العراق.. هذه حقيقة مدافع البيشمركة والسجال الدائر بشأنها

مدافع "هاوتزر" يُثير جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية العراقية
مدافع "هاوتزر" يُثير جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية العراقية
verticalLine
fontSize
هايلايت
  • مستشار مسعود بارزاني: بعض التيارات السياسية في بغداد تريد تهميش إقليم كردستان.
  • متحدث باسم الحلبوسي: الخلافات السنية سهّلت عملية تسليح البيشمركة. 

منحت وزارة الدفاع الأميركية، قوات البيشمركة الكردية 24 مدفعاً من النوع الثقيل "هاوتزر" عيار 105من طراز "إم 119"، يصل مداها إلى 30 - 40 كيلومترا، وتم ذلك بموافقة الحكومة الاتحادية العراقية.

محمد الحلبوسي يعترض

وأثارت مدافع "هاوتزر"، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية العراقية، خصوصاً بعد تغريدة نشرها زعيم حزب تقدم ورئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي عبر منصة "إكس"، حول اعتراضه على هذه الخطوة، على الرغم من أن المدافع وصلت إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان قبل نحو 40 يوماً.

وغرّد الحلبوسي يوم السبت الماضي قائلاً: "نرفض رفضاً قاطعاً تسليح قوات البيشمركة التي يقتصر واجبها الدستوري على حفظ الأمن الداخلي ضمن حدود مسؤوليتها، وأن هذا الإجراء المرفوض قد يكون سبباً في ضرب الأمن المجتمعي الوطني بشكل عام في محافظتي نينوى وكركوك إذا ما تمت إساءة استخدام هذه الأسلحة في النزاعات العرقية أو الحزبية مستقبلاً".

وكانت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، قد أظهرت ميلاً لرئيس حزب السيادة خميس الخنجر المنافس الرئيسي للحلبوسي، ما فجّر قضية المدافع الأميركية بوجه السوداني وبارزاني معاً.

وفي المقابل، هاجم خصوم الحلبوسي من السياسيين السنة موقفه من القضية، وكتب رعد الدهلكي رئيس تحالف العزم في ديالي: "البشمركة قوة أمنية عراقية مساندة للجيش العراقي، وأثبتت التجربة حرصها على أمن العراق وشعبه بمختلف طوائفه وألوانه". ما أظهر تشتت الاصطفافات السنية وخلافاتها المستمرة منذ مشكلة انتخاب رئيس جديد للبرلمان العراقي.

تسليح البيشمركة

وحول الأسباب التي دفعت أميركا لتسليح البيشمركة، قال المستشار الإعلامي للرئيس مسعود بارزاني كفاح محمود، لمنصة "المشهد" إنه منذ ما يقارب 10 سنوات كانت قوات البيشمركة الشريك الأساسي لقوات الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي على رأسها الولايات المتحدة، وكانت من خيرة القوات التي قاتلت المجموعات الإرهابية التي احتلت محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وأجزاء من كركوك.

وأكد محمود أن قوات التحالف الدولي أعلنت أكثر من مرة أن قوات البيشمركة قاتلت ببسالة ضد "داعش"، وهنالك تحالفات بين القوات العسكرية العراقية والقوات الأميركية على تسليح البيشمركة، لكن هنالك بعض التيارات السياسية الحاكمة في بغداد تعمل على تهميش إقليم كردستان أو تقزيم صلاحياته.

وأكمل محمود: ربما تعمل هذه التيارات على عرقلة عملية إيصال هذه الأسلحة لقوات البيشمركة، كما حصل في منطقة سنجار في العام 2014، حيث لم تمتلك قوات البيشمركة إلا أسلحة خفيفة لم تمكّنها من الدفاع عن نفسها أمام أسلحة قوات "داعش" التي تُقدر تكلفتها بأكثر من 18 مليار دولار، وهي من أحدث أنواع الأسلحة البرية الأميركية التي سُلّمت للجيش العراقي، والتي استولى عليها "داعش" ثم استخدمها ضد البيشمركة.

وخلال عملية تحرير الموصل، كانت قوات البيشمركة من أولى القوات التي اخترقت خطوط الدفاع التابعة لـ"داعش"، وحطمت الخط الأول والثاني، ثم استطاعت قوات الجيش العراقي أن تدخل إلى المدينة، لهذه الأسباب أثناء تشكيل حكومة السوداني قبل 4 أعوام، تم الاتفاق على تسليح البيشمركة من قبل الإطار التنسيقي والولايات المتحدة والحكومة العراقية بالتعاون مع إقليم كردستان، بحسب محمود.

