هل بات أبناؤنا "فئران تجارب"؟ بهذا السؤال عبّر عدد من أهالي الطلاب داخل مصر في حديثهم لمنصة "المشهد"، عن استيائهم الشديد للنظام الجديد لمرحلة الثانوية العامة الذي اقترحه وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، ووافقت عليه الحكومة المصرية بشكلٍ مبدئيّ لتطبيقه بداية من العام المقبل على الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي.المقترح الذي أثار الجدل داخل البلاد، كشف تفاصيله بيان رسمي صادر عن مجلس الوزراء المصري، حيث تضمن النظام الجديد اعتماد مسمى (شهادة البكالوريا المصرية الجديدة) بدلاً من الثانوية العامة، ويتكون هيكل البكالوريا من مرحلتين هما:المرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوي): وتشمل المواد الأساسية وهي: مواد التربية الدينية، اللغة العربية، التاريخ المصري، الرياضيات، العلوم المتكاملة، الفلسفة، المنطق، بالإضافة إلى اللغة الأجنبية الأولى.المرحلة الرئيسية (الصفين الثاني والثالث الثانوي): وتتضمن المواد الأساسية مثل اللغة العربية والتاريخ المصري، إلى جانب مواد تخصصية يمكن للطلاب اختيار واحدة منها وفقاً لتخصصهم، مثل الطب وعلوم الحياة، الهندسة وعلوم الحساب، الأعمال، والآداب والفنون، ويتم تحديد هذه التخصصات بناءً على اختيارات الطالب بما يتناسب مع ميوله العلمية، كما يجوز للطالب دراسة مواد إضافية في أيّ مستوى في حالة رغبته في تعدد المسارات وذلك بعد انتهاء المسار الأساسي.جدل واسعولم تمر سوى سويعات قليلة عن إعلان نظام البكالوريا المصرية الجديدة، حتى خرجت ردود الأفعال التي تكشفت ملامحها سريعاً عن وجود انتقادات حادّة لهذا النظام الجديد، حيث يقول أحد أولياء أمور الطلاب ويدعى رجب يونس إنه بات يشعر هو والكثير ممن يعرفهم بأن الطلاب أصبحوا وكأنهم فئران تجارب للمسؤولين عن التعليم في مصر، خصوصًا وأنّ هناك تغييرات عديدة طالت نظام الثانوية العامة خلال السنوات القليلة الماضية، مؤكداً أنّ هذه التغييرات لم تثمر عن أيّ أمور إيجابية لأبنائهم، بل على العكس فدائماً تمثل عبئاً كبيراً عليهم، وتساءل الرجل إلى متى سنظل نعاني من التغيير المستمر في نظام الثانوية العامة؟مزايا عديدةوتعدّ شهادة الثانوية العامة للطلاب المصريين بمثابة محطة مفصلية في مسارهم التعليمي وتحظى باهتمام منقطع النظير من قبل عموم الأسر المصرية التي تقبع تحت وطأة أعباء نفسية شديدة، وضغط مادي يلتهم مدخراتهم، لذلك يؤكد مدير تحرير جريدة الأخبار المصرية ومسؤول ملف التعليم رفعت فياض لـ "المشهد"، أن نظام البكالوريا المصرية الجديدة سيساعد وبشكل كبير في تقليل الضغط النفسيّ والتوتر لدى الطلاب وأولياء الأمور، وسيقضي على ما كان يعرف بين المصريين بكابوس الثانوية العامة بحسب تعبيره، بالإضافة إلى أنه يتمتع بالعديد من المميزات والتي من بينها الآتي:تنمية المهارات الفكرية والنقدية بديلاً عن الحفظ والتلقين.إتاحة الفرصة للطلاب لدراسة المواد التخصصية التي يرغبون فيها، والتي تشمل أقسام (الطلب وعلوم الحياة - الهندسة وعلوم الحاسب - الأعمال - الآداب والفنون).تصحيح المواد سيكون عبر نظام إلكتروني ولا يوجد تدخل بشري مطلقاً.التقييم المستمر وتقسيم المواد على عامين على الأقل، وبالتالي سيتلاشى التوتر الذي كان مصاحباً دائماً لطلاب الثانوية العامة.إضافة مادة التربية الدينية للمجموع وذلك للمرة الأولى في تاريخ المنظومة التعليمية.