في 13 أبريل 1975، تردد صدى الرصاص في قلب لبنان، معلنًا بداية فصل مأسوي من تاريخه. حادثة إطلاق النار في عين الرمانة، كانت الشرارة التي أشعلت الحرب اللبنانية، وفتحت جرحًا عميقًا في قلب الوطن.50 عامًا مضت على اندلاع تلك الحرب، لكنّ آثارها لا تزال حاضرة في ذاكرة اللبنانيين، فكل ركن من لبنان يحمل ذكرى الألم، والدماء، والدمار.استمر الحرب على مدار 15 عامًا، من 1975 حتى 1990، وأسفر عن مقتل نحو 150 ألف شخص، وإحداث تغييرات اجتماعية وسياسية كبيرة. وفقًا لإحصاءات عام 2012، كان هناك ما يقارب 76 ألف شخص مشردين داخل لبنان، إلى جانب أكثر من مليون نازح، ما يجعل هذه الحرب واحدة من أفظع الحروب في تاريخ المنطقة.الحرب اللبنانيةقبل الحرب، كان لبنان بلدًا يعج بالتنوع الطائفي، حيث كان المسلمون السنة والمسيحيون يشكلون الغالبية في المدن الساحلية، بينما تركز وجود الشيعة في الجنوب والبقاع، وكان الدروز والمسيحيون يشكلون أغلبية في المناطق الجبلية. إلا أنّ الحرب غيرت معالم هذا التنوع، فمع اندلاع الصراع، انقسم اللبنانيون بين طوائف وأحزاب، وكل طرف كان مدعومًا من جهة خارجية.كما شهد لبنان اجتياحين إسرائيليين عامي 1978 و1982. ودخل الجيش السوري لبنان عام 1976 وبقي حتى عام 2005.بيروت، العاصمة التي كانت رمزًا للتنوع والازدهار، تحولت إلى مدينة مقسمة إلى شرقية وغربية، وأصبح خط التماس بين المنطقتين رمزًا للألم والانقسام. في تلك السنوات، شهد لبنان مجازر وحروبًا شوارع، اجتياحات، وقصفًا عشوائيًا، مع دخول الجيش السوري ثم لاحقًا الجيش الإسرائيلي إلى أراضيه، ليزيد الوضع تعقيدًا.خلال هذه السنوات العصيبة، عاش اللبنانيون تحت وطأة الرعب المستمر، والنزوح القسري، وتدمير مقومات الحياة الأساسية. كانت المدارس مغلقة، والطرقات مقطوعة، والمستشفيات ليست أكثر من ملاجئ مضطربة، في حين كانت الملاجئ غير كافية لحماية السكان وحصلت عشرات المجازر وعمليات القتل والتعذيب.اتفاق الطائفوفي أغسطس 1989، وسط أجواء من العنف والدمار، توصّل النواب اللبنانيون في مدينة الطائف، بوساطة سعودية، إلى اتفاق كان بمثابة نقطة تحول نحو إنهاء الحرب الأهلية. في أعقاب هذا الاتفاق، تم انتخاب رينيه معوض رئيسًا للجمهورية، إلا أنّ ميشال عون رفض الاعتراف به، مُعترضًا على الاتفاق الذي يضمن وجودًا سوريًا على الأراضي اللبنانية. وبعد 16 يومًا من انتخابه، اغتيل معوض، ليخلفه إلياس الهراوي، لكنّ ميشال عون رفض أيضًا الاعتراف به.في أكتوبر 1990، أُقصي ميشال عون من قصر بعبدا في عملية لبنانية-سورية مشتركة، حيث قُتل مئات من أنصاره. فرّ عون إلى السفارة الفرنسية، ثم توجه إلى منفاه في باريس.وبذلك، انتهت الحرب اللبنانية، ليتم تثبيت حكومة إلياس الهراوي، ويبدأ لبنان مرحلة جديدة من محاولة بناء وطن يعيد ترميم جراحه، رغم أنّ الذاكرة الجماعية تظل تحمل ذكرى الحرب، وهي أبدًا لن تُنسى.(المشهد)