يُذعر تراجع مخزون المياه في تونس الخبراء والمختصين الذين يواصلون دق ناقوس الخطر محذرين من خطورة الوضع ودقته.والثلاثاء أعاد المرصد التونسي للمياه، الدعوة إلى إعلان حالة طوارئ مائية.وقال رئيس المرصد أحمد الطبابي لمنصة "المشهد" إن مخزون السدود من المياه تراجع بنسبة 23.2% مع الأسبوع الأخير من أغسطس 2024، مؤكدًا أن كميات المياه المتوفرة حاليًا في السدود لا تكفي إلا لمدة قصيرة.وأوضح أنه يصعب تحديد تلك المدة بدقة لكنه قدر أنها لا تتجاوز الـ 60 يومًا قائلا: "مع تواصل ارتفاع درجات الحرارة التي تساهم في تبخر المياه بسرعة مقابل عدم تسجيل تساقطات مطرية هامة لن يكون المخزون الحالي كافيًا إلا لبضعة أسابيع".كما أكد أن المخزون المائي في السدود تراجع إلى 545.683 مليون متر مكعب مقابل 686.328 مليون متر مكعب في نفس الفترة من عام 2023.تواصل الجفاف وللعام السادس على التوالي تعيش تونس على وقع موجة جفاف تسببت في تراجع كبير لمخزونها من المياه والذي بلغ مستويات "حرجة وغير مسبوقة"، وفق ما أكده مختصون ومنظمات تعنى بالشأن البيئي.وتعتبر تونس من بين أكثر الدول التي يهددها التغيير المناخي.وتحتل تونس المرتبة الـ 33 عالمياً من بين أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفقاً لمعهد الموارد العالمية الأميركي.وبخصوص نسبة امتلاء السدود، إلى حدود تاريخ الثلاثاء 27 أغسطس 2024، فقد اختلفت حسب الجهات، ليصل معدل امتلاء سدود الشمال إلى 27.9% بينما كانت نسبة امتلاء سدود الوسط حوالي 7%، وبلغ معدل امتلاء سدود الوطن القبلي 3.6%.وفي نشرية سابقة بيّن مرصد الفلاحة أن نسبة امتلاء السدود التونسية بلغت 24,1%، وقد سجل سد سیدي سالم أكبر السدود التونسية وسد سيدي البراق نسبة امتلاء بلغت على التوالي 20% و37,1%.ويعيش أكثر من 650 ألفاً من سكان الأرياف التونسية من دون مياه جارية في المنزل، ويقطن نصفهم تقريباً بعيداً عن مصدر مياه، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة صدر العام 2023.ما معنى حالة الطوارئ المائية؟ ويقول الطبابي إن إعلان حالة الطوارئ المائية هو قرار تتخذه الحكومات وتدعو له المنظمات عند تسجيل أرقام مفزعة "وهو ما ينطبق حاليا على الوضع في تونس" وفق تعبيره.ويوضح أن نسبة مخزون المياه المتوفرة حاليا بالسدود لا يمكن استغلالها بالكامل ويقول "علميا لا يمكن ترك السدود دون ماء، هناك دائما مخزون من المياه يجب أن يظل بالسدود حفاظا عليها".وعن الإجراءات التي لا بد من اتخاذها عند إعلان حالة الطوارئ المائية يقول إنه لا بد من التشدد في استعمال ما تبقى من مخزون للمياه وذلك من خلال ترشيد استهلاكه والتشديد على القطاعات المستنزفة والمستهلكة له بكميات كبيرة والتوجه نحو ترتيب الأولويات.ومن بين أبرز هذه الإجراءات وفق الخبير التونسي:وقف الزراعات المستهلكة للمياه مقابل إقرار تعويضات للمزارعين الذين سيفقدون مورد رزقهم.وقف نشاط الشركات الصناعية التي تستهلك نسبة كبيرة من الماء.تشديد الرقابة على القطاع السياحي أين تستعمل الفنادق كميات كبيرة من المياه.تشديد الرقابة على المسابح الخاصة.منع حفر الآبار العشوائية المنتشر في مدن كثير من دون رقابة والذي يستنزف الطبقات المائية.منع الشركات التي تصدر بشكل كلي لمنتجات مستهلكة للماء بكميات كبيرة مثل الطماطم.أي حلول ممكنة؟ وعن الحلول التي لا بد من التوجه لها لمعالجة هذه الأزمة يؤكد الطبابي "نحن اليوم أمام وضع خطير وعلينا أن نقر بذلك ونواجهه من خلال استعجال إيجاد حلول تساعدنا على تجاوز مرحلة الخطر".وفي الصدد يشدد على ضرورة:صيانة شبكة توزيع المياه خصوصا وأن نسبة ضياع المياه بسبب اهتراء القنوات تقدر بنحو 25%.الدعوة للتوجه نحو رسكلة المياه المستعملة ومعالجتها بهدف استخدامها لأغراض أخرى مثل الري والتنظيف.التفكير في حلول لمجابهة عملية التبخر على مستوى السدود.وكانت تونس أقرت منذ عام 2022 سياسة تقسيط المياه الصالحة للشرب وحجرت استعمالها في مجالات عدة من بينها الأغراض الفلاحية وريّ المساحات الخضراء، وتنظيف الشوارع والأماكن العامة وغسل السيارات معلنة عن عقوبات مشددة لمن يخالف هذه القرارات.التوجه نحو الاستمطار وتفكر السلطات التونسية في اللجوء لتقنية الاستمطار كواحد من الحلول المستعجلة لمواجهة شح المياه.وقالت وزارة الزراعة إن السلطات تُفكّر في تجربة اعتماد الأمطار الصناعية فوق البحيرات الصغيرة"، وكان وزير الزراعة السابق قد كشف عن تشكيل لجنة وطنية تضم كفاءات متخصصة من أجل اكتساب الخبرات اللازمة في تقنية الاستمطار التي باتت تعتمدها العديد من البلدان لحل أزمة الجفاف. ويتوقع أن تستعين تونس بفريق إندونيسي لتنفيذ تجربة الاستمطار.(المشهد - تونس)