امتزجت دموع الفرح والحزن لحظة معانقة 90 أسيراً فلسطينياً الحرية الموعودة، أغلبيتهم من النساء والأطفال، تنسموا هواء البلاد من دون قيود أو أصفاد، وعانقوا أحباءهم وذويهم بعد تجرعهم لأشهر وسنوات مرارة الاعتقال في السجون الإسرائيلية، حيث لا يخلو بيت فلسطيني من أسير منذ العام 1967.صفقة تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيلوضمن مراحل إتمام صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، بين إسرائيل وحركة "حماس"، أفرجت القوات الإسرائيلية عن الدفعة الأولى من الأسرى الفلسطينيين، وتضم 90 معتقلاً، 69 امرأة و21 طفلاً، من بينهم 76 من سكان الضفة الغربية، أطلقت القوات الإسرائيلية سراحهم عند معتقل عوفر العسكري قرب مدينة رام الله، و14 من مدينة القدس، أوصلتهم الشرطة والقوات الإسرائيلية لمنازلهم مباشرة، ومنعت التجمهر، ومظاهر الاحتفال والاستقبال. وعلى الفور، قدم الأسرى المحررون ضمن الدفعة الأولى لصفقة التبادل بين إسرائيل و"حماس"، شهادات حية للأوضاع المأساوية التي عاشوها في السجون الإسرائيلية، وتضاعفت تزامناً مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واستمرت حتى اللحظات الأخيرة، بالسحل، والضرب بأعقاب البنادق، وعدم التحرك، والتهديد والوعيد. ورغم المنع الإسرائيلي لهؤلاء الأسيرات والأطفال من الظهور على وسائل الإعلام، خوفاً من تقديم شهادات تصل للعالم عن هول ما عايشوه في السجون الإسرائيلية، إلا أنهم تحدثوا وأظهروا حجم الممارسات الخطيرة والانتهاكات الصارخة بحقهم، تارة بتجويعهم وحرمانهم من العلاج، وطوراً بالضرب والتنكيل، مما أثرت على أوضاعهم الصحية والنفسية بشكل كبير، وظهر ذلك جلياً على وجوههم المرهقة وأجسادهم النحيلة.خالدة جرار: تعذيب وقمعخرجت القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالدة جرار (61) عاماً، بحالة صحية بالغة الصعوبة، حتى أن معالمها تغيرت، في حالة تعكس قسوة الظروف اللاإنسانية التي تنتهجها سلطات السجون الإسرائيلية بحق الأسرى، والقيادية جرار تتعرض للاعتقال الإسرائيلي بشكل دائم، قالت لمنصة "المشهد" بأنها عانت ويلات العزل الانفرادي كإجراء عقابي ضدها، في ظروف لا يتحملها العقل البشري". وأضافت "ظروف الاعتقال ليست بالسهلة بل أليمة، عانيت كبقية الأسيرات ظروفا مجحفة، وكنا نتعرض للتعذيب والقمع والتنكيل بشكل شبه يومي، ونحرم من كل شيء، لكن هذه ضريبة الحرية المنشودة". عبلة سعدات: تجويع وإهمال طبيالتعب والإرهاق لا يفارقان عبلة سعدات (67) عاماً زوجة الأمين العام للجبهة الشعبية الأسير أحمد سعدات، التي كانت تعاني مشاكل صحية، فاقمتها الإجراءات وزادتها الانتهاكات الإسرائيلية ضدها خلال الاعتقال، وتصف لمنصة "المشهد" الاستهداف الممنهج تجاه كل أسيرة بالحرب النفسية والجسدية، مشيرة بأن ذلك يتم عبر منظومة "سياسة التجويع والتنكيل والإهمال الطبي" وأعربت عن أمنياتها بالإفراج عن باقي الأسرى والفرج لأهالي قطاع غزة"، وأكدت بأن آلامها في سجون إسرائيل تتشابه والحالة الفلسطينية التي ما زالت تعاني وتنشد الحرية والعدالة".