مأزق كبير دخل فيه "حزب الله" بعد سلسلة التفجيرات التي استهدفت أجهزة الاتصال اللاسلكي الخاصة بعناصره الأسبوع الماضي، في عملية اختراق هي الأكبر من نوعها في تاريخ صراع الحزب مع إسرائيل.على مدار يومين تعرضت شبكة الاتصال الخاصة بـ"حزب الله" للتفجير ما تسبب في مقتل العشرات وإصابة نحو 3 آلاف شخص، لتقوم بعدها إسرائيل باغتيال أبرز قيادات وحدة "الرضوان" في غارة جوية بالقرب من بيروت.وأمام الخسائر الكبيرة والفادحة التي تلقاها "حزب الله" خلال الأيام الماضية، تصاعدت حدة الصراع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث أعلن "حزب الله" قصف مواقع عسكرية إسرائيلية بعشرات الصواريخ في ساعة مُبكرة من صباح الأحد، وسط احتمالات بتوّسع نطاق الحرب.وبعد عملية الاختراق التي تعرضت لها شبكات الاتصال، يطرح مراقبون تساؤلات حول الطريقة التي يتواصل من خلالها عناصر "حزب الله" على جبهة القتال، فيما رأى خبراء عسكريون ومحللون في حديث لمنصة " المشهد" أنّ الحزب ربما يلجأ إلى وسائل الاتصال السلكية الداخلية المغلقة في التواصل بين قياداته، بينما يعتمد على طرق المراسلة التقليدية عبر الأشخاص في توصيل الرسائل على جبهة القتال.هل يعتمد "حزب الله" على المراسلات اليدوية؟وفي التفاصيل قال الخبير العسكري الأردني، العقيد إسماعيل أيوب، إنّ الجيوش النظامية والتنظيمات العسكرية لديها جهاز خاص بالإشارة يكون مهمته تأمين الاتصال بين عناصره في وقت السلم والحرب من خلال:شبكات اتصال داخلية سلكية تكون معزولة عن الشبكات المدنية.شبكات اتصال لا سلكي وليست شبكة واحدة.وأوضح في حديث لـ"المشهد" أنه في أوقات الحرب تكون وسائل الاتصال عبر الشبكات السلكية الداخلية المغلقة، ولا يتم استخدام الأجهزة اللاسلكية إلا في أضيق الحدود.وحول وضع "حزب الله" أشار أيوب إلى أنه "طالما تعرضت أجهزة الاستدعاء الخاصة بعناصر الحزب للتفجير فمن المتوقع أن يلجأ القيادات إلى وسائل الاتصال السلكي الداخلي لضمان تأمين الاتصال"، لافتا إلى أن ما جرى في الأيام الماضية هو ضربة قوية للحزب في لبنان.وأضاف أيوب:عملية التفجير بلا شك أثّرت بشكل كبير على طرق التواصل بين عناصر "حزب الله" فضلًا عن تحييد الكثير من القيادات سواء بالقتل أو بالإصابة في الانفجارات.قد يلجأ الحزب إلى الوسائل التقليدية القديمة من خلال المراسلات اليدويّة والاعتماد على أجهزة الاتصال اللاسلكي القديمة.طريقة المراسلات اليدوية لها سلبيات كثيرة تتعلق ببعد المسافات وتأخر وصول الرسائل، ولكنها الوسيلة الأضمن في هذه الحالة.من المرجّح أنّ يعتمد قادة الحزب على وسائل الاتصال المغلقة السلكية فيما بينهم بينما تعتمد العناصر على جبهة القتال على الرسائل اليدوية بحيث تكون الطريقة مضمونة وصعب تتبعها.عناصر "حزب الله" قد يعتمدوا وسائل الاتصال اللاسلكي في أضيق الحدود عند إعطاء أمر عسكريّ بإطلاق صاروخ على سبيل المثال ويكون الاتصال لوقت قصير ومحدد بحيث لا يتيح لإسرائيل التحرك قبل إنهاء المهمة والعودة إلى الأنفاق.هناك تقدم تكنولوجيّ كبير لإسرائيل والتي تستطيع من خلاله رصد أيّ عمليات تواصل لاسلكي في لبنان، وهو ما يجعل "حزب الله" لا يعتمد بشكل أساسيّ على أجهزة الاتصال اللاسلكي في التواصل بين عناصره.العودة للعمل بالطرق التقليدية من جانبه، قال المحلل السياسي، د.عامر سبايلة، إنه "بلا شك تمتلك أيّ منظومة عسكرية بدائل في وسائل الاتصال"، لافتا إلى أنه "فيما يتعلق بـ "حزب الله" فإن الموضوع أكثر حساسية نظرا لطبيعة عمله خلال السنوات الماضية".وأوضح في حديث لـ"المشهد" أنّ "المعلومات تشير إلى وجود خرق كبير داخل أجهزة الاتصال في الحزب وهو ما أدى إلى تغيير نمط التعامل".وأشار سبايلة إلى أن "التطورات الأخيرة غالبا ما ستعيد منظومات العمل الاستخباري إلى الطرق التقليدية التي تعتمد على طرق بدائية وربما يكون من خلال الرسائل الشفهية".ولكن في الوقت نفسه رأى المحلل السياسي أنه "لا يمكن الاعتماد على المخاطبات الشفاهية في ظل حرب مستعرة ذات طابع استخباري وبالتالي هناك حاجة إلى سرعة اتخاذ القرار والتواصل مع القيادات"، لافتا إلى أن هذه الطريقة لا يمكن التعامل بها اليوم.وحول عدم قدرة إسرائيل على اختراق أجهزة "حماس" أوضح سبايلة أنّه "لا يمكن مقارنة "حماس" بـ"حزب الله" فالوضع مختلف على الجبهتين حيث يتعرض الحزب لحرب استخباراتيّة كبيرة في لبنان".وبيّن سبايلة أنّ "الحرب على غزة لها أهداف أخرى غير أهداف الصراع في لبنان منها أهداف مرتبطة بالبعد الجغرافي والديموغرافي".(المشهد)