قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إنّ أيّ صفقة أسرى مبنية على افتراض أنّ وقف إطلاق النار المطول الذي ستترتب عليه، سيؤدي أيضًا إلى وقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية.ومن بين الذين ينتظرون بفارغ الصبر وقف إطلاق النار هذا، 5 دول تحاول إخراج لبنان من أزمته الاقتصادية والسياسية، وهي السعودية وقطر ومصر وفرنسا وأميركا. قبل أسبوعين، اقترحت فرنسا وقفًا كاملًا لإطلاق النار في الشمال، وانسحاب "حزب الله" إلى مسافة 10 كلم بعيدًا عن الحدود الإسرائيلية، ونشر 15 ألف جنديّ لبنانيّ على طول الحدود، على أن تتبعه مفاوضات بين البلدين بشأن تسوية سلمية، والترسيم النهائيّ لحدود لبنان وإسرائيل الدولية.ويتمسك "حزب الله" بموقفه بأنّ أيّ تحركات أو مفاوضات دبلوماسية أو عسكرية مشروطة بوقف إطلاق النار في غزة. وتطالب إسرائيل من الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران بالتحرّك بعيدًا، إلى الجانب الآخر من نهر الليطاني، كما هو مطلوب بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية في عام 2006.وقالت مصادر دبلوماسية مشاركة في المحادثات، إنّ المبعوث الأميركيّ الخاص لهذه القضية عاموس هوكستاين، يعتقد أنّ المفاوضات مع الحكومة اللبنانية لن تكون ممكنة من دون وقف إطلاق النار في غزة. وفي المقابل، تعتقد فرنسا أنّ من الممكن ترتيب وقف منفصل لإطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حتى قبل التوصل إلى اتفاق في غزة. ومن وجهة نظر هوكستاين، يجب أن تركّز المفاوضات على ترسيم الحدود البرية، لأنّ ذلك قد يؤدي إلى تحييد المطالبات الموجهة ضد إسرائيل من قبل كل من "حزب الله" والحكومة اللبنانية، وإجبار الأخيرة على إرسال قوات إلى الحدود لفرض سيادتها على "كامل الأراضي اللبنانية". لكنّ الخطة الأميركية لا تقدم أيضًا أيّ آلية لإجبار "حزب الله" على الانسحاب إلى خلف الليطاني وتفكيك قواعده القريبة من الحدود، على الرغم من أنّ بعض قواته على طول الحدود قد غادرت بالفعل.معركة "حزب الله"وتشير الصحيفة إلى أنّ الضغط الداخليّ داخل لبنان، قد يؤدي إلى نقطة تحول، خصوصًا أنه ينبع جزئيًا من أكثر من 120 ألف نازح أُجبروا على الفرار من قراهم في جنوب لبنان واللجوء إلى مدن أبعد من الحدود. لكنّ الأهم على ما يبدو هو المعركة التي حاصر فيها "حزب الله" نفسه حول شرعية حملته ضد إسرائيل باسم "جبهة موحدة". وصلت هذه المعركة إلى ذروتها الاثنين الماضي، عندما ألقى الرئيس اللبنانيّ السابق ميشال عون قنبلة علنية في مقابلة مع محطته التلفزيونية محلية. وقال عون إنّ لبنان "ليس مرتبطًا بغزة من خلال اتفاق دفاعي، والربط بين الجبهات أمر يخص جامعة الدول العربية". وأضاف: "التصريح بأنّ مشاركتنا في الحرب هي ضربة استباقية ضد العدوان الإسرائيليّ على لبنان، هو مجرد مسألة رأي، لأنّ الشروع في هذا الصراع لم يقلّل من التهديد، بل زاده".ويتمتع عون بنفوذ سياسيّ كبير في لبنان حتى بعد انتهاء ولايته الرئاسية، خصوصًا أنّ صهره جبران باسيل الذي يتزعّم الحركة الوطنية الحرة، يريد هو نفسه أن يصبح رئيسًا للبنان. وأشارت الصحيفة إلى أنّ عون وحزبه متحالفان مع زعيم "حزب الله" حسن نصر الله، وهذا التحالف ضروريّ لتعزيز موقف الحزب ضد خصومه السياسيّين. وتشمل هذه الأحزاب، حزب الكتائب بزعامة سامي الجميل، وحزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، وأحزاب سنية عدة، في مقدمتها حزب المستقبل بقيادة سعد الحريري (الذي اغتيل والده رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في عام 2005)، بالإضافة إلى البطريرك المارونيّ بشارة الراعي، الذي هاجم بشدة في الأسابيع الأخيرة "حزب الله" وحربه مع إسرائيل. تآكل الشرعيةقال باسيل بعد تصريحات عون: "لا ينبغي أن يكون لبنان مثقلًا بمسؤولية تحرير فلسطين؛ هذه هي مسؤولية الفلسطينيّين. نحن لا نؤيد 'الجبهة المتحدة' أو ربط لبنان بجبهات أخرى. وعلى وجه التحديد، نحن نعارض تكييف إنهاء الحرب في جنوب لبنان على إنهاء الحرب في غزة". ومن الناحية العملية، أعطى عون "حزب الله" دعمه للاحتفاظ بسلاحه حتى بعد انتهاء حرب لبنان الثانية بالقرار رقم 1701، الذي يطالب بنزع سلاح المنظمة. ولكنها الآن تؤدي إلى تآكل خطير في شرعية الرابط الذي أقامه "حزب الله" بين لبنان وغزة. وأكدت الصحيفة أنّ وقف إطلاق النار في غزة أمر ضروريّ لـ"حزب الله" كي يتمكن من استعادة السيطرة الكاملة على العمليات السياسية في لبنان، وإزالة اتهامات منافسيه والاستعداد للحملة المهمة والمتعلقة بتعيين رئيس. (ترجمات)