أعلن المسؤولون الأميركيون نجاحهم في ضرب نحو 60 هدفًا في اليمن تابعة للمسلحين "الحوثيّين"نهاية الأسبوع الماضي، بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، مشيرة إلى أنّ هذه العمليات قد تقوّي "الحوثيّين" على خلاف ما تعتقد الإدارة الأميركية.وقال مدير هيئة الأركان المشتركة اللفتنانت جنرال دوغلاس سيمز قبل أيام، إنّ الولايات المتحدة "واثقة تمامًا" من نجاحها في إضعاف قدرة "الحوثيّين" على مواصلة مهاجمة السفن في البحر الأحمر، بالصواريخ والطائرات المسيّرة. وهي الحملة التي أطلقتها الجماعة المدعومة من إيران، ردًا على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.الضربات لم تضعف "الحوثيّين"لكن، رغم ذلك، فإنّ هناك شريحة كبيرة من شركات الشحن العالمية لا تزال تتجنب نقاط العبور عبر البحر الأحمر، والتي تقع في نطاق هجمات "الحوثيّين"، حسبما تقول "واشنطن بوست"، مشيرة إلى أنّ "(الحوثيّين) أنفسهم، لم ينحنوا بعد هجمات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة". وفي تظاهرات نُظمت خلال عطلة نهاية الأسبوع في العاصمة اليمنية صنعاء، ورد أنّ أنصار "الحوثيّين" هتفوا: "نحن لا نهتمّ ونجعلها حربًا عالمية". وبعد ذلك بأيام، هاجم "الحوثيون" الاثنين، سفينة حاويات تملكها وتديرها الولايات المتحدة في خليج عدن. و"الحوثيون" هم حركة متمردة سيطرت على صنعاء في عام 2014. وقد ازدادت روابطهم الأيديولوجية والتكتيكية مع النظام الثيوقراطيّ بإيران في السنوات التي تلت ذلك. وبينما لا يزال اليمنيون العاديون يواجهون الانهيار الاقتصاديّ والكارثة الإنسانية المترامية الأطراف، فإنّ "الحوثيّين" يسيطرون على مساحات واسعة من البلاد، ويهددون أحد أكثر الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم، وفقًا لما جاء في التقرير. ويؤكد المحللون لصحيفة "واشنطن بوست"، أنّ هذه المرحلة الجديدة من الأعمال العدائية قد تقوّي "الحوثيّين"، بدلًا من إضعافهم، إذ يقول الباحث المتخصص في الشأن اليمنيّ في معهد العلوم السياسية بباريس لوران بونفوا: "إنهم يحصلون على ما يريدون، وهو الظهور كأجرأ لاعب إقليميّ عندما يتعلق الأمر بمواجهة التحالف الدولي، الذي يؤيد إسرائيل إلى حدّ كبير ولا يهتم بالناس في غزة". ويضيف بونفوا: "هذا يولّد شكلًا من أشكال الدعم لهم، على المستوى الدوليّ وكذلك الداخلي". و"الحوثيون" جزء ممّا يُسمى "محور المقاومة"، وهي شبكة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.فرصة لتفادي الضغوط الداخليةوفي حين يبدو أنّ جماعات مثل "حزب الله" اللبناني، ترغب في تجنب التصعيد المباشر مع إسرائيل، فقد دفع "الحوثيون" أنفسهم إلى دائرة الضوء، من خلال ارتداء عباءة القضية الفلسطينية، مع إصرارهم على أنّ أعمالهم في البحر الأحمر، ستتوقف عندما توقف إسرائيل قصفها، حسبما تذكر "واشنطن بوست". وتمثل قدرة "الحوثيّين" الآن على الصمود أمام الضربات الجوية الدولية، إنجازًا بالنسبة إليهم، إذ يقول الدبلوماسيّ اليمنيّ السابق والمحلل السياسيّ مصطفى نعمان: "أعتقد أنهم يحلمون بأن يهاجمهم الأميركيون أو الإسرائيليون، لأنّ ذلك سيحوّلهم إلى قوة مقاومة حقيقية". وبحسب التقرير، تكيف "الحوثيون" منذ فترة طويلة، ومن غير الواضح ما هي رغبة الولايات المتحدة وبريطانيا، القوة الغربية الكبرى الأخرى التي شاركت في ضربات الأسبوع الماضي، في إطلاق حملة منسّقة لزيادة تقليص قدرات "الحوثيّين". ومن غير المرجح أن يؤدي الهجوم الجوّي الأميركيّ على أهداف "حوثية"، إلى إلحاق المزيد من الأضرار الجسيمة أو أنّ أيّ ضرر قد يلحق بمعداتهم أو منشآتهم. ويعتقد سفير الولايات المتحدة السابق في اليمن جيرالد فايرستين، أنّ "هذه المعدات لا يمكن إصلاحها أو استبدالها بسرعة"، مضيفًا: "علاوة على ذلك، فإنّ هجوم الولايات المتحدة على أهداف عسكرية للحوثيّين، من شأنه أن يؤكد، من وجهة نظر (الحوثيّين)، صحة دعايتهم بأنهم يقاتلون على الخطوط الأمامية لدعم الفلسطينيّين، وأنّ عملياتهم تنجح في تهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها". وفي الواقع، فإنّ حرب غزة وتداعياتها، كما أشارت مجموعة الأزمات الدولية، "وفّرت للميليشيا اليمنية فرصة لتفادي الضغوط الشعبية المتزايدة، بشأن ممارساتهم في الحكم بالمناطق الخاضعة لسيطرتهم، ومكّنتهم من قمع المعارضة لحكمهم من خلال الاعتقالات، متهمين المعارضين بالتواطؤ مع إسرائيل والولايات المتحدة". ويشكك المحللون من مختلف الأطياف السياسية في استراتيجية إدارة بايدن في ما يتعلق بـ"الحوثيّين"، ووصف إليوت كوهين من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بأنها "قصف علاجي" قد لا يفعل الكثير على المدى الطويل لإضعاف قدرات "الحوثيّين" أو تدميرهم. وقال كوهين: "استبدال الأشخاص أصعب من استبدال الأشياء، وغرس الخوف أكثر فاعلية من الحلم بالردع"، داعيًا إلى شنّ ضربات تُسفر عن قتل المزيد من أفراد "الحوثيّين"، وكذلك عملاء وحلفاء إيران. وبعد استمرار هجمات "الحوثيّين" على سفن الشحن هذا الأسبوع، أبدى بن فريدمان، مدير السياسات في أولويات الدفاع، وهي مؤسسة فكرية، إحباطه من إدارة بايدن، قائلًا: "لم تعد تقرر ما إذا كانت ستتراجع وتبدو عاجزة، أو تصعّد بلا جدوى. والسبيل الوحيد للخروج من هذا، هو الدبلوماسية".(ترجمات)