صراع رئاسة البرلمان العراقيّ بدأ يأخذ منعطفًا جديدًا، فالكتل السنية الثلاث في البلاد، أبدت توافقًا واضحًا حول تسمية خليفة لمحمد الحلبوسي، الذي قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، بإنهاء عضويّته.واتفقت تحالفات السيادة والعزم في ما بينها، على ترشيح النائب سالم العيساوي، لمنصب رئيس البرلمان، داعيةً الإطار التنسيقيّ الحاكم في البلاد للتصويت له وحسم الملف الشائك.وتداولت وسائل الإعلام العراقية، وثيقة موقّعة من قبل قادة التحالف، نصت على ترشيح العيساوي لما فيه من مواصفات مطلوبة لإدارة المنصب، مؤكدين على ضرورة الإسراع بتحديد الجلسة القادمة للبرلمان لانتخاب رئيسه. وكان رئيس ائتلاف دولة القانون، والقياديّ في الإطار التنسيقي الشيعيّ نوري المالكي، ألمح إلى إمكانية ترشيح النائب والقياديّ في "حزب تقدم" شعلان الكريم إلى رئاسة البرلمان مرة أخرى، قائلًا مَن ترشّح إلى الجولة الأولى بإمكانه أن يترشح مجددًا.وجاءت تصريحات المالكي بعد أقل من 24 ساعة من لقائه بالحلبوسي، وتم خلال هذا اللقاء التأكيد على أهمية استكمال الاستحقاقات الدستورية، وانتخاب رئيس جديد للبرلمان، فوق السياقات القانونية.وحول هذا الموضوع، يقول الكاتب والمحلل السياسيّ بسام القزويني لقناة ومنصة "المشهد" إنّ الانقسامات داخل البيت السنّي تعود للنتافس على صناديق الاقتراع في محافظة الأنبار تحديدًا، لأنه لا توجد مصلحة لأيّ قوة سياسية في بغداد، ومن بينها الإطار التنسيقي، أن يكون هناك قوة مستدامة في الأنبار. ويضيف القزويني: "لكن اختلفت المعادلة خلال الساعات الأخيرة، إذ هناك نية لدعم مرشح حزب تقدم التابع للحلبوسي مرة أخرى، على خلاف ما أثير على أنّ هناك اتفاقًا بين حزم وعزم والسيادة لدعم سالم العيساوي، بالاعتماد على أنّ أكثر من 100 توقيع، قثدّم لتعديل المادة 12 من النظام الداخليّ لمجلس النواب، وإضافة البند رابعًا، وهذا البند أتى على فتح باب الترشح مرة أخرى، في حال لم يحصل أيٌّ من المرشحين على الأغلبية المطلقة".ولم يحصل أيٌّ من المرشحين قبل بضعة أسابيع، على موافقة الأغلبية المطلقة في البرلمان، وبالاعتماد على أنّ المحكمة الاتحادية ألزمت نهاية العام الماضي الكتل السياسية، بعدم فتح باب الترشح بالاعتماد على البند ثالثًا،واليوم يطالبون بإضافة البند رابعًا إذا كان الاتفاق واضحًا. ويشرح القزويني: "مطالبتهم بإضافة هذا البند تكشف عن اتفاق سياسيّ في الساعات الأخيرة، أفضى على أن يكون هناك منفذ قانوني، يتيح فتح باب الترشح، أي أنه هنالك عملية استبدال ستجرى لمرشح حزب تقدم على الأغلب، أي شعلان الكريم، بمرشح أخرى يحظى بقبول قوى الإطار التنسيقي".هل يغازل الحلبوسي القوى الشيعية؟ ويقول الكاتب والمحلل السياسيّ بسام القزويني: "الحلبوسي كبقية القوى السياسية بجميع طوائفها في العراق، غالبًا ما تذهب باتجاه منتصف الطريق، أي صندوق الاقتراع، فهنالك انتخابات نيابية مقبلة بعد عام من الآن، وبالتالي، يحتاج الحلبوسي أن يكون أحد الشخصيات التابعة له متزعّمًا رئاسة البرلمان".ويضيف القزويني: "هذا يحافظ نوعًا ما النفوذ الذي زرعه الحلبوسي في الآونة الأخيرة في الأنبار، والذي يخشى من خسارته، بعد الفوز الأخير الذي حقّقه في الانتخابات المحلية، وهذا ما يعطيه دافعًا للحفاظ على هذا النفود، حتى لو كان ذلك على حساب حلفاء الغطار التنسيقيّ الممتّلين بعزم والسيادة". ويرى القزوينيّ أنّ هناك صراعًا مستمرًا ما بين عزم وتقدم والسيادة، بالتالي هذه المعادلة تجعل الجميع يبحث عن نقاط قوة، حتى لو كانت على حساب الاقتراب من الإطار التنسيقي، والإطاحة بالغرماء عند صناديق الاقتراع.زعامات وطنية ومحاصصة طائفيةيرى القزوينيّ أنّ الترويكا السياسية في العراق، و المتمثلة بالأحزاب الكردية والأحزاب السنية والشيعية في الأنبار والموصل، وحتى وسط وجنوب العراق، دائمًا ما تدخل زعامات جديدة، لذلك نستطيع القول إنّ العضلة الأضعف هي عضلة محافظة الأنبار والموصل، لأنّ الكثير من هذه القوى السياسية اشتركت في الفساد مع الإطار التنسيقي، ومن باب آخر ذهبت باتجاه المحاصصة، ولم يكن لديها خطّ سياسيّ ثابت. وكان البرلمان العراقي قد أخفق على مدار 4 جلسات، بانتخاب بديل للحلبوسي، بسبب عدم التوافق على مرشح واحد، حيث تمسّكت الكتل السنية الثلاث بمرشحيها شعلان الكريم، سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، على الرغم من أنّ حزب الحلبوسي (تقدم)، يسيطر على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية سنيًا.(المشهد)