خسائر فادحة تعرّض لها "حزب الله" خلال الأسابيع الماضية بدأت باختراق كبير لأجهزة الاتصال اللاسلكية وتفجيرها ثم أعقبها اغتيال قيادات بارزة في قوة "الرضوان" وهو سلاح النخبة في الحزب، وصولا إلى المشهد الأخير باغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله. وبعد نحو عام من المناوشات المُنضبطة والمحسوبة بين "حزب الله" وإسرائيل، قررت تل أبيب في الأخير أن تصعدّ بشكل غير مسبوق في خطوة اعتبرها قادة تل أبيب خطوة نحو إعادة السكان الإسرائيليين إلى منازلهم في المستوطنات الشمالية. وأمام هذه التطورات الأخيرة، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا في هذه المرحلة من سيخلف حسن نصر الله في قيادة "حزب الله" وما هي سيناريوهات المواجهة المُقبلة مع إسرائيل، في ظل الخسائر الكبيرة في الأشخاص والقواعد العسكرية التي مُني بها الحزب. ووصف محللون في حديث لمنصة " المشهد" الوضع الحالي بـ"المُرتبك" خصوصا في ضوء التصريحات الإيرانية الأخيرة التي دعت إلى التهدئة ورغبتهم في التراجع خطوات إلى الخلف مع بدء مفاوضات تسوية شاملة مع واشنطن. وقال المحللون إنّ هذه التصريحات ربما أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لمزيد من التصعيد، الذي وصل إلى اغتيال الرجل الأول في "حزب الله". وأشاروا إلى صعوبة توقع بديل حسن نصر الله قبل معرفة من قُتل معه من القيادات، بينما رجّح متخصص في الشأن الإيراني أن يكون نائب نصر الله، نعيم قاسم هو الشخص الذي سيتولى المسؤولية خلفه.وأشار المحلل السياسي اللبناني رئيف خوري، لمنصة "المشهد" إلى وجود عدة عوامل سوف تحدد إلى حد كبير السيناريو المقبل لـ "حزب الله" منها:إذا كان الاتجاه نحو التشدد العسكري فمن المؤكد أن تأتي شخصية عسكرية لقيادة الحزب تكون لديها خبرة وباع عسكري.أما إذا كان التحول نحو التهدئة واتجاه "حزب الله" إلى العمل السياسي ربما يكون قائد الحزب شخصية سياسية. هناك أيضا عامل ثالث هو احتمالية أن يأتي الحزب برجل دين إلى سدة الأمانة، فطهران كانت لا تحبذ أن يأتي غير رجل دين إلى رئاسة "حزب الله".هاشم صفي الدين؟وفي التفاصيل، قال رئيف خوري إنه من الصعب معرفة من هو البديل الذي سيقود "حزب الله"، لأنه كان من المستغرب أن يذهب مجموعة من القادة للاجتماع في مكان واحد. وأضاف في حديث لمنصة " المشهد" أنّ الحديث عن هاشم صفي الدين، ابن عمة حسن نصر الله ورئيس اللجنة التنفيذية لـ "حزب الله" كان من ضمن الأشخاص الموجودين في الاجتماع الذي جرى اغتيال نصر الله فيه، لافتا إلى أنه كان من الأسماء المطروحة لقيادة الحزب خلفا لنصر الله.ويُعرف صفي الدين بأنه "ظل نصر الله" وهو الرجل الثاني في الحزب الذي أدار كل الملفات اليومية للحزب وخصوصا أمواله واستثماراته على مدار سنوات طويلة.لسنوات طويلة لم يكن معروفا لدى الأوساط السياسية اللبنانية لكن الظروف الأمنية والتهديدات العديدة لحسن نصر الله دفعت به للواجهة إذ صار يعوضه في مناسبات كثيرة من بينها المشاركة في جنازات كبار قادة الحزب.وككل قيادات "حزب الله" فإن هاشم صفي الدين مدرج على قائمة المطلوبين لدى الخزانة الأميركية.ينتمي لعائلة لها حضور اجتماعي كبير في بلدته دير قانون النهر في منطقة صور ومتزوج من ابنة محمد علي الأمين، عضو الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وابن عمه النائب السابق محمد صفي الدين. بدوره، قال المحلل السياسي اللبناني، جان الفغالي في حديث لمنصة "المشهد" إنّ هاشم صفي الدين هو المرشح الأبرز لقيادة الحزب عقب اغتيال نصر الله.وأضاف الفغالي:سيتم اختيار أمينا عاما للحزب وتعيين نوابه ومساعديه.سيلجأ "حزب الله" إلى التهدئة في ضرباته في الفترة المقبلة.سينتظر الحزب كلمة السر من إيران والتي في الغالب ستلجأ إلى خفض التصعيد.إيران تراجعت عن تصريحاتها التصعيدية وستنخرط في مفاوضات مع واشنطن.نعيم قاسم؟وأوضح المحلل السياسي اللبناني، أن نعيم قاسم النائب الأساسي لنصر الله كان أيضًا نائب الأمين العام السابق، عباس الموسوي، الذي جرى اغتياله في العام 1992 ورفض حينها تولي قيادة الحزب ومن المرجح أن يرفض أيضًا هذه المرة. جرى تعديل النظام الداخلي للحزب خلال الفترة الماضي حتى يظل حسن نصر الله أمينا له، بينما هو في الفترة الأخيرة كان يُفضل أن يأتي بشخص جديد بدلا عنه. المبكر جدا أن نتحدث عن خليفة حسن نصر الله قبل أن نعرف من هم القيادات التي قُتلت معه في هذه الضربة".في المقابل، رجّح المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور محمد عبادي، في حديث لمنصة "المشهد" أن يتولى نعيم قاسم قيادة الحزب في الفترة المقبلة، باعتباره النائب الأول لحسن نصر الله إلى أن يتم انتخاب شخصية جديدة. وقال: التنظيمات العسكرية مثل "حزب الله" متأثرة بالفكر الشيوعي فيما يخص تسلسل القيادات.في الغالب هناك 3 قيادات في الظل جاهزون لتولي القيادة خلفا لحسن نصر الله.ماذا بعد اغتيال حسن نصر الله؟ وحول طبيعة قيادة "حزب الله" الجديدة، أوضح خوري:قدوم الرئيس الإيراني الجديد المنتمي للتيار الإصلاحي، مسعود بزشكيان، بالإضافة إلى التصريحات الإيرانية التي جاءت على لسان بزشكيان في نيويورك باستعدادها إلى وضع السلاح جانبا وتمد يدها للأميركيين وكذلك بعد تصريح المرشد الأعلى بالانتقال من مرحلة الصبر الإستراتيجي إلى مرحلة التراجع التكتيكي كلها قد تؤدي إلى وصول شخصية سياسية إلى أمانة "حزب الله". العوامل الداخلية لـ"حزب الله" ليست هي من تحدد من سيخلف حسن نصر الله ولكن أيضا هناك عوامل داخلية في لبنان منها السياسية الداخلية للبلاد وكذلك دور "حزب الله" في المنطقة وسياسة إيران.وقال المحلل السياسي اللبناني: "ما جرى على أرض الميدان من اغتيالات واسعة وإخراج حوالي 3500 مقاتل من ميدان المعركة سواء بالقتل أو الإصابة بالإضافة إلى القصف العنيف... جميع هذه العوامل على الأرجح تشير إلى تراجع (حزب الله)".وتوّقع خوري أن تسير الأمور إلى اتجاه تسوية سياسية وإعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد وفك الاشتباك بين جبهتي لبنان وغزة وهو الأمر الذي كان يرفضه "حزب الله" في السابق.(المشهد)