أجبرت الحرب معظم سكان غزة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة على ترك منازلهم، وهم يعيشون صراعاً يومياً من أجل العثور على الطعام والمياه النظيفة والكهرباء. لكن الأمر أكثر قسوة على الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة وعائلاتهم.وقد تفاقمت معاناة ذوي الحاجات الخاصة، من المكفوفين والصم والمصابين بإعاقات جسدية أو معرفية، بسبب النقص الحاد في الأجهزة المساعدة، مثل الكراسي المتحركة وأجهزة السمع، وكذلك الأضرار التي لحقت بالطرقات والأرصفة والمنازل ذات الميزات الميسرة، وفق تقرير لـ"نيويورك تايمز". "لا يمكن تحمل هذا العذاب"عندما أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء جزء من شمال غزة قبل نحو عام، ذهب زهير أبو عودة مع ابنته البالغة من العمر 9 سنوات، والتي تستخدم كرسيًّا متحركاً، بحثاً عن مكان أكثر أماناً. أثناء ذلك اصطدم كرسيها المتحرك بشق في الطريق، ما أدى إلى تعطل إحدى العجلات واضطرهم إلى تركه. حمل أبو عودة وأبناؤه ابنته لارا على ظهورهم لمدة 4 ساعات ونصف حتى وصلوا إلى النصيرات. وقال أبو عودة، البالغ من العمر 46 عامًا، من مأوى موقت في خان يونس فرت إليه العائلة: "نعيش أوقاتاً صعبة". حتى وجد أبو عودة كرسياً متحركاً جديداً للارا في فبراير، كان هو وأطفاله يحملونها إلى السوق والمستشفى والشاطئ. وعلى الرغم من أن الكرسي جلب بعض الراحة، إلا أنه لا يزال من الصعب دفعه عبر المسارات الترابية في المخيمات الموقتة التي أقيمت للإيواء. وقال أبو عودة: "نحن بالكاد نصمد. لا يمكننا تحمل هذا العذاب بعد الآن". إعاقة دائمة للآلاف قبل الحرب، كان 56,000 شخص في غزة مسجلين كأشخاص ذوي حاجات خاصة، حيث يعاني ما يقارب نصفهم من إعاقة جسدية، وفقًا للسلطة الفلسطينية. وأفادت الأمم المتحدة أن 21% من الأسر في غزة أبلغت عن وجود فرد واحد على الأقل في العائلة يعاني من إعاقة قبل هجوم 7 أكتوبر. وعلى الرغم من عدم إصدار تقديرات جديدة، يعتقد الخبراء أن الصراع بين إسرائيل وحماس قد تسبب في إعاقة دائمة لآلاف آخرين. قام الأطباء في جميع أنحاء غزة ببتر أطراف الكثير من الأشخاص. وفي نهاية العام الماضي، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن العاملين الطبيين وأفراد الأمم المتحدة أبلغوا عن أن نحو 1,000 طفل فقدوا طرفاً واحداً أو أكثر. وفي سبتمبر، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 22,500 شخص أصيبوا بجروح "تغير حياتهم" وتحتاج إلى إعادة تأهيل "الآن ولسنوات قادمة". وقال المسؤولون الإنسانيون إن الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة كانوا من بين الأكثر تهميشاً أثناء الحرب.خطر أكبر قال عضو اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة التابعة للأمم المتحدة مهند العزة: "الأشخاص ذوو الحاجات الخاصة في غزة معرضون للخطر الأكبر، لكنهم منسيون كثيراً". في عام 2012، صادقت إسرائيل على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تُلزم الدول الأعضاء باتخاذ "جميع التدابير اللازمة" لضمان حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك خلال النزاعات المسلحة. وقال مهند العزة إن إسرائيل لا تفي بالتزاماتها في ما يتعلق بنقل الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة بعيدًا عن مناطق النزاع، وضمان إيصال المعدات والأدوية المتخصصة بشكل كافٍ، ومساعدة المصابين على مغادرة غزة.(ترجمات)