الطرق المُدمرة والمباني المليئة بطلقات الرصاص، تكشف تفاصيل أكبر معارك الشوارع التي شهدها مخيم جنين منذ الانتفاضة الثانية.ورصدت صحيفة "تايمز" في تقرير لها، الإجراءات الأمنية المشددة حيث يتم استجواب كل من يمر بالمنطقة بينما يقف الجنود الإسرائيليون مدججين بالأسلحة في كل مكان مؤد إلى المخيم.لقد حوّلت سلسلة من العمليات العسكرية الإسرائيلية بمخيم جنين إلى "غزة مصغرة"، كما يقول عصام ندا، 56 عاماً. "يزعم الإسرائيليون أن هناك إرهابيين هنا. لكننا نحن الأبرياء نشعر وكأننا نعاقب".شنت إسرائيل أكبر عملية عسكرية لها في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية قبل عقدين من الزمان في نهاية الشهر الماضي، فاقتحمت المدن الشمالية المضطربة طولكرم والفرح وجنين.مخيم جنين الذي بُني لإيواء اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948 لا يزال سكنا مؤقتا لأغلبية الفلسطينيين الذين يحلمون بالعودة إلى منازلهم القديمة، بحسب شهادات الأهالي.على مر السنين، تم استبدال الخيام بالمنازل، وغطى الأسفلت المسارات الترابية. وتحول مخيم اللاجئين إلى مدينة دائمة، لكن الشعور بالظلم والفقر المدقع ظل قائماً، مما أدى إلى نشوء أجيال من المقاتلين لمواصلة النضال الفلسطيني.دمار هائل في المخيمتزعم إسرائيل أن عملية المخيمات الصيفية، الاسم الرمزي للجيش للهجوم في المدن الشمالية في الضفة الغربية، سوف تحبط المحاولات الإيرانية لتهريب الأسلحة إلى الجهاديين الفلسطينيين.وقال الجنرال الإسرائيلي هيرتسي هاليفي، في زيارة للقوات في جنين: "نحن نعمل على تفكيك الإرهاب الذي يأتي من مخيمات اللاجئين في يهودا والسامرة (مصطلح إسرائيلي للضفة الغربية)".الهجوم وضع إسرائيل في مسار تصادمي مع حلفائها الغربيين، الذين يطالبون بضبط النفس في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وقد أمر بنيامين نتانياهو بشن حملة عسكرية كبرى في الضفة الغربية، بما في ذلك جنين، وهي المدينة التي كثيراً ما تُوصف بعش الدبابير.خلال الغارة التي استمرت 9 أيام على المخيم، والتي بدأت في 28 أغسطس، فقدت إسرائيل جنديًا واحدًا. وقتلت 14 مسلحًا فلسطينيًا، بمن في ذلك وسيم حازم، رئيس "حماس" في جنين، الذي قُتل بالرصاص في كمين ليلي. وقد عُثر على سيارته تحتوي على بنادق M16 ومسدسات ومتفجرات وقنابل غاز وكميات كبيرة من النقود.وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، قُتل 21 شخصًا في جنين خلال الهجوم الإسرائيلي. أحد هؤلاء كانت لجين مصلح، 16 عامًا، التي أصيبت برصاصة في رأسها برصاصة قناص إسرائيلي في قرية قريبة، وفقًا لوالدها. وقالت قوات الدفاع الإسرائيلية إنها تحقق في الحادث.وقد تندلع المعارك مرة أخرى قريباً في جنين، ولكن المدنيين يعملون على إصلاح المدينة رغم ذلك. فالكهربائيون يعيدون توصيل الأسلاك، والسباكون يصلحون الأنابيب المكسورة.ويستمتع رجل ذو شارب أنيق برشّة من معطر ما بعد الحلاقة في صالون الحلاقة رمسيس، على الرغم من أن واجهة المحل بالكامل دمرتها جرافة إسرائيلية، وأن مرآة الحلاقة تصدعت بسبب إطلاق النار.ويقول مالك المحل أيمن أبو الحيات (69 عاماً): "لا أعرف ماذا أفعل، ليس لدي أي أموال لإصلاحها".وفي المخيم، تعرضت بعض المباني للتخريب إلى حد لا يمكن إصلاحه، فضلا عن تدمير الطرق الرئيسية.(ترجمات)