هي الذكرى السنوية الرابعة للانفجار الكارثيّ الذي هزّ مرفأ بيروت وأودى بحياة ما لا يقل عن 235 شخصًا وإصابة أكثر من 6500 شخص، ودمّر أكثر من نصف بيروت، 4 سنوات ولم يُحمَّل أحد بتاتًا المسؤولية عن المأساة التي وقعت. في جديد هذه التحقيقات تراجع التعاون بين المحقق العدليذ القاضي طارق البيطار الذي يتابع الملف، ومدّعي عام التمييز القاضي جمال الحجار الذي طلب من المحقق العدلي فصل قضية السياسيّين والقضاة عن ملف المرفأ، على أن تبقى الملاحقة بين الموظفين والمدعى عليهم الآخرين، الأمر الذي رفصه القاضي بيطار، معتبرًا أنّ الملف جزء واحد لا يتجزأ، ولا يمكن أن يغير إستراتيجيته التي وضعها منذ البداية.فعليًا، حتى اللحظة حقيقة انفجار مرفأ بيروت الذي اعتُبر من أكبر العمليات التفجيرية التي حصلت في التاريخ، لم تكشف على الرغم من المطالبات اللبنانية والدولية، وخصوصًا من أهالي الضحايا والمصابين، والذين دُمّرت أملاكهم ولم يتم التعويض لهم.ذكرى انفجار مرفأ بيروتوفي هذا الإطار، كشفت مصادر قضائية لمنصة "المشهد"، عن المعوقات القانونية الحالية المتعلقة بالتحقيق بانفجار مرفأ بيروت، مشيرة إلى أنّ النيابة العامة التمييزية طلبت من القاضي بيطار تنحية السياسيّين من الملف، باعتبار أنّ الصلاحية هي للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وطلبت منه أيضًا أن يُخرج القضاة المدعى عليهم من الملف بذريعة وجود محكمة خاصة تحاكم القضاة، وهذا الشيء الذي يرفضه البيطار حتى الآن.ولفتت المصادر عينها إلى أنه "في حال استمر القاضي بيطار بتحقيقاته، فسيتعيّن عليه إصدار تبليغات لأنّ النيابة العامة التمييزية لن تقوم بالتبليغ، وسيلجأ إلى المباشرين للتبليغ، وطبعًا المدعى عليهم لن يمثلوا، وفي هذه الحالة هناك احتمال كبير أن يُصدر مذكرات توقيف غيابية، وهذه المذكرات يجب أن تنفذها النيابة العامة التمييزية، لكنها لن تنفذها لأنها ستعتبر أنّ الإجراءات غير قانونية".وتابعت المصادر موضحة أنه أيضًا عند تسطير القرار الاتهامي، سيحتاج إلى مطالعة النيابة العامة التمييزية، التي قد لا تقوم بالمطالعة بالأساس، وبالتالي سيضطر المحقق العدلي القاضي طارق البيطار إلى إصدار قرار ظنّي من دون مطالعة، وهذا سيكون فيه ثغرة قانونية، وتتساءل المصادر "إلى أيّ حدّ سيكون هذا القرار ساعتها قابلًا للأخذ من قبل المجلس العدليّ أو رفضه؟". وختمت المصادر قائلة، إنه "لا شك بأنّ العدالة ستكون منقوصة، أو سيشوب القرار بعض العيوب القضائية القانونية إذا صدر بهذه الصيغة، ولا مجال إلّا لإصداره بهذه الطريقة".مبادرة جديدة وحاسمة وزير العدل السابق ابراهيم نجار اعتبر من جهته في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ التحديات متعددة ولكنها قابلة للتذليل، فقد حصلت أخطاء كثيرة وتراكمت، ولكن حان الوقت لإزالتها، وقال: "لديّ ثقة كبيرة بمدعي عام التمييز الحالي جمال الحجار، وانتظر مبادرة جديدة وحاسمة من قبل وكلاء الادعاء".وأشار نجار إلى أنّ "قرار المحقق العدليّ هو قرار بكل ما للكلمة من معنى، ويقول حقيقة ما حصل حتى لو تم فصل الادعاءات كما يجيز القانون".عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص اعتبر أنّ إصدار المحقق العدليّ القاضي طارق البيطار قراره الظنّي، يواجه معوقات قانونية كبيرة جدًا، مشيرّا الى أنه في حال أصدر هكذا قرار، سيكون موقفًا أكثر منه قرار، لأنه بحكم القانون هناك إشكالية كبيرة مع النيابة العامة التمييزية لم تُحل بعد. وأوضح أنّ "هناك طلبات ردّ ومخاصمة الدولة على عمل القضاة لم يُبتّ بها من الهيئة العامة لمحكمة التمييز. فمن الناحية القانونية البحتة، هذا القرار لا يمكن أن يصدر اليوم". وقال عقيص، إنّ "تمنياتنا أن يصدر القرار أمس قبل اليوم، ولكن من الناحية القانونية البحتة، سيكون قابلًا للطعن"، مضيفًا: "المجلس العدلي يمكنه تصحيح كل العيوب التي قد تشوب هذا القرار".وأكد أنه يحبذ أن تعود النيابة العامة التمييزية لتصحيح القرارات التي اتُخذت سابقًا من النيابة العامة التمييزية السابقة. ولكن بالنظر إلى كل المعطيات اليوم المحيطة بالوضع القضائيّ في لبنان، تابع عقيص: نحن نفضل المسار الآخر الذي عبّرنا عن رغبتنا بسلوكه منذ اليوم الأول، وهو إنشاء لجنة تقصي حقائق دولية. هذه اللجنة يمكنها الوصول إلى الأقمار الاصطناعية ورؤية كل التحقيقات التي جرت حتى اليوم من قبل المحقق العدلي، والتواصل مع الدول. لجنة تقصي حقائق دولية وشدّد عقيص أنه على لجنة تقصي حقائق أن تكون مثل اللجان التي أنشئت في مراحل سابقة في ليبيا، وفلسطين، وأماكن أخرى في العالم، تعمل بمهمة محددة بقرار إنشائها، وتُصدر بنتيجة أعمالها تقريرًا يُرفع إلى الجهة التي عينتها، سواء كانت جهة الأمين العام للأمم المتحدة أو مجلس حقوق الإنسان. وأضاف: هذا هو المسار الذي طلبنا فيه أولًا من الأمين العام للأمم المتحدة بعد أيام من الانفجار، ثم كررنا الطلبات نحن ونواب آخرين، وأهالٍ عديدين من أهالي الضحايا إلى مجلس حقوق الإنسان. النائب القواتيّ أسف لكون أيٍّ من هذه المراجع الدولية لم تتجاوب مع طلباتهم حتى الساعة، وقال، "يجب أن يكون هناك ضغط أكبر من قبلنا جميعًا للوصول إلى هذه اللجنة، للحقيقة، وللعدالة، ولأخذ أول خطوة في المسار الصحيح".وختم عقيص حديثه قائلًا:قد تكون السياسة تلعب دورًا في عدم إنشاء هذه اللجنة، ولكن ما يعطل العمل السياسيّ هو عدم وجود الضغط الشعبيّ والضغط من قبل المعنيّين. هؤلاء لا يجب أن يتراجعوا بل يجب أن يظلوا يطالبون. يجب على المنظمات التي أشرنا إليها أن تعيد تقديم هذا الطلب في كل دورة من دورات مجلس حقوق الإنسان في جنيف. وتجدر الإشارة إلى أنّ 18 منظمة دولية منها هيومن رايتس ووتش، دعت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى إنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق بشأن انفجار مرفأ بيروت.(المشهد - لبنان)