"العبيد هم من بنوا الأهرامات" ظل هذا الاعتقاد قائما بعدما نقله المؤرخ اليوناني "هيرودوت" عن سماعه لهذا المعتقد من الكهنة المصريين، ولكن في عام 2013، دُحضت الفكرة بعد اكتشاف "مذكرات ميريت". مذكرات ميريت تظهر إلى السطحفي عام 2011، عثرت بعثة تنقيب فرنسية على عدد من الكهوف في وادي الجرف على ساحل البحر الأحمر. أشرف عالم الآثار بيير تاليت على عمليات التنقيب التي جرت على الفور. اكتشفت البعثة أن تلك الكهوف كانت تستخدم لتخزين القوارب في عهد الأسرة الرابعة من المملكة القديمة. استمرت عمليات التنقيب، وفي عام 2013، تمكن المنقبون من العثور على مجموعة من البرديات المكتوبة بالخط الهيراطيقي والهيروغليفي، وهما نوعان من الكتابة المصرية القديمة. ظهر للمنقبين أن بعض الرجال الذين شاركوا في بناء هرم خوفو الأكبر فم من كتبوا تلك البرديات.من ضمن تلك البرديات، كانت هناك بردية كتبها ميرير، وهو أحد المسؤولين في عهد الملك خوفو. دون ميرير يومياته في تلك البردية، وذكر أنه قاد 200 رجل أثناء السفر عبر مختلف أنحاء مصر من أجل تسليم واستلام بعض البضائع.ماذا كشفت مذكرات ميرير؟جاء في المذكرات أن الهرم الأكبر كان يسمى "أخيت خوفو" أي "أفق خوفو"، وأن ميرير كان أحد المشرفين على بنائه، وكان يذهب مع فريق العمال الذي يعمل تحت إمرته إلى بلدة طرة ليقتطعوا الحجر الجيري، وينقلوه عبر القوارب إلى الجيزة. كان من ضمن ما قاله ميرير في المذكرات، إنه كان يعمل لدى الأخ غير الشقيق للملك خوفو ويدعى "عنخ حف النبيل". كان عنخ حف يتولى منصب مدير مدخل بركة خوفو، وقد يكون أيضا مدير للمراحل الأخيرة من مشروع بناء الهرم.حكى ميرير في مذكراته أن الحجر الجيري كان يستخدم لتغليف هرم خوفو، كما كانت مذكراته بمثابة تأريخا للأحداث التي وقعت في العام الأخير من فترة حكم الملك خوفو. الاختلاف بين مذكرات ميرير وما قاله هيرودوتذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت أنه سمع من الكهنة المصريين أن بناة الأهرامات كانوا من العبيد، وظلت هذه الفكرة قائمة على مر العصور، حتى ظهرت مذكرات ميرير. جاء في المذكرات أن بناة الأهرام كانوا من العمال المصريين، وقد تلقوا أجورا مقابل عملهم. كما كان هؤلاء العمال يتمتعون بالمهارة العالية.وبهذا الاكتشاف الذي غير اعتقادا دام لآلاف السنين، كانت مذكرات ميرير جديرة بوصف عالم الآثار المصري زاهي حواس، بأنها "أعظم اكتشاف في مصر بالقرن الواحد والعشرين". لم يكن هذا فقط ما جاء في بردية مذكرات ميرير، فبحسب عالم المصريات دان بوتر، فإن هذه المذكرات تساعد على توضيح جغرافية الجزء الشمالي من مصر، وشبكة القنوات والموانئ التي استخدمت لنقل العمال والأحجار أثناء عملية بناء الهرم. وصف ميرير في يومياته أن فريقه كان يذهب في رحلة نقل الأحجار بين طرة والجيزة ذهابا وإيابا مرتين إلى 3 مرات أسبوعيا، فقد كانت الرحلة تستغرق يوما واحدا عندما يكون القارب فارغا، بينما تستغرق يومين عندما يكون القارب محملا بالحجارة. استهدفت تلك الرحلات فترات فيضان النيل للذهاب لنقل الحجارة، وذلك لتكون مياه النيل عالية بما يلائم ملاحة السفن، حسبما جاء في اليوميات. بردية يوميات ميرير لم تكن الوحيدة التي عثر عليها طاقم التنقيب، فقد عثروا على العديد من البرديات الأخرى التي تضمنت حسابات دقيقة، وجداول بيانات لتوضيح حركة الحبوب والخبز واللحوم والبيرة لإطعام العمال في موقع الهرم ومحاجر الحجارة وفرق النيل، والذين بلغ تعدادهم حوالي 20 ألف شخص. (ترجمات)