يقول مسؤولون كبار في الحكومة الإسرائيلية إن إسرائيل تقترب من تحقيق أهداف حربها المتمثلة في هزيمة حركة "حماس" عسكريًّا وإعادة الأسرى الذين خُطفوا في 7 أكتوبر.لكن بقاء "حماس" كقوة قادرة على شن هجمات على طريقة حرب العصابات ونفوذها في قطاع غزة قد يلقي بظلال على أي اتفاق. فبعد 9 أشهر من الضربات العنيفة التي يشنها أحد أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، أصبحت "حماس" أضعف بكثير من القوة التي نفذت الهجوم على إسرائيل عبر الحدود في 7 أكتوبر. وفي بداية الحرب، كانت مقاطع الفيديو الدعائية لـ"حماس" تُظهر مقاتلين مدربين تدريباً عالياً بدروع واقية وملابس عسكرية يلفون أحزمة الذخيرة حول أجسادهم. أما الآن فتظهر في مقاطع الفيديو مجموعات صغيرة من المسلحين، يرتدون قمصانًا وينتعلون أحذية رياضية، يشنون هجمات خاطفة في شوارع غزة التي دمرها القصف. وتحدثت "رويترز" مع 3 مصادر مطلعة على تكتيكات "حماس" واثنين من مسلحي الحركة السابقين و3 مسؤولين فلسطينيين ومصدرين عسكريين إسرائيليين ومسؤول دفاعي إسرائيلي، بهدف إلقاء الضوء على خسائر الحركة وإستراتيجيتها. قال مصدران إسرائيليان ومصدران فلسطينيان لـ"رويترز" إن شبكة الاتصالات التي بنتها "حماس" قبل الحرب تضررت بشدة. وقال المصدران الفلسطينيان إن ذلك أدى إلى تفكك قيادتها واعتمادها على الرسائل التي يتم تسليمها شخصيًا لتجنب المراقبة الإسرائيلية. وقال مصدر فلسطيني مطلع على التكتيكات العسكرية لـ"حماس" إن الخسائر البشرية وتدمير شبكة الاتصالات أديا إلى انهيار عملية اتخاذ القرار مركزيا. كما يقول الجيش الإسرائيلي إن قسماً كبيرًا من شبكة الأنفاق الضخمة تحت غزة قد دُمر أو لم يعد صالحاً للاستخدام.لكن التكتيكات الحربية التي تبنتها خلايا "حماس" في الأسابيع الأخيرة تستهدف ببساطة ضمان بقاء الحركة وتقييد القوات الإسرائيلية وإلحاق خسائر بها، بحسب مصدر فلسطيني آخر مطلع على التكتيكات العسكرية لـ"حماس". وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الثلاثاء، في كلمة لجنود بمدينة رفح جنوب قطاع غزة وفق بيان أصدره مكتبه: إسرائيل تقترب من هزيمة "حماس" عسكريًّا. نعمل على القضاء على "حماس" كمنظمة عسكرية. نعمل على إيجاد وضع يسمح لنا بإبرام صفقة لتحرير الأسرى."بعيدون للغاية"تصرّ "حماس" على أن هيكلها القيادي، على الرغم من الخسائر، ما زال موجوداً وإن كان ضعيفاً. وقال سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية لحركة "حماس" بالخارج لـ"رويترز": روايات إسرائيل تضخّم خسائر الحركة. هذه محاولة لصناعة إنجاز مزيف، الحقائق على الأرض مختلفة تماما. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه قضى على نصف قيادات "كتائب القسام"، الجناح العسكري لـ"حماس"، وإنه يلاحق كبار قادة "حماس" في إطار هدفه لتفكيك قدرات الحركة.وتؤكد مصادر فلسطينية مقتل عدد من القادة العسكريين البارزين في "حماس"، من بينهم أيمن نوفل وأحمد الغندور، وكلاهما عضو في المجلس العسكري الأعلى، وهو الجهة العليا لاتخاذ القرارات في الجناح المسلح لـ"حماس". وقُتل أيضا في لبنان صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة. لكن مقاتلي "حماس" نجحوا في إعادة القوات الإسرائيلية من جديد إلى القتال في نفس المناطق من قطاع غزة مراراً، على غرار القتال في خان يونس هذا الأسبوع، ليمنعوا إسرائيل من إعلان انتصار يقول نتانياهو إنه عازم على تحقيقه. وقال ميخائيل ميلشطاين الضابط السابق في المخابرات الحربية الإسرائيلية: إسرائيل تحتاج إلى مزيد من القوات على الأرض في مزيد من المناطق في غزة لتحقيق هدفها في القضاء على "حماس". نحن بعيدون للغاية عن هدف القضاء على حكومة "حماس" وقدراتها العسكرية. لسنا قريبين حقا من ذلك. أي انتصار عسكري سينطوي على تجاهل للنفوذ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للحركة. نواصل التعامل مع عدو متعدد الأبعاد في سلوكه على أنه تهديد عسكري فحسب. واستدعت إسرائيل نحو 300 ألف من قوات الاحتياط لشن هجومها على غزة، وهي أكبر تعبئة للجيش الإسرائيلي منذ عقود. وبدأ في تسريحهم بعد نحو 4 أشهر.