توترات جديدة ومُتصاعدة في العلاقات الجزائرية الفرنسية، زادت حدّتها خلال الشهر الماضي بعد أنّ اتهمت الجزائر باريس بمحاولة زعزعة استقرار البلاد.وفي آخر التطورات أوقفت السلطات الفرنسية، عددًا من المؤثرين الجزائريين المُقيمين على أراضيها بتهمة الإرهاب والحض على العنف والكراهية في خطوة تحوّل التوتر الدبلوماسي بين البلدين إلى توقيفات وتوقيفات مضادّة."المؤثرون" الجزائريون في فرنسا السلطات الفرنسية اعتقلت 3 مؤثرين جزائريين يحظون بمتابعة واسعة على منصة "تيك توك" بتهم الاشتباه في التحريض على الإرهاب.وقالت وسائل إعلام فرنسية إنه تم القبض على 3 مؤثرين جزائريين موجودين على الأراضي الفرنسية بعد دعواتهم للكراهية بما في ذلك ارتكاب هجمات في فرنسا، لافتة إلى أنه من المقرر أن يتم محاكمة المؤثر الأول في فبراير المُقبل، في حين تم وضع المؤثر الثاني تحت المراقبة القضائية تمهيدا لمثوله أمام القضاء الاثنين المقبل. كما تم إلقاء القبض على مؤثر جزائري ثالث وتم توجيه أوامر مغادرة من فرنسا للمؤثرين الثلاثة، وفقًا لوسائل إعلام.وتأتي التوقيفات الفرنسية بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الذي قال إنّ بلاده تساورها شكوك حيال رغبة الجزائر في إحياء العلاقات الدبلوماسية، مُعربًا عن مخاوفه بشأن قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الموقوف في الجزائر منذ أسابيع.إعادة هيكلة العلاقات في التفاصيل، كشف المحلل السياسي الفرنسي، بيير لوي ليمو، أنّ الأشخاص الموقوفين في فرنسا تلقوا أوامر مغادرة من فرنسا، ولم يتم تنفيذ هذه الأوامر، قائلا "هذا الموقف يشكل اختباراً على مدى إمكانية تنفيذ أوامر المغادرة وأيضا على استعداد الجزائر لضمان التعاون الأمني بغض النظر عن أيّ اعتبارات تتعلق بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين".وأضاف في حديث لمنصة "المشهد"، أن قضية الموقوفين الجزائريين ملف يجب حله وفقًا للإجراءات القانونية ويجب فصلها عن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.وأشار المحلل السياسي الفرنسي، إلى أن الموقوفين الجزائريين ستتم محاكمتهم وسيتم النظر في احتمالية أن يتم تنفيذ أمر المغادرة.ورأى أن وقوف فرنسا بجانب المغرب فيما يخص مغربية الصحراء مسألة أساسية في توتر العلاقة بين الجزائر وباريس، مشيرا إلى أن العلاقات الجزائرية الفرنسية تحتاج إلى تفاهمات يتم من خلالها بناء وإعادة وتيرة العمل الدبلوماسي المشترك.وأكد المحلل الفرنسي، أن العلاقات بين البلدين تحتاج إلى إعادة هيكلة عبر تحركات كبرى لاستعادة العلاقات لكي تحدث انفراجة في الأزمة، لافتا إلى أن الموقف الفرنسي من أزمة الصحراء هو جزء أساسي من توتر العلاقات.التحريض على الإرهاب وتناولت تقارير إعلامية فرنسية، قرار القبض على 3 مؤثرين جزائريين بتهم تتعلق بالتحريض على الإرهاب والعنف، حيث وصف نائب رئيس الجبهة الوطنية الفرنسي، سيباستيان تشينو، موقف المؤثرين الجزائريين بأنها "حملة لزعزعة استقرار فرنسا" وزعم أن هذه الحملة يتم دعمها من أشخاص مقربين من الحكومة الجزائرية.وقال "ما زلنا نجد على أرضنا أناساً يدعون للاغتصاب، ويدعون للحرق، ويدعون لارتكاب الجرائم، ويؤيدون الإرهاب. وهم يتمتعون بالحرية الكاملة في فرنسا، بينما على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، يعيش مواطننا بوعلام في السجن... لدينا على أراضينا أشخاص يستحقون الطرد".وفي خضم الحديث عن العلاقات المتدهورة مع فرنسا، تناول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للمرة الأولى الأحد الماضي قضية توقيف الكاتب بوعلام صنصال، واصفا إياه بـ"المحتال" المبعوث من فرنسا.والصنصال هو معارض للسلطة الجزائرية ومولود لأم جزائرية وأب من أصول مغربية وموقوف منذ منتصف نوفمبر الماضي بتهمة تعريض أمن الدولة للخطر.العلاقات الفرنسية الجزائرية من جانبه، شنّ عضو مجلس النواب الجزائري، علي ربيج هجومًا على السلطات في فرنسا واتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالوقوف خلف تصاعد التوتر بين البلدين.وقال في مقابلة مع قناة "المشهد"، "ماكرون ضيّع أكثر من فرصة لإصلاح ما يمكن إصلاحه في العلاقات الفرنسية الجزائرية ولكن يبدو أن إصرار ماكرون وحكومته على الفشل هو السبب في تدهور العلاقات".وزعم ربيج أن الحكومة الفرنسية تكيل بمكيالين فيما يتعلق بالتحريض على العنف، وذلك تعقيبا على توقيف مؤثرين جزائريين، لافتا إلى أن الجزائريين في فرنسا يتعرضون باستمرار إلى تصرفات عنصرية وتحريض من قِبل اليمين المتطرف في فرنسا ولا تقوم السلطات بأيّ خطوة تجاه وقف هذا التحريض.ونفى عضو مجلس النواب الجزائري أن يكون للحكومة الجزائرية أي علاقة بالمؤثرين الموقوفين في فرنسا، قائلا "نحن لسنا مسؤولين عن أشخاص يتحدثون في المنصات الإلكترونية ولا يمكن أن يكونوا معبرين عن الحكومة الجزائرية".وفيما يتعلق بقضية الكاتب بوعلام صنصال قال ربيج، إنّ صنصال تحرش بالوحدة الترابية الجزائرية، وهناك اتهامات وأدلة واضحة تُثبت ذلك. في المقابل، أشار البرلماني الجزائري إلى أن المخابرات الفرنسية قامت بتوظيف بعض الإرهابيين للعمل لصالحها، في إشارة إلى ما أعلنت عنه السلطات الجزائرية مع بداية تصاعد الأزمة.وحول فرصة عودة العلاقات بين البلدين، قال "يجب أن تعترف فرنسا بكل جرائمها السابقة في الجزائر قبل أن يتم تحسين العلاقات".(المشهد)