفهم من احتمال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب للحكم، أن لا يشكل المرشحون المستقلون ومرشحة حزب الخضر خطرا كبيرا على هاريس، لكن ميل هؤلاء المترشحين للتركيز على الأميركيين من أصول عربية، والأميركيين المسلمين، مكنهم من احتواء هذه الفئة الناقمة على تعاطي الرئيس الحالي جو بايدن ونائبته هاريس، مع الحرب الإسرائيلية على غزة، و الآن على لبنان.ويقول المتحدث إن الأصوات التي سيحصل عليها حزب الخضر والمترشح المستقل كورنال واست، ستكون مرتفعة مقارنة بما كان سيحدث في أية دورة انتخابية عادية. ويشير البروفيسور ستيفن زوناس إلى أن حزب الخضر وكونال واست، وأن حصلا على 1℅ فقط من الأصوات، فإن التأثير سيكون ملحوظا، بالنظر إلى التقارب الكبير الذي يشهده سباق هاريس وترامب، خصوصا في الولايات المتأرجحة وعلى رأسها ولاية ميشغان، التي تضم أكبر تجمع للعرب الأميركيين، والأميركيين المسلمين. (واشنطن - المشهد)