يُغادر جو بايدن، البيت الأبيض في 20 يناير كأسوأ رئيس أميركي في التاريخ الحديث، فبعد أن فشل في تحقيق تطلعات وآمال الأميركيين، ودعم تأجيج الحروب وتوسيع رُقع الصراعات في العالم، دقّ المسمار الأخير في نعش مصداقيته باستغلال منصبه الرئاسي للعفو عن ابنه المتابع قضائيا، وسدّ مجرى القانون وتحقيق العدالة.أثار إرث بايدن الثقيل بالقرارات الخاطئة، موجة غضب وخيبة أمل كبيرة وسط كبار السياسين والمانحين الديمقراطيين، الذين صُدموا بقرار تراجعه عن تأكيد سابق بأنه لن يُصدر عفوا عن ابنه هانتر بايدن، الذي يُضاف لخطأ انسحابه المتأخر من السباق الرئاسي، وعدم منحه حزبه الديمقراطي فرصة تقديم مرشحين آخرين غير نائبته كامالا هاريس التي خسرت الرئاسيات، ما أسقط مشروع مكتبته الرئاسية في ترتيب سُلم أولويات الحزب و داعميه.ووفق تقرير لموقع "أكسيوس"، فإن الطعم المُر الذي تركه بايدن في أفواه المانحين الديمقراطيين، والضرر الذي ألحقه بمصداقية حزبه الديمقراطي، أصبح يُشكل تحديا لمشروع مكتبته الرئاسية. استنادًا للمصدر، فإن بعض كبار الساسة والممولين الديمقراطيين يهددون بحجب تمويل مكتبة بايدن الرئاسية، ما يعني أنه قد يواجه عقبة مالية في المشروع، الذي يعد تقليدا تاريخيا يقوم به الرؤساء بمجرد مغادرتهم البيت الأبيض.وتتوفر الولايات المتحدة على شبكة من المكتبات الرئاسية، تُمول من قبل الجهات المانحة الخاصة، والمنظمات غير الربحية، ويُديرها الأرشيف الوطني لاحتوائها على سجلات وملفات توثق الفترة التي قضاها الرئيس في منصبه. وأثار تراجع الرئيس عن وعده بعدم العفو عن ابنه، الذي أدين بـ3 تهم فيدرالية تتعلق بالأسلحة، و9 أخرى تتعلق بالضرائب الفيدرالية، ردود فعل عنيفة من الديمقراطيين والجمهوريين، حيث أظهر استطلاع أجرته "YouGov" أن أكثر من نصف البالغين في الولايات المتحدة لم يوافقوا على هذا القرار. بالنسبة للكثرين، فإن العفو يُعد المسمار الأخير في نعش شعبية ومصداقية بايدن، بعد فترة طويلة من الإحباط منه، انطلاقا من قراره الترشح لعهدة ثانية على الرغم من قوله عام 2020 بأنه سيكون رئيسا انتقاليا، مرورا، بأدائه الضعيف في المناظرة أمام ترامب وعدم انسحابه من السباق مٌبكرا، وصولا إلى تراجعه عن وعد قطعه بعدم التدخل في قضايا ابنه القانونية، ما أدى في نهاية المطاف لتدهور علاقته مع قادة حزبه الديمقراطي، وتقهقر شعبيته لدى الأميركيين.وصمة عار الإبادة الجماعية إن كانت مكتبة بايدن الرئاسية، المُهدد تجسيدها بعراقيل مالية، ستحفظ سجلات عن الإخفاق الاقتصادي والتعثر السياسي على المستوى الداخلي، فإن جناحها المخصص للسياسة الخارجية سيوثق شواهد على قرارات تاريخية زعزعت الشرق الأوسط وهزّت استقرار العالم. يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن الدكتور نبيل ميخائيل أن التاريخ لن يذكر بايدن بشكل إيجابي، بالنظر لما سببته إدارته من حروب وصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا. وقال المتحدث المنتمي للحزب الجمهوري في حديثه لمنصة "المشهد" إنّ مسؤولية بايدن في الدفع بأوكرانيا لتكون شوكة في جسد روسيا، ما أدى إلى قيام حرب بين البلدين، ودعمه اللامحدود للحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان وفشله في إنهاء هذه الحروب، دليل واضح على إخفاقاته في السياسة الخارجية. من جانبها، أكدت لطيفة جامل، رئيسة المركز الأميركي للعدالة – مُنظمة حقوقية مستقلة – أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان في الـ31 أغسطس 2021، وما رافقه من مشاهد مأساويّة وغير إنسانية، دليل آخر على تخبط إدارة بايدن وسوء تخطيطها.وتُصنف الحقوقية جامل في حديثها مع "المشهد" دعم بايدن للحرب الإسرائيلية على غزة، وما خلفته من إبادة جماعية بحق المدنيين، كأكبر وصمة عار في تاريخه السياسي والأخلاقي.وقالت جامل التي شاركت في حملة "تخلى عن بايدن" التي نظمها العرب والمسلمون الأميركيون في ولاية ميشغان، قبل انسحابه من السباق الرئاسي، إنّ ازدواجية معاييره صدمت العالم، وأثارت غضب الجالية التي ردت بتصويت عقابيّ ساهم في إلحاق الخسارة بحزبه في انتخابات نوفمبر 2024. وأوضحت أنّ الأحداث التي شهدها الشرق الأوسط في عهد بايدن، قوّضت مصداقية الولايات المتحدة التي تقول إنها تلتزم بالدفاع عن حقوق الإنسان، وتسكت عند انتهاكها في المنطقة. الأسوأ في نصف قرنوعلاوة على النظرة السلبية تجاهه في الشرق الأوسط، صُنف بايدن من قبل الأميركيين كأسوأ رئيس منذ ما يقرب من 50 عامًا.وبحسب بيانات استطلاع أجرته صحيفة "ديلي ميل"، يُعتبر بايدن أسوأ من ريتشارد نيكسون الذي أسقطته فضيحة ووترغيت عام 1968، وأقل شعبية من جيمي كارتر، الذي عاقبه الناخبون بجعله رئيسًا لعهدة واحدة، حين فشل في إنقاذ الرهائن الأميركيين في إيران عام 1979.(المشهد - واشنطن)