القضاء على ظاهرة الغشوخلال السنوات الماضية انتشرت بصورة كبيرة ظاهرة الغش في الامتحانات بطرق مختلفة، خصوصا بين طلاب الثانوية العامة بشكل شبه ممنهج، مما شكل مصدر إرهاق للقائمين على العملية التعليمية في مصر، وفي هذا الصدد يقول فياض إن نظام البكالوريا المصرية الجديدة الذي سوف يُطبق بداية من العام الدراسي المقبل سيعمل على القضاء تماماً على ظاهرة الغش التي كانت تتم بين الطلاب، وذلك لأن الطالب سيكون لديه أكثر من فرصة لدخول الامتحان من أجل تحسين درجاته.وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم شادي زلطة أن مقترح نظام البكالوريا المصرية الجديدة لم تتم الموافقة عليه بصورة نهائية، كاشفاً عن إقامة حوار مجتمعي سوف يتم من أجل التباحث حول النظام الجديد، وعقد اجتماعات تشارك فيها أطراف العملية التعليمية كافة من خبراء واستشاريين ومدرسين وإعلاميين، وبعد ذلك سيتم عرضه على البرلمان المصري من أجل إقراره بشكل نهائي ومن ثم تنفيذه.نظام الامتحانات في البكالورياوتتاح امتحانات نظام البكالوريا المصرية الجديدة بفرصتين في كل عام دراسي (مايو ويوليو) لمواد الصف الثاني الثانوي، (ويونيو وأغسطس) لمواد الصف الثالث الثانوي، حسبما أوضح شادي زلطة والذي أشار إلى أن التسجيل للامتحانات في نظام البكالوريا الجديد، سيكون مجاناً للمرة الأولى فقط، وبعد ذلك سيتم فرض رسوم امتحان قدرها 500 جنيه مصري لكل امتحان للمادة الواحدة، للطالب الراسب والطالب الذي يرغب في تحسين درجاته.وعلى ما يبدو أن التعديلات التي تطرأ بين فترة وأخرى على نظام التعليم قبل الجامعي في مصر وخصوصًا مرحلة الثانوية العامة، باتت سمة أساسية تتجدد مع تغير الحكومات التي تتعاقب على مصر، حيث تواجه مرحلة الثانوية العامة العديد من التغييرات على مدار الأعوام الماضية، والتي من بينها تغيير النظام من عام واحد رئيسي (الصف الثالث الثانوي) إلى عامين هما "الصفان الثاني والثالث الثانوي"، ثم عودة النظام القديم واحتساب المجموع لعام واحد فقط وهو المعمول به حالياً.وعلى الرغم من تعدد التغييرات تلك إلا أن رئيسة مؤسسة ائتلاف أولياء أمور مصر داليا الحزاوي وصفت نظام البكالوريا المصرية الجديدة بالجيد، نظراً لأنه يتيح حرية الاختيار للطلاب لدراسة المواد المناسبة لكل منهم بناء على رغباتهم وميولهم الشخصي، بالإضافة إلى أن الهيكلة الموجودة في هذا النظام من شأنها أن تقلل من عدد المواد الدراسية التي كانت تُقرر على طلاب الثانوية العامة، ومن ثم يساعد هذا الأمر ولو بشكل قليل على القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية التي تثقل كاهل أولياء الأمور.تحدياتوبحسب وزارة التربية والتعليم في مصر فإن نظام البكالوريا المصرية الجديدة سوف يتم تطبيقه بداية من العام الدراسي المقبل 2025,2026, لكن الحزاوي أبدت تخوفها من السرعة في تنفيذه، ووجهت أسئلة عدة كان من بينها هل الوقت مناسب وكافي لتطبيق المناهج الجديدة للعام الدراسي المقبل؟، وطالبت بضرورة التأني وعدم التسرع في تنفيذ النظام الجديد وإتاحة الوقت المطلوب من أجل تهيئة المعلمين وتدريبهم بالشكل المطلوب على المناهج التعليمية التي ستخضع للتعديل، وذلك لضمان نجاح التجربة.وكان وزير التربية والتعليم والتعليم الفني في مصر محمد عبد اللطيف، قدم مقترَحاً جديداً لتغيير نظام الثانوية العامة، واعتماد شهادة البكالوريا المصرية بدلاً منه، لكن سرعان ما أحدث هذا المقترح ضجة كبيرة في الشارع المصري بسبب التغييرات العديدة التي تحدث تجاه نظام الثانوية العامة بين فترة وأخرى.(المشهد )