في سابقة تاريخية داخل القضاء اللبناني، صدر قرار بتوقيف القاضي عماد الزين وجاهيًّا، وهو ما شكل صدمة في الأوساط القانونية والقضائية. فهذه المرة، لم تكن الملاحقة مجرّد تحقيق إداري أو إجراء شكلي، بل تحولت إلى توقيف فعلي، الأمر الذي اعتبره البعض بداية لمرحلة جديدة من المحاسبة داخل السلك القضائي اللبناني، حيث لم يعد القضاة فوق المساءلة. هذه الخطوة غير المسبوقة تعكس تغييرات واضحة في المشهد القضائي اللبناني، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن مكافحة الفساد داخل المؤسسات الرسمية، ومن ضمنها القضاء. يعود ملف القاضي عماد الزين إلى عام 2021، عندما وُجهت إليه اتهامات بقبول الرشاوى واستغلال منصبه القضائي لتحقيق منافع شخصية. وقد جاء قرار التوقيف بعد تحقيقات مطولة، بدأها النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات، شملت مجموعة من القضاة المتورطين في قضايا فساد. وقد ثبت تورط عدد منهم، أبرزهم القاضي منذر ذبيان، الذي تم صرفه من الخدمة، بينما استقال الزين قبل أن يُتخذ القرار بحقه، ما مكّنه من الاستفادة من تعويضاته ورواتبه الشهرية لفترة من الزمن.من هو القاضي عماد الزين؟ شغل القاضي عماد الزين عدة مناصب بارزة خلال مسيرته المهنية، حيث عمل كقاضي تحقيق عسكري، وقاضي تحقيق أول في البقاع، ومفتش عام لدى المحاكم الشرعية الجعفرية، كما كان محققا عدليًّا في قضايا انفجارات شهدتها الضاحية الجنوبية. في عام 2020، وُجهت إليه تهم بتلقي الرشاوى أثناء أداء مهامه، وأحيل في العام التالي إلى التفتيش القضائي، ما أدى إلى صرفه من الخدمة. وبعد متابعة الملف، قرر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، تعيين القاضي بيار فرنسيس لمتابعة القضية، حيث أصدر مذكرة توقيف وجاهية بحق الزين خلال جلسة عقدت في 17 آذار في قصر عدل بيروت. وبعد توقيفه، أُودع القاضي الزين في المباحث الجنائية المركزية داخل قصر العدل، قبل أن يُنقل إلى المقر العام لقوى الأمن الداخلي، حيث تم تجهيز غرفة احتجاز خاصة له، مشابهة لتلك التي وُضع فيها حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.(المشهد)