مع بزوغ فجر يوم الاثنين، بدأت مشاهد مؤثرة في قطاع غزة، حيث تدفق آلاف النازحين من الجنوب باتجاه شمال القطاع سيراً على الأقدام، محملين ببقايا أمتعتهم وأثقال مآسيهم. طريق العودة احتشد شارع الرشيد الساحلي بطوابير طويلة من الغزيين، الذين تحركوا نحو شمال القطاع الأكثر تضرراً جراء حرب مدمرة استمرت أكثر من 15 شهراً، وبينما تمنوا العودة إلى منازلهم، فإن معظمهم كانوا يدركون أنهم يعودون إلى أنقاض ما كان يوماً منازلهم. في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية في غزة عن إجراءات لتنظيم العودة، حيث لن يُسمح للمركبات باستخدام شارع الرشيد الساحلي. أما شارع صلاح الدين، فقد فُتح للمركبات في اتجاه واحد نحو الشمال عند الساعة 9 صباحاً، مع إخضاعها لفحص أمني شامل. اتفاق وقف إطلاق النارجاءت هذه العودة في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جاء بعد مفاوضات معقدة شاركت فيها أطراف دولية بينها مصر وقطر والولايات المتحدة. وكانت إسرائيل رفضت خلال اليومين الماضيين فتح هذا الممر من أجل عبور النازحين نحو الشمال، ما لم تفرج حماس عن المحتجزة الإسرائيلية أربيل يهود. وأعلنت إسرائيل أنها ستسمح بعودة النازحين تدريجياً، بدءاً بالمشاة ثم المركبات بعد استكمال الفحوص الأمنية. على الجانب الآخر، بدأت قوات الجيش الإسرائيلي الانسحاب من محور نتساريم، الذي يقسم القطاع إلى نصفين، وفق ما أكدته وسائل إعلام إسرائيلية.قضية المحتجزين شكلت قضية المحتجزين الإسرائيليين عائقاً رئيسياً أمام فتح الممرات للنازحين، إلا أن حركة "حماس" أعلنت التزامها بالإفراج عن ثلاث محتجزات إسرائيليات، منهن أربيل يهود، ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق. وأكدت الحركة الفلسطينية أنها قدمت قوائم بالعدد المتوقع للمحتجزين الذين سيتم الإفراج عنهم، في حين كشف المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن المرحلة الأولى ستشهد الإفراج عن أسرى على دفعات تبدأ يوم الجمعة. وسط الجهود الدولية لتحقيق تهدئة شاملة، يظل مشهد النازحين العائدين رمزاً لمعاناة مستمرة في غزة، حيث تترقب الأنظار مدى التزام الجانبين بتنفيذ الاتفاقات وتحقيق الاستقرار الذي طال انتظاره في المنطقة. (وكالات)