يبدو أن التصريحات المزلزلة للرئيس الأميركي دونالد ترامب ومخططاته لقطاع غزة ومنطقة الشرق الأوسط ككل لن تتوقف عند مجرد تخمينات لما يراه حلا للقضية، فالرجل يسارع الخطى والزمن لتطبيقها على أرض الواقع. المتضرر الأكبر بعد غزة هي مصر والأردن الذي سافر ملكه للقاء ترامب بالبيت الأبيض ساعيا لفهم الاقتراح وإبعاد شبح تهجير الفلسطينيين لبلاده، الذي رفضه مرارا و تكرارا.ويرى متابعون أن قدوم الملك الأردني عبد الله الثاني لواشنطن، ومواجهة ترامب بأن الرد على خطته لترحيل سكان قطاع غزة، لن يكون فرديا، بل سيُصاغ بشكل جماعي من قبل قادة الدول العربية، خطوة تُحسب له. الانقسام الأميركي بسبب مقترح ترامبالصدمة التي أحدثتها مقترحات ترامب تتجلى في الداخل الأميركي بتباينات في التقييم والنتائج المتوقعة لها بين الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، وإن لم يجد الجمهوريون من بديل سوى التماهي مع رئيسهم، فإن الذهول والرفض والشجب هو الذي ميز انطباعات الديمقراطيين الذين اعتبروا مقترح ترامب غير قانوني سيفتح بابا من مشاكل لا تنتهي في حل شرعنة الوجود بالقوة العسكرية. ردا على سؤال حول "عقلانية" مقترح ترامب وقابليتها للتنفيذ، قال مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي توم حرب لمنصة "المشهد"، إن ترامب قد بحث ونسق المخطط التي تحدث عنه بشأن قطاع غزة، مع أطراف قبل إعلانه، فالمعروف عن ترامب، حسب رأيه، أنه لا يطرح أي قضية قبل دراستها وتنسيقها مع الأطراف المعنية. ويرحب حرب بمقترح الرئيس الأميركي، ويُشبهه بمشروع "سوليدير" في لبنان، الذي خصص له رأسمال قيمته 1.65 مليار دولار، لتطوير بيروت وإعادة إعمارها بعد الحرب، على مساحة 1.9 مليون متر مربع، 700 ألف متر مربع منها أراض مستحدثة على البحر. على النقيض، يصف الإعلامي والمحلل السياسي سامح الهادي المخطط بـ"غير الشرعي"، فالرئيس الأميركي، بحسب رأيه، لا يحترم الشرعية الدولية ولا الأميركية، بدليل قوله "سنستولي على قطاع غزة بسلطة الولايات المتحدة"، ما يعني أن الاحتلال أمر شرعي مرجعيته القوة العسكرية التي تتمتع بها الولايات المتحدة. الأردن يرفض التوطين والتهجير إن كان من عنوان لزيارة العاهل الأردني ولقائه بترامب فسيكون "لقاء كسب الوقت"، فحسب المحلل السياسي والاعلامي سامح الهادي - عضو في الحزب الديمقراطي-، فإن إرجاء ملك الأردن الرد النهائي على خطة ترامب إلى حين بلورة رد عربي كامل، وفق الخطة يتم العمل عليها وتُقدمها مصر، ما هو إلا تحصين للموقفين الأردني والمصري، من حالة الانفراد التي قد تعرضهما لضغوط مباشرة مع الجانب الأميركي.وفي حين يقرأ حرب، تجنب ملك الأردن الرد المباشر على خطة ترامب بشأن تهجير سكان غزة، وخياره الحديث عن رد عربي يُبنى وفق خطة تضعها مصر، كخطوة إيجابية باتجاه التوصل لتسوية ما.وتجد المملكة الأردنية ومصر أنفسهما أمام خيارات صعبة جدا، وهما تتكئان على موقف عربي موحد يُؤمل أن تتكشف ملامحه نهاية الشهر الحالي في قمة طارئة بالقاهرة. ويبدو الوضع أكثر صعوبة في ظل تلميحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن وطن بديل للفلسطينيين وتهديداته باستئناف الحرب في ظل تعثر إتمام صفقة التبادل مع "حماس" في غزة، وفي مواجهة للضغوطات الأميركية المتصاعدة من ترامب الساعي لحسم القضية الفلسطينية وتحميل دول الجوار والطوق عبء استقبال المهجرين وإعادة إعمار البلاد. (المشهد - أميركا)