عمليات التطهير تحول قطاع غزة إلى أرض خراب تعمها الفوضى بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية التي قُتل فيها أكثر من 39 ألف شخص، وفقا لإحصاءات فلسطينية. وبدأ الجناح العسكري لـ"حماس" الحرب بـ24 كتيبة. وقال مصدر عسكري إسرائيلي لرويترز في 11 يوليو إن 4 كتائب متبقية في منطقة رفح بجنوب غزة، حيث تركز إسرائيل أحدث عملياتها، "على وشك التفكيك". ولتحقيق أهداف الحرب التي حددتها الحكومة، خطط الجيش الإسرائيلي لهجوم من 3 مراحل يبدأ بحملة جوية يليها هجوم بري ومرحلة أخيرة من عمليات التطهير. ومعظم غزة في المرحلة الثالثة منذ 6 أشهر تقريبا. ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه بمجرد قضاء القوات الإسرائيلية على كتائب "حماس" المتبقية في رفح، ستصبح غزة بأكملها أساسا في المرحلة الثالثة. واستُنفدت ترسانة "حماس" من الصواريخ والقذائف التي قُدرت سابقا بنحو 15 ألفا إلى 30 ألف صاروخ. وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق 13 ألف صاروخ على الأقل. كما استولى الجيش الإسرائيلي على مخابئ للقذائف أثناء اجتياحه لكل مدينة تقريبا في غزة. وقال كوبي مايكل، من معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب: "حماس" لم تعد جيشاً مؤسسيًّا مقسماً إلى وحدات عسكرية تقليدية، يملك قدرات لتصنيع الأسلحة والتدريب والاستخبارات وقدرات جوية وبحرية وسيبرانية. يتعين علينا مواصلة الحملة حتى تصبح "حماس" عاجزة عن إعادة البناء. هناك حاجة لأن يتمتع الجيش الإسرائيلي بإمكانية دخول غزة حتى بعد الحرب لتنفيذ عمليات تستهدف أي خلايا مسلحة متبقية. يجري الآن وضع أساس لكي يعمل الجيش الإسرائيلي على غرار الطريقة التي يعمل بها في الضفة الغربية. لم نبلغ ذلك بعد. خطط "حماس" لكن مصدراً مقرّباً من "حماس" قال إن الجماعة تستعد منذ سنوات لاحتمال اضطرارها للتحول إلى طريقة حرب العصابات للصمود في صراع مع إسرائيل. وأضاف المصدر أن العمليات الرئيسية، ومن بينها مصنع لإنتاج القنابل والأسلحة الأخرى، ما زالت مستمرة. وقال مصدر آخر مطلع على خطط "حماس" إن أفراداً جدداً ينضمون باستمرار إلى الجناح العسكري للحركة، كما سمح التحول إلى حرب العصابات للجماعة باحتواء الخسائر. وقال خبراء ومصدران مقربان من" حماس" إن شبكة الأنفاق ما زالت تحول دون تحقيق هدف إسرائيل في القضاء على "حماس" حتى بعد ما تعرضت له من دمار أو تعطيل. وقال مسلح سابق من "حماس" مطلع على عمليات الحركة إن مقاتلي "حماس" يظهرون ليدمروا دبابة على سبيل المثال ثم يختفون ليظهروا في نفق آخر. وأوضح "يظهرون من عين نفق ليدمروا دبابة أو يجهزوا كمينا لأخرى قبل أن يختفوا إلى حين يعاودوا الظهور مرة ثانية من عين نفق آخر". وتقول مصادر قريبة من الجماعة إن بعض الأنفاق الجديدة يتم حفرها يدويا. ولم تتمكن رويترز من التحقق من ذلك من مصدر مستقل. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لرويترز يوم الاثنين إنه على الرغم من تدمير الكثير من البنية التحتية العسكرية لـ"حماس"، بما في ذلك الأنفاق، ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به.(رويترز)