برز موضوع تزويد روسيا بالصواريخ البالستية الإيرانية إلى الواجهة في الأيام الأخيرة، في ظل تقارير تحدثت عن دعم إيراني جديد لموسكو في حربها ضد أوكرانيا، ما أثار ردود فعل غربية. وعلى الرغم من تزويد روسيا بالمسيرات الإيرانية منذ بداية الحرب الروسية – الأوكرانية، إلّا أن التقارير التي كشفت عن تزويد الأولى بالصواريخ البالستية أحدث ردود فعل غير مسبوقة، وصلت إلى استدعاء القائم بالأعمال الإيراني في كييف وسعي الغرب لفرض عقوبات جديدة على طهران، آخرها تلك التي فرضتها لندن على 7 كيانات من ضمنهم شركة لتصنيع الطائرات المسيرة.تزويد روسيا بالصواريخ الإيرانية قبل أيام، قالت واشنطن إنها أبلغت حلفاءها باعتقادها بأن إيران نقلت صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا لاستخدامها في حرب أوكرانيا، بحسب مسؤولين مطلعين على الأمر، لكن لم يتم الكشف عن عدد الأسلحة التي تم تسليمها أو متى قد تكون عمليات النقل قد حدثت، لكنهما أكدا النتائج التي توصلت إليها الاستخبارات الأميركية. كذلك كشفت شبكة "سي إن إن" وصحيفة "وول ستريت جورنال" تقارير تفيد بأن إيران نقلت صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا. وأكدت "وول ستريت جورنال" أن الشحنة تشمل بضع مئات من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، وفقا لمسؤولين غربيين. بدوره، أكد الاتحاد الأوروبي أن حلفاءه تبادلوا معلومات استخباراتية تفيد بأن إيران زودت روسيا بصواريخ باليستية، وحذر من فرض عقوبات جديدة على طهران، إذا تأكدت عمليات التسليم. ردا على هذه التقارير، قالت أوكرانيا إنها استدعت القائم بالأعمال الإيراني شهريار آموزجار للتحذير من "عواقب مدمرة لا يمكن إصلاحها" ستلحق بالعلاقات الثنائية إذا ما ثبتت صحة تقارير تفيد بأن طهران زودت روسيا بصواريخ باليستية. ونددت فرنسا وألمانيا وبريطانيا بتزويد روسيا بصواريخ إيرانية، ملوحةً بفرض عقوبات على إيران. في المقابل، نفى مسؤول إيراني كبير هذه التقارير ووصفها بأنها "حرب نفسية"، بينما وصف متحدث باسم الاتحاد الأوروبي هذه المعلومات بأنها "موثوقة". كذلك نقلت وكالة العمال الإيرانية للأنباء عن العميد فضل الله نوذري نائب قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي قوله "لم يتم إرسال أي صواريخ إلى روسيا وهذا الادعاء هو نوع من الحرب النفسية". وقبل ذلك، رفض مسؤولون غربيون وأوكرانيون بيانات نفي إيرانية قائلين إن هناك أدلة دامغة على أن إيران زودت روسيا بعناصر مثل طائرات مسيرة من طراز شاهد. ذرائع لدعم أوكرانيا؟ في السياق، يقول الأستاذ المساعد في الأكاديمية الرئاسية الروسية ومدير مركز خبراء رياليست د.عمرو الديب في حديث إلى منصة "المشهد" إن "المعلومات التي تحدث عن تزويد روسيا بصواريخ إيرانية بدأت على لسان خبير عسكري بريطاني خلال مقابلة صحفية معه عبر وكالة أنباء بريطانية، وهذا لا يعني أبدا أن المعلومات صحيحة، لكنها تأتي في سياق تطوير العملية العسكرية الأوكرانية ضد روسيا". ويضيف الديب: الغرب يريد أن يطوّر العملية العسكرية الأوكرانية ضد روسيا، وأن يزودها بصواريخ نوعية جديدة. المعلومات تخدم السياق العام للحرب الأوكرانية الروسية، وتخدم مسألة إمكانية إمداد أوكرانيا بأسلحة غربية حديثة. تجارب إيران لم تثبت أبدا أن لديها صواريخ بالستية متطورة جدا. على النقيض من ذلك، يقول المحلل السياسي د. عامر السبايلة في حديثه لـ"المشهد" إن "موضوع تزويد إيران لروسيا بالأسلحة ليس بالجديد، فإرسال طهران طائرات مسيرة إلى موسكو هو موضوع مثبت". الجدير بالذكر أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضغط من أجل الحصول على المزيد