بعد الحفاظ لفترة طويلة على أحد البرامج النووية الأكثر تقدمًا في الشرق الأوسط وأقوى الجيوش التقليدية، بدأ صناع القرار الإيرانيون في إعادة النظر في الحظر الرسميّ الذي فرضته بلادهم على تطوير أسلحة الدمار الشامل، في ضوء التوترات المتزايدة وتدهور الظروف الأمنية في المنطقة.ومثل هذه الخطوة، التي تعارضها بشدة إسرائيل والولايات المتحدة، المعروفتان بامتلاكهما لترسانات نووية خاصة بهما، من شأنها أن تشكل مخاطر وفرصًا كبيرة لطهران، وفقًا لتقرير مجلة نيوزويك.نووي إيرانولكن بعد أن تحولت الاضطرابات الشديدة المحيطة بالحرب المستمرة في غزة، إلى أول تبادل مباشر للهجمات على الإطلاق بين إيران وإسرائيل، ترى الشخصيات الإيرانية قيمة أكبر في تعزيز الردع عبر المسار النووي. كبير مستشاري المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ووزير الخارجية السابق، كمال خرازي، أكد يوم الأحد، أنّ طهران لا تطور حاليًا سلاحًا نوويًا، ولكن "إذا تعرض وجود إيران للتهديد، فسيتعين علينا تغيير عقيدتنا النووية".وأضاف أنّ مثل هذا الإجراء "ممكن ويمكن تصوره"، في حال سعت إسرائيل إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية، كما هدد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بذلك.وعلى حدّ تعبير فرزان ثابت، الباحث السابق في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح، "إنه تحوّل خطير في وقت تكون فيه التوترات الإقليمية مرتفعة للغاية".وقال ثابت لمجلة نيوزويك: "يبدو أنّ جزءًا كبيرًا من الإشارات النووية التي أطلقها مسؤولون وشخصيات إيرانية في أبريل، تهدف إلى ردع إسرائيل وحثّ الولايات المتحدة على منع إسرائيل من القيام بمثل هذا الهجوم الانتقامي، خصوصًا على المنشآت النووية الإيرانية".حظر الانتشار النوويمن جهته، شدّد سيد حسين موسويان، وهو دبلوماسيّ إيرانيّ سابق، عمل ضمن فريق المفاوضات النووية الإيرانيّ في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، على تأثير العقوبات على حسابات طهران بشأن ما إذا كانت ستحافظ على التزاماتها أم لا، خصوصًا معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT)، والتي كانت إيران واحدة من الموقعين الأصليّين عليها في عام 1970.وقال موسويان لمجلة نيوزويك: "أخشى أنّ إيران لن تبقى عضوًا في معاهدة حظر الانتشار النووي، وتجنب إتقان القنابل النووية، ومكافأتها بالمزيد من العقوبات"، مضيفًا أنّ:المشكلة تتجاوز القضية النووية، حيث إنّ إيران لم تكن طرفًا في معاهدة حظر الانتشار النوويّ فحسب، بل كانت طرفًا في اتفاقيات بشأن أشكال أخرى من الحرب المقيّدة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ومع ذلك ظلت البلاد خاضعة لعقوبات. خلال العقود الماضية، توقعت القوى العالمية أن تلتزم إيران بتعهداتها، وحرمت إيران من حقوقها، هذا لن يدوم.وشدد علي رضا تغافينيا، وهو محلل أمنيّ مقيم في طهران، على أنّ خامنئي وحده هو القادر على عكس موقف البلاد بشأن الأسلحة النووية. ومع ذلك، أكد أيضًا أنه قد تكون هناك حجة دينية تجاه القيام بذلك، في حالة تعرّض الأمن القوميّ لخطر.وقال تغافينيا لمجلة نيوزويك: يجب على أميركا أن تدرك أنّ التهديدات بالهجوم العسكريّ والعقوبات ليست فاعلة من أجل منع حصول إيران على السلاح النووي.يجب التخلي عن سياسة العداء تجاه إيران، حتى لا ترى إيران حاجة لبناء أسلحة نووية.من المؤكد أنّ إيران ليس لديها رغبة في صنع قنبلة ذرية، لكنها لا تستطيع أن تتسامح مع السلوكيات التي تعرّض بقاءها وأمنها للخطر. لذلك يجب على أميركا وإسرائيل عدم استفزاز إيران وتهديدها، حتى لا ترى إيران ضرورة لتغيير استراتيجيتها. الخيار العسكريوتعهدت إدارة بايدن بتكثيف الضغط على طهران، ولم تستبعد الخيار العسكريّ لضمان ذلك، كما قال متحدث باسم وزارة الخارجية لمجلة نيوزويك.وأضاف مصدر المجلة الأميركية: بينما قلنا منذ فترة طويلة إننا ننظر إلى الدبلوماسية باعتبارها أفضل وسيلة لتحقيق حل مستدام وفاعل، فإنّ جميع الخيارات تظل مطروحة على الطاولة.إدارة بايدن لم ترفع عقوبة واحدة عن إيران. وبدلًا من ذلك، نواصل زيادة الضغوط. ولا تزال عقوباتنا واسعة النطاق على إيران قائمة، ونواصل تطبيقها.من جهتها، أصدرت إسرائيل خطابًا تجاه الخيار النوويّ الإيرانيّ المحتمل على مر السنين. واستمر نتانياهو أيضًا في التلميح إلى ما اعتبره حاجة ملحّة لمكافحة طموحات إيران النووية طوال الحرب في غزة، حيث دعمت طهران علنًا حركة "حماس" الفلسطينية والميليشيات الأخرى التي دخلت المعركة من لبنان والعراق وسوريا واليمن.ولدى إسرائيل تاريخ طويل من القيام بأعمال التخريب والاغتيالات ضد المسؤولين والمنشآت النووية الإيرانية. كما أبدت إسرائيل استعدادها لاتخاذ تدابير أكثر جرأة ضد المواقع النووية التابعة لمنافسيها في المنطقة، فشنت غارات جوية جريئة ضد مفاعلات في العراق في يونيو 1981، وفي سوريا في سبتمبر 2007.(ترجمات)