ما إن اندلع بركان "إتنا" في مدينة صقلية الإيطالية، حتى تزايدت المخاوف في تونس وليبيا خلال الأيام الماضية، من احتمالية تأثير البركان على السواحل في البلاد، خصوصًا بعد الارتفاع الملحوظ لأمواج البحر، فما حقيقة حدوث تسونامي في تونس بسبب بركان إتنا؟ما بين التهويل والتهوين، دوّن الكثير من التونسيين والليبيين وبعض الصفحات التي تتحدث عن الطقس، حول تأثير بركان صقلية على السواحل التونسية والليبية، وما هي الإجراءات الاحترازية التي يجب أن تتخذها السلطات للحد من تلك التأثيرات.بركان "إتنا" في صقلية وقبل أيام، ثار بركان بالقرب من مدينة صقلية ما تسبب في تعطيل حركة الطيران لبضع ساعات، فيما قررت السلطات رفع حالة الطوارئ بالتزامن مع هذا النشاط البركاني. وأوضح المعهد الوطني للجيوفيزياء وعلم البراكين في إيطاليا، أنّ الحمم البركانية والرماد تطاير بشكل كبير من فوهة البركان باتجاه البحر. وأشار إلى أنه جرى رصد النشاط البركان بشكل متزايد في منطقة جبل "سترومبولي" وهي منطقة براكين نشطة، فيما تم تحذير السكان المحليين بضرورة توخي الحذر خلال هذه الفترة. تسونامي في تونس بسبب بركان إتنا؟ في التفاصيل، قال الخبير البيئي التونسي، الدكتور حمدي حشاد، إنّ النشاط البركاني الذي وقع في صقلية الإيطالية يبعد عن شمال تونس مسافة تقريبية تُقدر بنحو 450 كيلومترا وهو أقرب نشاط بركاني لدولة عربية. وأوضح في تصريح لمنصة "المشهد" أنّ "النشاط البركاني نتج عنه تطاير بعض الأتربة وغاز ثاني أكسيد الكبريت والتي وصلت إلى منطقة الشرق الليبي وغرب مصر بشكل أكبر، لافتا إلى أنّ هذا الغاز سام ولكن من المرجح أن يكون تأثيره غير كبير عند وصوله، ولكن يجب على السلطات أن تراقب هذا الأمر وتخطر السكان بالنتائج لكي يأخذوا حذرهم". وردًا على سؤال حول احتمالية حدوث تسونامي نتيجة النشاط البركاني، استبعد الخبير التونسي هذا الطرح وقال إنّ "حدوث تسونامي قد يحدث نتيجة وقوع زلزال كبير في المنطقة وهو لا يتوفر في هذه الحالة". وأضاف حشاد أنّ "ارتفاع الأمواج في تونس نتيجة حركة المد والجذر وبالتالي التخوفات التي يتحدث عنها الناس في مواقع التواصل الاجتماعي مبالغ فيها". وحول التقارير التي تشير إلى إمكانية حدوث زلزال كبير في منطقة شمال إفريقيا وقد تؤدي إلى موجات تسونامي، أشار إلى أنّ مراكز الأبحاث والدوريات الأوروبية غالبا ما تخرج بتحذيرات مُشابهة بطريقة اعتيادية ولكن هذا لا يعني أن هناك خطرا حقيقيا. وقال الخبير البيئي إنّ ما حدث هو تضخيم للتقرير الذي خرج من مركز بحثي إسباني خصوصًا أن الأخبار المتعلقة بالطقس والتغيرات المناخية تلقى رواجا عند الناس العاديين، لافتا إلى أنّ العلم الحديث لم يستطع التوصل بعد إلى القدرة على التنبؤ بنشاط زلزالي بشكل مسبق.تسونامي في البحر المتوسطووفقًا لصحف إسبانية، فاللجنة الحكومية الدولية المعنية بالمحيطات نشرت تقريرًا يحذر من حدوث تسونامي في البحر المتوسط، خلال السنوات الـ 30 المقبلة، وتوقعت أن يتجاوز ارتفاع البحر أكثر من متر.وأشار التقرير إلى أنّ شواطئ قادس وهويلفا الإسبانية من المرجّح أن تكون أكثر الشواطئ تضررًا جراء هذه التغيرات الكبيرة.وكشف التقرير احتمالية وقوع زلزال في منطقة سواحل شمال إفريقيا الأمر الذي من الممكن أن يتبعه حدوث تسونامي وارتفاع الأمواج إلى 6 أمتار، لافتًا إلى أن حدوث ذلك معناه غرق السواحل الإسبانية في غضون 21 دقيقة، أو في أفضل الأحوال سيكون أمام السكان 35 دقيقة فقط لإخلاء المناطق الداخلية.ويظن العلماء أن صدع ابن رشد البحر هو النقطة الحرجة التي قد تشهد حدوث الزلزال.لكن خبير التغيرات المناخية المصري الدكتور محمد عبد ربه، يتفق مع طرح حشاد، وقال إنّ "لا أحد يمكنه توقع زلزال قبل وقوعه بشهور"، لافتًا إلى أنه "يمكن توقع نشاط الزلازل قبل وقوعها بساعات فقط". وأوضح في حديث لـ"المشهد" أنّ حدوث تسونامي يحتاج إلى بحر بعمق ومسافة كبيرة وهو لا يتوفر في البحر المتوسط، مضيفا: "لا يمكن أن نرى تسونامي كبيرا كما نشاهد في الدول الأخرى يحدث في منطقة حوض البحر المتوسط". وقال إنّ المشكلة الحقيقية هي أن الجميع يتحدث عن مخاوف حدوث تسونامي ولكن من دون دراسات علمية حقيقية، لافتًا إلى أنّ "كل التوقعات غير مبنية على دراسات علمية". وأشار إلى أن النشاط الزلزالي في منطقة شمال إفريقيا ليس بنفس قوة زلازل تركيا وإيران على سبيل المثال وبالتالي فإن هذه المخاوف ليست في محلها، موضحًا أنّ "منطقة شمال إفريقيا لم تشهد حدوث زلازل مدمرة قد تصل إلى حد حدوث حركة كبيرة في البحر".أكبر البراكين في أوروبابدوره قال خبير التغيرات المناخية، الدكتور أحمد الملاعبة، إنّ ظاهرة ثوران البراكين في جزيرة صقلية الإيطالية هي ظاهرة معروفة في الجزر الأيرونية، وتثور دائمًا خصوصًا في جزيرة "إتنا" حيث ارتفع خلال الأيام الماضية إلى 4 كيلو مترات ويعد من أنشط البراكين في أوروبا. وأوضح في حديث مع "المشهد" أنّ هناك 7 براكين متجاورة في البحر الأيوني أهمهم في صقلية، ويؤثر على النظام المعيشي والسياحي في هذه الجزيرة. وأشار إلى أن السلطات المحلية هناك عادة ما تحذر من هذه الانفجارات وتؤدي في بعض الأوقات على حركة الطيران، لافتا إلى أنّه في الأيام العادية تقوم السلطات هناك بتنظيم رحلات سياحية لمشاهدة لحظات ثوران البركان والذي يحدث بانتظام. وقلل الملاعبة من مخاطر ثوران البركان على مناطق شمال إفريقيا، مشيرًا إلى أنه قد يصل بعض الغبار المحمل بغازات سامة ويجب على السلطات المحلية أن تأخذ الحذر من ذلك، ولكن ليس بالشكل الخطير الذي يحدث في محيط الانفجار في أوروبا. (المشهد)