من الدعم بالأسلحة، خلال اجتماع قبل أيام عقد مع كبار القادة العسكريين للولايات المتحدة وأكثر من 50 دولة شريكة في ألمانيا. فيما أعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، عن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 250 مليون دولار. وقال أوستن خلال اجتماع في ألمانيا للداعمين الدوليين لأوكرانيا، إن الرئيس جو بايدن سيوقع حزمة مساعدات أمنية جديدة بقيمة 250 مليون دولار لأوكرانيا، ما من شأنه زيادة القدرات لتلبية حاجات أوكرانيا المتطورة.التعاون الروسي – الإيراني تنظر الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى هذا الدعم الإيراني على أنه تحدٍ مباشر للعقوبات الدولية، والتي تهدف إلى تقليص النفوذ العسكري الروسي في أوكرانيا، فيما قد يؤدي التعاون الروسي – الإيراني إذا أثبتت صحته واشنطن إلى فرض المزيد من العقوبات على إيران ومحاولات إضافية لعزلها دبلوماسيًا، خصوصا في حال فوز المرشح الرئاسي دونالد ترامب، المعروف بسياساته المتشددة ضد طهران. ويشرح السبايلة أنه "منطقيا، فكرة تزويد إيران لروسيا بالصواريخ، ليست مستغربة، لكن ليس هناك موقف واضح حقيقي في موضوع التحول في التعامل مع إيران، حيث لا تزال بوابة الدبلوماسية مفتوحة". وفي تعليق جديد اليوم، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن روسيا تسلمت شحنات من الصواريخ الباليستية الإيرانية، مشيرا إلى أن روسيا تنقل لإيران تقنيات تريدها بما في ذلك تقنيات نووية. ويعلق السبايلة على ذلك قائلا: هناك مخاطر كبيرة لمثل هذه الخطوة على روسيا وإيران، وهي تؤكد ما حاولت إسرائيل أن تثبته في الفترة الأخيرة، وبالتالي شرعنة استهداف إيران.بالنظر إلى الدعم الغربي لأوكرانيا، ونقل المعركة إلى الداخل الروسي، والضغط الكبير على إيران، فإن هذه الخطوة محتملة جدا، لكن بلا شك ستكون لها تبعات كثيرة.بينما يرى الديب أن "هذه التصريحات تأتي في سياق الحرب الإعلامية التي يديرها الغرب ضد روسيا من أجل مد كييف بالأسلحة والإمدادات. روسيا أعلنت بناء محطة نووية في بوشهر في إيران، لكن عمليات البناء تعتبر شبه متوقفة الآن، وهذا يتم كاتفاقيات دولية مثلما تفعل روسيا في تركيا أو في مصر أو بنغلاديش". ويعتبر بناء وحدات الطاقة في محطة بوشهر للطاقة النووية أكبر مشروع روسي إيراني، إذ تم توصيل الكتلة الأولى من محطة الطاقة النووية، التي اكتملت بمشاركة روسيا الاتحادية، بشبكة الطاقة الوطنية الإيرانية في سبتمبر2011. حاجة روسيا إلى أسلحة خارجية وتعتبر روسيا من القوى العسكرية الكبرى في العالم، ولديها منظومات صاروخية متقدمة، لكن منذ بدء حربها في أوكرانيا عام 2022، فرضت الدول الغربية عقوبات عليها، الأمر الذي أدى إلى نقص في الإمدادات، ما قد دفعها إلى البحث عن شراكات جديدة، ومنها الشراكة العسكرية مع إيران. ويلفت الديب إلى أن "روسيا ليست بحاجة إلى أسلحة خارجية، فهي دولة عظمى، وهي تحتل المركز الثاني في إنتاج وتصدير الأسلحة في العالم، ولديها كل الإمكانيات المادية والتكنولوجية وغيرها، تجعلها غير محتاجة نهائيا لأي دعم خصوصا في مسألة الصواريخ البالستية". وحول تزويدها بالمسيرات الإيرانية، يشير الديب إلى أن هذا الأمر "مرتبط بتقليل النفقات، والهدف الأول والأخير لها هو أن تكون هذه الطائرة غير مكلفة ماديا بالنسبة لروسيا". فيما يشير السبايلة إلى أنه "نظريا قد لا تحتاج روسيا إلى الترسانة الإيرانية، لكن في ظل استمرار الحرب وتحولها إلى حرب استنزاف، وانتقال المواجهات إلى الداخل الروسي، وتزويد أوكرانيا بسلاح نوعي، كل ذلك يدفع روسيا بلا شك إلى الاستفادة من أي شيء موجود اليوم لدى إيران".(المشهد )