يشهدُ العراق جدلًا كبيرًا بعد تصاعدِ الحديث عن دعواتٍ لتشكيل إقليمٍ سنّي على غرارِ إقليم كردستان.المقترحُ الجديد القديم عاد إلى الساحة العراقية بعد إقالة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، كون إقالته فُسرت على أنها اغتيال للهوية السنية في العملية السياسية العراقية، ليخرج حينها رئيس مجلس القضاء الأعلى، ويعلن رفضه لفكرة إنشاء إقليم سني، واصفًا إياها بالتهديد لوحدة العراق وأمنه.الإقليم السني في العراق لكنّ الجدل الدائر بين العراقيّين اليوم، هو أنّ المقترح كما يصرّ مؤيدوه، لا يخالف الدستور حيث تجيزه المادة 119 من النظام الفيدرالي.لكن مما لا شك فيه، أنّ هذا المشروع أي الإقليم السنّي، سيواجه في جغرافيته المجاورة لإقليم كردستان، ملفات معقّدة سياسيًا وأمنيًا تتعلق بحدود نينوى وكركوك وصلاح الدين، كما أنّ وجود فصائل مسلحة شيعية في المناطق السنية بعد طرد "داعش"، يضع صعوبات كبيرة أمام المقترح، لأنّ هذه الفصائل تمارس أدوارًا سياسية واقتصادية وأمنية، من أولوياتها إجهاض أيّ مشروع سنّي بحسب مراقبين.ومن الجدير بالذكر، أنّ فكره إنشاء إقليم سنّي تعود لعام 2003، حين حاول أطراف عدة إعادة الهويه السنية إلى العملية السياسية العراقية في عام 2007. طرحت الولايات المتحدة كذلك الفكرة عبر تقسيم العراق إلى ثلاث مكونات شيعية وسنية وكردية.فكرة بايدنوفي هذا الشأن، قال الباحث في الشؤون العراقية رعد هاشم لقناة "المشهد": "موضوع إنشاء إقليم سنّي كان مطروحًا منذ منتصف التسعينيات من قبل الرئيس الحاليّ جو بايدن، حينما كان نائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، وحتى حينما كان سياسيًا ضمن حزب الديمقراطيّين، وطرح في ذلك الوقت بايدن فكرة تقسيم العراق إلى أقاليم".وتابع هاشم قائلًا: "الفكرة كانت أيضًا مطروحة من وقت المعارضة العراقية بالتسعينيات، وقد تجددت في عام 2003 وعام 2007، بل حتى في السنوات التي سبقت سيطرة "داعش".وأردف هاشم قائلًا: "فكرة إنشاء الإقليم السني رجعت إلى الواجهة من جديد، بسبب الانسداد السياسيّ والافلاس السياسيّ عند البعض، والذين يرون أنّ مصلحتهم تقضي بإثارة مثل هذه الموضوعات التي قد يجدون لها آذانًا مصغية من قبل الجمهور".تأثيرات إيرانية وأميركية على الدستورواستطرد هاشم قائلًا: "إنشاء إقليم سنّي هو بالحقيقة مصادرة للقرار السني، ومصادرة للقرار الكرديّ في كثير من الأحيان، على الرغم من أنّ لديهم إقليمًا ونفوذًا واسعًا جدًا، واستحواذًا على القرار، وقيادة مركزية واضحة لإدارة البلد، التي تتعارض حتى مع النهج الديمقراطي".وأكد هاشم قائلًا: "الدستور وُضع في ظروف معقّدة ومركبة، وفيه تأثيرات إيرانية وأميركية كبيرة، وهذا الدستور رفضته بعض المحافظات السنية، لكنه مُرّر برغبة شيعية- كردية".لا مصادرة لصلاحيات المكون السنيوفي سياق متصل، قال الباحث السياسيّ واثق الجابري لقناة "المشهد": الدستور العراقيّ واضح، وأنّ النظام في العراق نظام اتحاديّ فيدراليّ ديمقراطي. بالتالي السلطات موزعة بين المحافظات.وهناك قوانين لمجالس هذه الأخيرة بهدف حفظ حقوقها، ومن ضمنها القانون 21 سنة 2008، الذي أعطى حقوقًا للمحافظات للمشاركة في الحياة السياسية، وتحويل جزء من الصلاحيات إليها باعتبارها جزءًا من هذا النظام.وتابع الجابري قائلًا: "كل المحافظات ممثلة في الانتخابات، والقرارات السياسية تُتخذ بالتفاوض بين القوى السياسية بالتوافق وليس بالأغلبية، وهذا كله يعني أنه لا وجود لفرض قرارات على طائفة معينة، بالتالي المكون السنّي يتمتع بكل الصلاحيات، من ناحية تمثيله في الحكومة الاتحادية، وأيضًا في الحكومات المحلية، وهو وممثّل أيضًا في البرلمان".وعند سؤاله عن موضوع إنشاء الإقليم السني المستجد وهل سيبصر النور، قال الجابري: "هناك اختلاف في وجهات النظر، ولكن علينا أن نثق بالعملية الديمقراطية، ولا أعتقد أنّ هذا الإقليم سيبصر النور، وذلك يعود لأسباب كثيرة، أهمها أنّ وجود مكون سني لوحده، لا يمكن أن ينجح الحياة السياسية العراقية، وأعتقد أنّ الحديث عن هذا الإقليم في الوقت الحاضر، هو ليس إلا ضغطًاا على الحكومة أو من أجل إحراز مكاسب سياسية".(المشهد)