أثارت خطة البلوكات الإسرائيلية في غزة بعد انتهاء الهدن المؤقتة وتجدّد الحرب مخاوف أهالي غزة من التعرض لقصف صاروخي ومدفعي يدمّر ويوقع أعداداً هائلة من الضحايا، خصوصا بعد تقسيم قطاع غزة إلى مئات البلوكات السكنية.بدوره، نشر الجيش الإسرائيلي خريطة أسماها مناطق الإخلاء، قسم من خلالها غزة إلى بلوكات، محدداً الأماكن التي سيستهدفها، للسماح للسكان بمغادرتها مسبقاً حسب ادعائه، كما تضمنت الخريطة تقسيم غزة بالكامل إلى بلوكات، وطلب من السكان الغزيين التعرف على مناطق سكنهم، تبعاً لأرقام وضعها على الخريطة، وصرّح الجيش الإسرائيلي بأنه سيحدد مسبقاً المناطق التي سيهاجمها وسيطلب من السكان مغادرتها على حد زعمه.ووفق أهالي غزة فإن الخطر بات يطال كل المناطق، ويبيّن أبو يسار الذي نزح إلى جنوب غزة من شمالها، لمنصة "المشهد"، قائلا: "كل المناطق مستهدفة وفيها نازحون حتى في الشوارع المدارس وخيم اللجوء، ولم تعد آمنة في ظل الهجمات الجوية الإسرائيلية، خصوصا ما يعرف بالأحزمة النارية التي أوقعت آلاف الضحايا والمصابين، والوضع الآن خطير بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي بالعملية العسكرية البرية في مدينة خان يونس جنوبي غزة، وهذا جبر السكان على النزوح القسري لمناطق عدة في وسط غزة ورفح جنوباً".خطة البلوكات الإسرائيلية في غزةومع انتهاء الهدن الإنسانية صبيحة الجمعة الماضية، نشرت القوات الإسرائيلية خريطة لقطاع غزة، موزعة فيها المناطق السكنية على أساس البلوك السكني الآمن وغير الآمن، وظهر فيها أن بعض مدن غزة ودير البلح وخان يونس ورفح والمخيمات والقرى قد قسمت لبلوكات عدة.وطلب الجيش الإسرائيلي من سكان غزة الذين يقطنون المناطق التي حدّدها بالبلوكات حفظها ومعرفة منطقة سكنهم، وحفظ أرقام البلوكات لمعرفة الطريق الذي سيسلكونه في حال طلب الجيش الإسرائيلي النزوح من الأهالي، وتقول إسرائيل إن هذا الإجراء يحمل تحذيرات للسكان الغزيين قبل شنّ الغارات على غزة.من جانبه، أشار المحلل السياسي يوآف شتيرن في حديث خاص مع منصة "المشهد" أن "الهدف من خطة البلوكات الإسرائيلية، إخلاء مناطق معينة في غزة لتجنب استهداف المدنيين فيها، وليس من أجل تهجيرهم إلى سيناء المصرية، بل بهدف النزوح داخل القطاع، هذه الخطة الإسرائيلية جاءت بطلب من الولايات المتحدة الأميركية، من أجل الحفاظ على سكان غزة أكثر من الجزء الأول في الحرب، خصوصا الحملة البرية على شمال قطاع غزة، بحيث يتم الإعلان مسبقاً عن مناطق معينة قبيل الهجوم الإسرائيلي عليها".ويعتقد شتيرن أن "هذه الخطوة أتت بتوجيهات أميركية، وحل وسط إسرائيلي أميركي، لأن الولايات المتحدة سمحت لإسرائيل باستكمال الحملة البرية العسكرية على جنوب غزة، بشرط الحفاظ على حياة المواطنين".ويضيف شتيرن حول فكرة التهجير التي يتم تداولها مؤخراً "هناك ضغط كبير على أهالي غزة بفعل الحرب، ونزحوا بالآلاف إلى جنوب غزة، وربما نرى اجتيازا للحدود من قبل بعض الفلسطينيين إلى سيناء نظراً للقرب الجغرافي والظروف الصعبة، يترافق مع ذلك توجه إسرائيلي خصوصا لدى اليمين الإسرائيلي الذي يقول إن تهجير الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة يخدم المصالح الإسرائيلية، لكن الموقف المصري رافض للتهجير، وبالتالي إسرائيل لن تغامر بمصلحتها وعلاقاتها مع مصر".الخطة شكلية وليست عمليةوعبّرت المؤسسات الحقوقية الدولية وأهالي غزة عن قلقهم من خطة البلوكات الإسرائيلية، بأن تكون مقدمة لتقسيم محافظات غزة بشكل كامل لدفع السكان في مناطق الجنوب أولاً بالتوجه إلى الحدود المصرية، بهدف إجبارهم بقوة السلاح على النزوح القسري إلى سيناء لتطبيق الخطة العسكرية التي أعلنتها إسرائيل في بداية الحرب.وحول مدى فاعلية خطة البلوكات الإسرائيلية، يقول المحلل العسكري واصف عريقات لمنصة "المشهد":انتشار المزيد من قوات الجيش الإسرائيلي بهذا الشكل في غزة من أجل تقسيمها يشكل خطرا كبيرا على حياتهم بالدرجة الأولى، الجيش الإسرائيلي لن يكفي من أجل تحقيق ذلك، هذا تهديد ولكن القدرة على التنفيذ صعبة جداً.مادام هناك انتشار للجيش الإسرائيلي في أرجاء قطاع غزة وهذا ما تتجنبه إسرائيل، فهي تحاول التقليل من الانتشار الواسع لقواتها العسكرية في غزة، لأنه يشكل تهديداً حقيقياً على حياة الجنود، بفعل القنص والكمائن من قبل المقاتلين الفلسطينيين. الجيش الإسرائيلي يحاول أن يبقى في الأطراف أكثر من العمق، وبالتالي خطة البلوكات ليست عملية، لأن الجيوش في المعارك تقصّر خطوط القتال الدفاعية، وأينما يتواجد بلوك إسرائيلي هناك نقاط اشتباك بين الطرفين.(المشهد)