منذ بداية الحرب في غزة، تصدر اسم مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عناوين الأخبار، في وقت أصدر فيه بن غفير تصريحات متطرفة وغير مسبوقة ضد الفلسطينيين، ما أثار حفيظة البعض حول خطورة مثل هذه الشخصيات داخل مركز صنع القرار في إسرائيل. ومع اقتراب شهر رمضان، سارع بن غفير للتحدث عن خطته حول منع دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، لكن الحكومة الإسرائيلية أعلنت أنها ستقيد دخول المصلين الفلسطينيين إلى الأقصى خلال شهر رمضان وذلك وفقا لما سمته بـ"الظروف الأمنية". لكن بعد هذه الأنباء، قرر مجلس الحرب الإسرائيلي سحب الصلاحيات الخاصة بالمسجد الأقصى من بن غفير، وأشار إلى أنه لن تكون هناك قيود على دخول فلسطينيي الداخل والمقدسيين إلى المسجد في شهر رمضان. خطة بن غفير كانت خطة بن غفير تدعو إلى منع العرب الإسرائيليين من الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، فيما تحدثت تقارير أنه سيتم السماح لـ50 – 60 ألفا بالصلاة بالمسجد الأقصى خلال شهر رمضان. في المقابل، قُدر عدد المصلين في أيام الجمعة في رمضان كان يصل في الأيام العادية إلى ربع مليون وحتى نصف مليون، وفقا لإحصائيات. لذلك أثارت خطة بن غفير القلق بين الساسة الإسرائيليين، وذلك خوفا من أن يتحول هذا الضغط على الفلسطينيين إلى انفجار كامل في القدس والضفة الغربية، خصوصا وأن الوضع الأمني بشكل عام في المدينتين متوتر، على خلفية الحرب في غزة، وارتفاع وتيرة العنف ضد فلسطينيي الضفة والقدس. وأشار إلى ذلك وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، حيث حذّر من "استغلال "حماس" شهر رمضان، مع التركيز على المسجد الأقصى والقدس، وتحويله إلى مرحلة ثانية من خطتها التي بدأت في 7 أكتوبر، وهو الهدف الرئيسي لـ"حماس"، الذي يتم تعزيزه من خلال إيران وحزب الله". وضمن تصريحاته المثيرة للجدل، عبر بن غفير عن غضبه بعد إطلاق سراح بعض المعتقلين الفلسطينيين المحتجزين في الاعتقال الإداري، واتهم الشاباك بإعطاء الفلسطينيين "هدية رمضان". هذا ويعد المسجد الأقصى ثالث أقدس موقع في الإسلام، كذلك يعتبره اليهود أقدس أماكنهم الدينية، ويطلقون عليها اسم "جبل الهيكل".إثارة الانقسام داخل إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر، واجهت الحكومة الإسرائيلية انتقادات كثيرة بسبب استطاعة "حماس" مباغتتها، وشن هجوم أدى إلى مقتل مئات الأسرى. ونتيجة اختلاف وجهات النظر حول إدارة وتحديد أهداف الحرب، ظهرت الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية إلى الواجهة. واليوم بعد قرار سحب ملف الأقصى من بن غفير، يبدو أن الخلافات داخل الحكومة والساسة الإسرائيليين تتجدد، حيث قال بن غفير "أتوقع أن ينفي رئيس الحكومة التقرير الذي يفيد بأنه في قضية المسجد الأقصى، قرر اتباع مفهوم بيني غانتس القائل إن السلام يُشترى بالخضوع والاستسلام للإرهاب، ونية نقل الصلاحيات التي يملكها وزير الأمن القومي لـ"كابينت الحرب". ووحول ذلك يقول الباحث السياسي د. محمد نادر العمري إنه "وسط مسارعة زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد لتهنئة مجلس الحرب على ما وصفه بالقرار الصائب فيما يتعلق بتجريد وزير الأمن إيتمار بن غفير من صلاحياته في إدارة الوضع الأمني بالمسجد الأقصى في شهر رمضان، مقابل توقع بن غفير بأن ينفي رئيس الحكومة نتانياهو هذه الأنباء، يبدو أن نتانياهو وحكومته دخلا في مسار معقد ينبئ بتوترٍ لا مفر منه". ورجح العمري حدوث سيناريوهين: الأول: أن يتم اجتماع مجلس الحرب ويتم رفع قرار تجريد بن غفير من هذه الصلاحيات للمجلس الوزاري المصغر أو ما يعرف "بالكبينت"، ويتوقع في هذه الحالة أن يتم رفض هذا القرار كون مجلس الوزاري المصغر يضم شخصيات من اليمين المتطرف بما فيهم بن غفير ووزير المالية سموتريتش. وهذا السيناريو يعد من أكثر السيناريوهات ترجيحاً في حال أراد نتانياهو عدم خسارة حلفائه من اليمين من جانب وتهربه من مواجهة المعارضة وتنصله من أي مسؤولية للتداعيات التي قد تحصل، وفقا للعمري.الثاني: يكمن في أن تصريح لابيد يكمن من حصوله على معلومات بأن نتانياهو استخدم صلاحياته كرئيس للحكومة واتخذ مثل هذا القرار دون موافقة الكبينت، مثل هذا السيناريو قد ينجم عنه تصاعد وتيرة الخلاف بين نتانياهو وحلفائه في الائتلاف الحكومي من اليمين، وقد لا يدخل مثل هذا السيناريو الحكومة الإسرائيلية في خلاف وانقسام وربما استقالة فقط، بل قد يشكل نواة لانفجار المواجهة داخل إسرائيل بين المستوطنين المتطرفين المؤيدين لليمين أو من اتباع الأحزاب الدينية وبين خصومهم السياسيين.رسالة إسرائيلية إلى العالم وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني د. أحمد رفيق عوض فأن "دلالات سحب ملف الأقصى من بن غفير كثيرة، وعلى رأسها إرسال رسائل إلى الفلسطينيين وإلى العالم بأسره، مفادها بأن إسرائيل لن تسمح لبن غفير بأن يشعل المنطقة، وذلك لأن التقدير الأمني يشير إلى أن رمضان سيشهد موجة عالية من المواجهة في فلسطين وخارجها". كذلك دلالة سحب الملف تشير إلى أن إسرائيل تحت ضغط أميركي وعربي لتهدئة الأمور في رمضان، وفقا لعوض، الذي يضيف قائلا: "هناك تخوف كبير من انفجار الوضع في الضفة والقدس، في ظل الهجمات المستمرة للمستوطنين على الفلسطينيين، إضافة إلى الاعتقالات وتدمير البنية التحتية، وإذا تم إغلاق الأقصى في رمضان الأمور سوف تسوء أكثر فأكثر".هذا وتتعرض إسرائيل ونتانياهو بالتحديد إلى ضغط أميركي لخفض حدة الصراع في غزة، حيث ظهرت إلى العلن خلافات بين نتانياهو وبايدن في الآونة الأخيرة.ويرى رفيق عوض أن رمضان قد يشهد صدامات، وذلك "لأن نتانياهو قال سنوفر حرية العبادة وسنوفر الأمن، ومن جهة ثانية قال الوزير عميحاي إلياهو إنه يريد مسح شهر رمضان من الأساس، ولأن العقلية الإسرائيلية عنصرية وعنيفة".(المشهد)