يقول جراحان عائدان من الحرب لصحيفة "ذي صانداي تايمز"، إنّ القتلى والجرحى يتم نقلهم على عربات تجرها الحمير، حيث إنّ نقص الغذاء والماء والوقود والأدوية يشكل عبئًا ثقيلًا.
في هذا التقرير نقلت الصحيفة شهادة جراحين عائدين من الحرب: فيكتوريا روز وهي استشارية جراحة تجميل، وجرايم جروم وهو استشاريّ جراحة صدمات وتقويم العظام، وكلاهما يعمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، وهما عضوان في منظمة "Ideals، وهي مؤسسة خيرية تهدف إلى المساعدة في تخفيف حدة الفقر والضيق والمعاناة في أيّ جزء من العالم، متضرر من الصراع و/أو الكوارث الطبيعية. وقد عملا معًا في مستشفى ناصر في غزة من 6 أغسطس إلى 3 سبتمبر.
وقال الجراحان "لقد أصبح الحمار الصبور أكثر من مجرد حمار في غزة. فهو يجرّ عربات المياه وسيارات الأجرة والخردة من كل نوع، كما يسلم الخشب لمواقد الفحم والمنتجات من كل الأنواع، ويجر عربات القمامة، ويتحرك ببطء على طول مسارات رملية بين الملاجئ الهشّة".
وأكد الجراحان أن القمامة منتشرة في كل مكان، ولكنّ العربات تشير إلى وجود إدارة مدنية متبقية بعد 11 شهرًا من الدمار شبه الكامل، كما أشارا إلى التضخم الجامح الذي حوّل غزة إلى أغلى مكان في العالم عندما يتعلق الأمر بأبسط السلع.
وبحسب شهادة الجراحين، فقبل الحرب كان من الممكن أن يصل سعر العربة والحمار إلى 500 جنيه إسترليني، أما الآن فقد أصبح سعرها 3000 جنيه إسترلينيّ على الأقل، وسعر الوقود 17 جنيهًا إسترلينيًا للتر، بعد أن كان 28 جنيهًا إسترلينيًا في ذروته، وسعر البطاطس 115 جنيهًا إسترلينيًا للكيلوغرام.
وأصبحت السجائر عملة قابلة للتحويل؛ فالسيجارة الواحدة تكلّف 12 جنيهًا إسترلينيًا.
وأضافا "هذا ينطبق على أولئك الذين لديهم المال: 80% من الناس لا يملكون المال، حتى أحد زملائنا في جراحة العظام والذي كان مدخنًا، لم يعد قادرًا على تحمل هذه العادة، ومن السخافة أن نفكر في فائدة صحية من مثل هذا الصراع المروع".
وتابعا "باعتبارنا جراحين نعمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، فإننا معتادون على رؤية الصراع الذي يوصف من بعيد بأنه حرب، ولكن عندما ننظر عن قرب إلى غزة، حيث أمضينا شهرًا في العمل في مستشفى ناصر، لا يبدو الأمر وكأنه حرب. بل إنه غير متكافئ إلى حدّ كبير. فجيش قويّ ميكانيكيّ يكافح لهزيمة عدو رشيق ومراوغ، ولكنه يضرب في الغالب الحشود الضخمة من الناس بينهم".
الموت في كل مكان
وقال الجراحان إن أي فلسطينيّ يذهب إلى النوم في غزة، واثقًا من أنه سوف يستيقظ، وأشارا إلى أن الشخص الرائع الذي يدير خدمة نقل الدم في غزة كلها ينام مرتديًا ملابسه، حتى يكون مظهره لائقًا عندما يُقتَل.
وتابعا "كان فادي، ممرض الميدان لدينا، قد عاد لتوّه إلى عمله بعد مقتل ابنه الوحيد في الشارع بصاروخ. ويُظهر مقطع الفيديو الذي تم تصويره بعد الحادث مباشرةً كومةً من الجثث، معظمها من الأطفال، الذين حملهم المسعفون الأبطال مثل الدمى القماشية ولكن بعد فوات الأوان، وكان رأفت في التاسعة من عمره".
وأضافا "كل فلسطينيّ التقينا به كان لديه قصص مماثلة ليحكيها. فنحن نرى الجرحى كل يوم وهم ليسوا وحدهم الذين يتأذون، بل إنّ الجميع يروي قصص آخرين، عادة عن أفراد الأسرة المقربين، فقدوا أو أصيبوا في الوقت نفسه".
(ترجمات)