أعادت مفاوضات وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل الأضواء على أسرى المؤبد، أبرزهم القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، كجزء تشترطه "حماس" يفضي لاتفاق وقف القتال في غزة، نظراً لخصوصيته وسيرته النضالية، وشعبيته بين الفلسطينيين، وفي عين الأغلبية الشخصية المؤهلة لقيادة السلطة الفلسطينية بعد محمود عباس، فهو بنظرهم رجل الشارع ويحظى بقاعدة شعبية.وعلى ما يبدو تخشى إسرائيل من الإفراج عن مروان البرغوثي، لأنها تدرك الثقل الذي يمثله على المستوى الداخلي الفلسطيني، قد يتمكن من تعزيز برنامج الخلاص الوطني وإنهاء الانقسام بين "فتح" و"حماس"، وبالتالي سيعاد الدور التقليدي والطبيعي لحركة فتح في قيادة المشروع الوطني الفلسطيني، ضمن وحدة وطنية واحدة.في وقت تتصاعد المطالب في إسرائيل بالإفراج الفوري عن الأسرى لدى "حماس"، تتزايد الضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للتوصل إلى اتفاق، تشير التقديرات الإسرائيلية المتعلقة بمفاوضات الهدنة، بعد أن طرحت "حماس" وإسرائيل شروطها، بأن جوهر الخلاف القائم حالياً، ليس في عدد الأسرى الذين ستضطر إسرائيل إلى إطلاق سراحهم، مقابل المحتجزين في غزة، بل في نوعيتهم، عقبة كأداء يبدو أن التفاوض سيطول بسببها.مانديلا فلسطين أو مروان البرغوثيمروان البرغوثي (65 عاماً) ولد في قرية كوبر قضاء رام الله، قيادي في فتح جمع السياسة والنضال، فهو عضو في اللجنة المركزية للحركة رغم أسره، وزعيم التنظيم المسلح فيها، أسسه عام 1995، وأسير منذ عام 2001، إذ حكمت عليه إسرائيل بخمسة مؤبدات و40 عاماً، استمد شعبيته من تاريخه الحافل بالنضال. يرفع البرغوثي شعار "الوحدة الوطنية قانون الانتصار، وأن شركاء الدم هم شركاء في القرار، والشركاء في الميدان شركاء في البرلمان"، شارك في الانتفاضة الأولى 1987، وكان أحد أبرز وجوه الانتفاضة الثانية 2000، اعتقل وأبعد أكثر من مرة، تعرض لمحاولات اغتيال إسرائيلية، وقام بتأسيس الشبيبة الفتحاوية في بداية الثمانينيات، والتي قادت الشارع الفلسطيني. انتخب في المجلس التشريعي والمجلس الثوري لحركة فتح في تونس، كان أصغر الأعضاء سناً 27 عاماً، وفاز في المجلس التشريعي، وكذلك في اللجنة المركزية لحركة فتح بأعلى الأصوات، وهو دكتور أكاديمي في جامعة القدس، كل هذه الصفات أعطته شعبية مستمرة، وبحسب المركز الفلسطيني للأبحاث برز البرغوثي كمرشح مفضل في الانتخابات الرئاسية.حريّته في صالح "حماس"؟وحول التمسك المطلق من قبل حركة "حماس" بالإفراج عن البرغوثي ضمن أي صفقة مع إسرائيل يوضح لمنصة "المشهد" القيادي في حركة فتح د. جمال حويل:أولاً، إدراك حركة "حماس" بأن مروان البرغوثي فصيل وطني لكل الفلسطينيين، وتريد صفقة تشمل قادة من فتح والجهاد والجبهة الشعبية، وتعي أهمية الإجماع بالنسبة للشارع الفلسطيني، لتعزيز مكانتها.ثانياً، تحريرها للبرغوثي يصب في مصلحتها، فهو يتمتع بعلاقات طيبة مع حركة "حماس" التي هي بحاجته للتحاور والتلاقي ومن ثم التحالف، فلا يمكنها إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني بمعزل عن حركة فتح المعترف بها دولياً، بينما "حماس" على قوائم الإرهاب.ثالثاً، اعتبارت وحسابات "حماس" للمرحلة التي ستلي الحرب، فهي تتطلع للشراكة مع البرغوثي الذي يريده الشارع الفلسطيني رئيساً جديداً، فهو يؤمن بالفكرة والعمل والشراكة التي تتعلق بالوحدة الوطنية، وحماس لاتستطيع القيام بذلك وحدها.ورغم الخسائر الفادحة في غزة منذ نشوب الحرب، يرى د.حويل بأنها "حرب التحرير من إسرائيل، وسيدفع الشعب الفلسطيني أثمانا غالية، وتجارب الشعوب أثبتت بأن الخلاص يكون بالطريقة ذاتها من الخسائر والأرواح، وتأتي في سياق حرية وطن وليس فقط من أجل تحرير الأسرى، هي تراكمية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965، وقامت بتحولات استراتيجية خصوصا على الساحة الإسرائيلية العسكرية، ودمرت الصورة الخارقة لإسرائيل".إطلاق سراح البرغوثيفي المقابل، يرى المحلل السياسي آفي ميلاميد أنه "في حال وافقت إسرائيل على إطلاق سراح مروان البرغوثي ضمن أي صفقة تبادل للأسرى مع حركة "حماس"، سيكون لصالح "حماس" في الصراع مع إسرائيل، وبالتالي تقوية موقف الحركة على حساب السلطة الفلسطينية، ويصبح لديها شعبية واسعة في الشارع الفلسطيني، إسرائيل لا تريد تعزيز موقفها (حماس) بين الفلسطينيين وتعطيها صورة انتصار بهذه الطريقة". ويتوقع ميلاميد أنه "في حال تم الإفراج عن البرغوثي سيكون هناك شروط توضع عليه، وما يخص تفاصيل اليوم التالي للحرب، ربما البرغوثي سيكون الحل المتجدد للسلطة الفلسطينية في ظل الأحاديث عن تآكلها، ودخوله المعادلة السياسية يعيد هيكلة مشهد السلطة الفلسطينية بشكل كامل، وبالتالى التعامل مع أشخاص آخرين بمعطيات أخرى".(المشهد)