رولا حسنين: حرمت من ابنتيلحظات مؤثرة من الأحضان والدموع للقاء الصحفية الفلسطينية رولا حسنين (29) عاماً، بطفلتها إيلياء التي كانت تبلغ 9 أشهر عندما اعتقلتها القوات الإسرائيلية في مطلع مارس 2024 بتهمة التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي. وتصف حسنين لمنصة "المشهد" اللحظات العصيبة التي عايشتها بعيدة عن طفلتها والتي كانت بحاجة ماسة لأمومتها ورعايتها، "كان وجعي في السجن مضاعف، نتيجة الأوضاع المعيشية الرديئة بفعل التجويع من جانب، والإهمال والطبي والتعذيب من جانب آخر، وكذلك الشعور الدائم بالألم والمرارة على طفلتي إيلياء التي كانت بحاجتي لإرضاعها ورعايتها، والانقطاع التام عن زوجي والعائلة، والسجن حرمني من الشعور بالأمومة وحال دون مهمتي كأم لديها طفلة رضيعة". وتابعت الصحفية حسنين بالقول "حرمت من عيد ميلاد إيلياء الأول، وهذا يسبب لي حالة نفسية سيئة، وكنت أشعر بأن السجان الإسرائيلي يستخدم إيلياء كوسيلة لتعذيبي وإلحقاء الضرر بي، أحتاج لفترة طويلة للتعافي واستعادة نفسيتي وحياتي السابقة". دلال العاروري: ضرب شديد وتهديد بالكلابوتروي المربية دلال العاروري (54) عاماً شقيقة القيادي في "حماس" صالح العاروري، الذي اغتالته القوات الإسرائيلية في بيروت، سوء المعاملة، وتعرضها للتعذيب والضرب الشديد، وحرمانها من الطعام والعلاج طوال فترة اعتقالها بالسجون الإسرائيلية. وأوضحت العاروري لـ"المشهد"، بأن الأسيرات الفلسطينيات "مررن بوضع صعب طوال فترة الأسر، حتى لحظات الإفراج الأخيرة، بالضرب والتهديد والمعاملة السيئة التي يتخللها التكبيل والتهديد بالكلاب والمعاملة السيئة والتخويف والقائمة تطول"، وقالت إن "التعذيب كان مضاعفا ضدها من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية كونها شقيقة العاروري".هديل شطارة: شعور بالفرح والألموعبّرت الأسيرة المحررة هديل شطارة (33) عاماً الأكاديمية في جامعة بيرزيت، عن مشاعرها المختلطة بالفرح إزاء الحرية، والألم حيال الحرب التي دمرت قطاع غزة وحصدت عشرات الآلاف من الضحايا. وقالت "أتمنى الخلاص والراحة لأهالي قطاع غزة، وأن يتوقف القتل ضدهم، وينالوا حقوقهم المشروعة العادلة"، وأضافت "لم نكن نعلم عن الصفقة ولا عن خروجنا، فالسجن هو عزل تام عن العالم والعائلة، لا تصلنا أي أخبار، تعرضنا للتنكيل والضرب حتى وصولنا لباصات الصليب الأحمر، وفي السجن منظومة كاملة من القهر والتعذيب وسلب الحقوق لا تخطر ببال عاقل، فعلى سبيل المثال، لا يوجد للفتاة أي خصوصية بالسجن، بفعل الاقتحامات اليومية والتفتيش العار للأجساد، مما يسبب لنا الأذى النفسي والجسدي". ومن جانبه، قال الطفل آدم الهدرة من مدينة القدس لمنصة "المشهد" بأنه ذاق الويلات والعذاب وشتى أصناف الحرمان في لحظات الأسر، حتى أنه عانى شدة البرد، وحرارة الصيف بفعل الإجراءات الإسرائيلية المتبعة بحقهم، قائلاً "اعتقلتني القوات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب وكنت جريحا، كان ذلك أثناء مشاركتي في مدينة القدس بمسيرة مناهضة للحرب والعدوان على غزة"، متابعاً لـ"المشهد" لقد "حرمت من العلاج المناسب، وزادت حالتي سوءاً، عانيت الوجع وعدم توفر أي مقومات لتحمل الوجع، ناهيك عن البرد والضرب والجوع الشديد".(المشهد)