أكثر من 12 عاما، والسوريون يعيشون حربا لم تهدأ أبدا، وبعد 7 أكتوبر والحرب في غزة أضيفت حرب جديدة إلى الساحة السورية، بل تحولت سوريا إلى ساحة صراع لتصفية الحسابات بين الأطراف المتصارعة في غزة، واشتدت وتيرة الحرب عبر الاستهدافات المتبادلة بين كل من إسرائيل وسوريا من جهة وأميركا وإيران من جهة أخرى. حيث أعلن الجيش الإسرائيلي السبت الماضي أنه استهدف أكثر من 50 هدفا داخل الأراضي السورية منذ بدء الحرب على غزة. فيما قامت إيران والمليشيات التابعة لها بأكثر من 80 استهداف للقواعد الأميركية المتمركزة في شمال شرق سوريا كان آخرها استهداف حقل العمر النفطي في دير الزور، ما أدى إلى مقتل 4 عناصر من قوات الكوماندوز التابع لقوات سوريا الديمقراطية، بحسب بيان أعلنته "قسد" من دون أن تذكر فيه أي توعد بالرد.من جهتها، أعلنت القوات الأميركية عن استهداف 7 منشآت في سوريا والعراق تضمنت 85 هدفا وسط أنباء عن سقوط جرحى وقتلى في صفوف الحرس الثوري الإيراني المتمركز فيها، والذي يقوم بتنفيذ ضربات ضد القوات الأميركية من أماكن تمركزه وذلك في أعقاب الهجوم الذي وقع في الأردن الشهر الفائت وأسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين. وأكد الرئيس الأميركي أنهم سيواصلون تنفيذ الضربات في الأماكن والأوقات التي يختارونها. وأشارت القوات السورية إلى مقتل 10 من القوات الحليفة لها وإصابة نحو 18 آخرين جراء الضربات الأميركية على الحدود السورية العراقية، كما سقط العشرات من الضحايا المدنيين بين قتلى وجرحى نتيجة استهداف بعض المواقع في حمص الاربعاء. هل توحّدت القوى المناهضة لإسرائيل بعد 7 أكتوبر؟يقول مدير المركز الإذاعي والتلفزيوني التابع للحكومة السورية بالحسكة الإعلامي فاضل حماد لمنصة "المشهد" إنه "لا بد من الإشارة أولاً إلى أن إسرائيل ومعها أميركا ودول الغرب هم من افتعلوا الأزمة في سوريا تحقيقاً لهدف تصفية القضية الفلسطينية". وأضاف حماد أنه "مع انطلاقة طوفان الأقصى رسم محور المقاومة معادلة غير مسبوقة وفرض قواعد اشتباك جديدة على الكيان الصهيوني ومن خلفه أميركا وحلف الناتو حيث لم يسبق أن توحدت ساحات محور المقاومة قبل 7 أكتوبر، ويبدو أن هذا القرار قد تفاجأ به الأعداء الفاعلون على الأرض في فلسطين وسوريا والعراق حيث يشكل هؤلاء الأعداء حلفاً واحداً، وقد رأينا شاهدا على ذلك في انخراط أميركا بشكل مباشر إلى جانب إسرائيل عبر تقديم السلاح والدعم اللوجستي والاستخباراتي وتالياً استخدام القاذفات الاستراتيجية لضرب فصائل المقاومة".ويرى حماد أن "هزيمة المقاومين في غزة تعني تحقيق هدف تصفية القضية الفلسطينية ومن ثم هزيمة المحور بكامله كان لا بد من إستهداف حلف الأعداء في كل مكان (سوريا - فلسطين - العراق - البحر الأحمر) وعلى هذا الأساس يمكن قراءة انعكاس الحرب على غزة على أطراف الصراع في الساحة السورية، كما يمكن قراءة إزدياد حدة الصراع بين هذه الأطراف متمثلة في التهديدات الأميركية عبر استعراض القوة وصولاً إلى استخدامها تحت عناوين حماية القوات في سوريا والعراق من التهديدات، وكذلك التصريح بخيار المواجهة مع إيران استناداً إلى تهمة إدارتها للفصائل المقاومة وأذرعها الضاربة".ويتهم حماد أميركا بتسويق أكذوبة الضغط لمنع توسيع نطاق الصراع إلا أنها تقوم بنفسها بهذا الصراع لتخفيف الضغط على إسرائيل بالتدخل العسكري المباشر إلى جانب توسيع نطاق الضربات الإسرائيلية في سوريا، مما ينذر بحرب إقليمية شاملة.تصفية حسابات إقليمية في سوريا في جغرافية معقدة دينيا وعرقيا وطائفيا كسوريا ينحاز الناس لأطراف مختلفة وينخرطون في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وفي هذا الإطار، يقول المتحدث الرسمي باسم مجلس سوريا الديمقراطي "مسد" الدكتور أمجد عثمان إن "أزمة قطاع غزة وما يشهده من تصعيد رفعت من شدة الصدام وخصوصا في سوريا، فالصراع على غزة اليوم ليس مقتصرا على جغرافية القطاع وإنما توسعت دائرة تصفية الحسابات لتشمل سوريا".واستغرب ما يجري قائلا إنه في الوقت الذي يجب أن نشهد فيه تقدماً في مسار الحل السياسي رأينا مزيد من التسارع في توريط سوريا في هذه الحرب، وإن غياب الحل الذي يعيد وحدة السوريين على أسس وطنية عادلة وديمقراطية وواقع الانقسام في سوريا لن يسمح لها القيام بدورها في حفظ الأمن والسلام الإقليمي والدولي.وتبقى الساحة السورية المنهكة معيشيا والمستنزفة عسكريا المكان الخطأ لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية متذرعين بالحرب على غزة حيث يعيش سكان سوريا أزمة اقتصادية حادة تثقل كاهل السوريين وتزداد معاناتهم من انتقال الصراعات إلى بلدهم الذي لم يخرج بعد من حرب دامت أكثر من 12 عاما حول سوريا إلى بقعة من الجحيم بنظر السوريين ودفع الآلاف منهم نحو الهجرة والخلاص من الحرب، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من عناصر "داعش" وعوائلهم المحتجزين في المخيمات والسجون والخلايا المنتشرة في كل مكان من سوريا، ما يتيح لهم الفرصة لإعادة هيكلة أنفسهم واستغلال الفرصة لإعادة أمجاد دولتهم الداعشية المزعومة. (سوريا - المشهد)