في وقت مبكّر من يوم عيد الميلاد في مدينة دير البلح وسط غزة، شارك المصوّر الغزّي معتز عزايزة منشورًا مخيفًا على حسابه في منصة "إكس"، وقال إنّ طائرة كوادكابتر كانت تحلق على ارتفاع منخفض فوق باب منزله، وكان يخشى أن يكون على وشك استهدافه بغارة جوية إسرائيلية.وباعتباره فلسطينيًا بارزًا على الإنترنت، وتلقى تهديدات من قبل، يعتقد العزايزة أنّ لديه سببًا للخوف. وفي حديثها لشبكة "سي إن إن" الأميركية، قالت نور وهي طالبة طب في كاليفورنيا: "بالنسبة للكثيرين منا، يبدو الأمر وكأنه أخ"، مضيفة، "إنه صديق، ونحن نراه يعاني في الوقت الحقيقي".وقالت الفتاة حول ما ينشره الغزّيون على وسائل التواصل الاجتماعي: "إنها مذكرات. إنهم يظهرون لنا حياتهم". نافذة على الحرب مثل الملايين الآخرين حول العالم، تشهد نور الحرب في غزة من خلال عيون الفلسطينيّين الذين يشاركون واقعهم اليوميّ على وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت ليلى حامد، وهي صحفية رياضية في لندن، إنّ أول شيء تفعله عندما تستيقظ، هو فتح موقع "إنستغرام" لزيارة الملفات الشخصية للفلسطينيّين الذين تتابعهم ومشاهدة قصصهم واحدًا تلو الآخر. وأضافت: "أشعر بتعاطف كبير تجاههم لدرجة أنني أشعر أحيانًا بالخوف من فتح ملفاتهم الشخصية، لمجرد التفكير في أنّ شيئًا سيئًا قد حدث لهم". كما أنّ مخرج الأفلام وراوي القصص من تورونتو كانوال أحمد، لديه روتين مماثل.وقال "إنّ هذه الصور والروايات من الفلسطينيّين تقدم وجهة نظر لحظية يشعر بها بعض الشباب، وكأنهم لم يحصلوا عليها من وسائل الإعلام التقليدية". وأضاف أحمد: "أصبحوا عائلة للعالم أجمع". بدورها، قالت الكاتبة الأميركية الفلسطينية المقيمة في بروكلين زينة عرفات، إنّ "ثبات هذه الصور والطريقة التي نشاهدها بها عبر هواتفنا على انفراد، يسمح بتأثير أكثر مباشرة وقوة". تغيير النظرة التي يرى بها العالم الحرب بدأت إسرائيل قصفها المتواصل وهجومها البري على غزة، بعد أن هاجمت "حماس" إسرائيل في 7 أكتوبر، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز أكثر من 200 أسير، وفقًا للسلطات الإسرائيلية. وتقول إسرائيل إنّ هجومها يهدف إلى القضاء على "حماس"، لكنّ الصراع خلق أيضًا أزمة إنسانية، يستطيع الناس في جميع أنحاء العالم رؤيتها عن كثب. تعدّ الروايات المباشرة من الفلسطينيّين واحدة من أكثر الطرق الموثوقة التي يمكن للناس من خلالها فهم الدمار في غزة، حيث قُتل نحو واحد من كل 100 شخص، وأصيب أكثر من واحد من كل 40 منذ بدء الحرب، وفقًا للتقرير. وقالت المحللة والباحثة التي تقود أعمال السياسة والمناصرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة الحقوق الرقمية مروى فطافطة: "هذا أقرب ما يمكن من الحصول على تقارير واقعية ودقيقة عن الفظائع على الأرض". منعت إسرائيل الصحفيّين الدوليّين إلى حدّ كبير من دخول المنطقة، على أساس الافتراض أنها لا تستطيع ضمان سلامتهم.في ديسمبر الماضي، وبعد مرور شهرين على الحرب وأسابيع من المحاولات، تمكنت كلاريسا وارد من شبكة "سي إن إن" وفريقها أخيرًا، من الوصول إلى جنوب غزة من دون الحاجة إلى جيش الدفاع الإسرائيلي. وتُعتبر روايات شهود العيان على وسائل التواصل الاجتماعي حاسمة في فهم الصراعات العالمية، بما في ذلك الاشتباكات السابقة بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين. قبل أكتوبر 2023، كان لدى عزايزة نحو 25000 متابع على "إنستغرام"، وفقًا لشركة تحليلات وسائل التواصل الاجتماعيّ "Social Blade". وقد ارتفع هذا العدد منذ ذلك الحين إلى أكثر من 18 مليونًا. تأثير العنف على حياتهم قالت صانعة المحتوى، بليستيا العقاد إنها أرادت أن تروي قصصًا عن جمال غزة، قبل أن تحوّلها أحداث 7 أكتوبر إلى مراسلة حربية بحكم الأمر الواقع. بعد أن انتشر أحد مقاطع الفيديو الخاصة بها، والذي يصور انفجارًا بالقرب من المبنى الذي تسكن فيه، على نطاق واسع، قالت إنها شعرت بواجب الاستمرار. نشرت بلستيا باللغة الإنجليزية بطلاقة، ما سمح لصورها ومقاطع الفيديو الخاصة بها على "إنستغرام"، بالوصول إلى جمهور عالميّ يبلغ عدده الآن 4.7 مليون شخص. وقالت العقاد (22 عامًا) في مقابلة مع الشبكة: "كفلسطينيّ يعيش في غزة، ليس لديك خيار سوى أن تكون صحفيّ حرب.. بين عشية وضحاها، تتغير حياتك. بين عشية وضحاها، تحدث حرب وليس لديك خيار. لقد وجدت نفسك تخبر العالم بما يحدث، سواء أعجبك ذلك أم لا". وفي نوفمبر الماضي، اتخذت القرار الصعب بمغادرة غزة مع عائلتها، بعد أن قام عمها في أستراليا بتأمين تأشيرات طارئة لهم. تفاصيل يومية مؤثرة وتقول الشبكة إنّ المشاهدين الذين يراجعون منشورات هؤلاء الغزّيين على وسائل التواصل الاجتماعيّ يتعرضون لتذكيرات واقعية بالحياة قبل الحرب. كان عزايزة لا يزال يوثق اندلاع الصراع الدائر قبل أحداث أكتوبر، لكنه أمضى أيضًا بعض الوقت بالقرب من البحر في تصوير الأطفال وهم يلعبون، وشارك صورة شخصية يحتفل بتخرجه من الجامعة. قامت بلستيا أيضًا بتصوير جولة في البلدة القديمة في غزة، والتقطت الصور وهي ترتدي خوذة دراجة نارية والتقطت الصور مع الكلاب.(ترجمات)