مصالح سياسية عراقية

ورداً على تغريدة الحلبوسي، قال محمود: "أعتقد أن ما نُشر لم يتجاوز العبارات السطحية، هناك شبهات حول اختيار هذا التوقيت، أي بعد 40 يوماً من وصول الأسلحة إلى أربيل، بالتناغم من مصلحة قوى الإطار التنسيقي، التي تعمل على عدم حلحلة الإشكالات بين بغداد وأربيل، وتعقيد المشاكل بين الحكومتين، بالتأكيد لديها توجيهات إقليمية لخلق الأزمات في البلاد". 

وحول خطورة هذه الأسلحة على كركوك ونينوى، يجيب محمود، إن أهالي المدينتين يدركون أن قوات البيشمركة هي من حافظت على السلم والأمن فيهما، ومنعت سقوط كركوك تحت قبضة "داعش"، وخاضت معارك دفعت خلالها مئات الشهداء، بينما احتل "داعش" الموصل والأنبار.

وختم المستشار الإعلامي للرئيس مسعود بارزاني حديثه بالقول: كان لقوات البيشمركة الدور الكبير في تحرير مدينة الموصل، كما تعمل اليوم على حماية معظم هذه المدن وأهاليها، ويشارك الإقليم في عملية التنمية والإعمار في كلا المدينتين، فكيف بفكر البعض أن تسليح البيشمركة سيشكل خطراً على هاتين المدينتين اللتين تنتميان جغرافيا لإقليم كردستان، خصوصا بعض الأقضية التابعة لمحافظتي نينوى وكركوك.

وفي المقابل، صرّح النائب عن كتلة صادقون النيابية الممثلة لفصائل "عصائب أهل الحق"، لوسائل إعلام محلية عراقية، أن البيشمركة حرس حدود وتسليحها بأسلحة ثقيلة يمثل خطراً على الجيش العراقي، موجهاً نقداً لاذعاً لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني قائلاً إن قدرات الجيش العراقي تتحمل تبعاتها الحكومة العراقية.

وفي السياق ذاته، وجهت بعض القوى السياسية العراقية السنية والشيعية، انتقادات واسعة لحكومة محمد شياع السوداني، التي باركت هذه الخطوة، وتتعرض في الوقت ذاته لخلافات حادة بين قوى الإطار التنسيقي وفصائل شيعية وتكتلات سنية وكردية أخرى.

الخلافات السنية سهّلت تسليح البيشمركة

وحول قضية تسليح البيشمركة، قال محمد العلوي، السياسي المستقل والقيادي السابق في حزب تقدم التابع لمحمد الحلبوسي لمنصة "المشهد" إن الخلاف السني بين الأطراف على مستوى المكوّن الواحد هو الذي سرّع عملية تسليح البيشمركة المتفق عليها منذ انطلاق حكومة محمد شياع السوداني.

وأوضح العلوي أن "اعتراض الرئيس الحلبوسي في تغريدته، يعود لبعض المخاوف من حدوث صراع في المناطق المتنازع عليها، خصوصاً أن ملفات هذه المناطق تزداد تعقيداً خلال الفترة الأخيرة"، مضيفاً: أعتقد أن الحلبوسي لديه أسبابه الشخصية والسياسية لرفض هذا التسليح، خصوصاً أن السياسة التي يتبعها حالياً تميل لرأي معين ومحور معين ويظهر ذلك جليّاً في كل من ديالى وكركوك والموصل.

ويرى العلوي أن "الخطر الأمني موجود قبل تسليح البيشمركة ويضاف عليه الخطر العقائدي بعد تسليحها"، مضيفاً: "الحكومة تدرك ما تفعله، لا أظن أن لديها قلقا من هذه الخطوة، كما لا أعتقد أن قوات البيشمركة ستستخدم هذه الأسلحة بشكل يهدد الأمن أو يسيء للبلاد، خصوصاً أن الخلافات الكردية الكردية ما زالت موجودة، وتمت الصفقة بموافقة جميع الأطراف.

وكانت المتحدثة باسم مقر الرئيس مسعود بارزاني خالدة خليل كتبت عبر حسابها في منصة "إكس" إن البيشمركة قوة منظمة وليست قوة طائفية لتتم معاداتها والمطالبة بنزع سلاحها.

وكلمة البيشمركة، هي تسمية تطلق على القوات العسكرية الكردية، تتكون من الناحية اللغوية من مقطعين "بيش" تعني أمام "مرك" تعني الموت، وهو تحدي الموت، وتعتبر قوات البيشمركة من أقدم القوات المسلحة العراقية التي يعود تشكيلها لعشرينيات القرن الماضي. 

(المشهد - العراق)

تعليقات
سجّل دخولك وشاركنا رأيك في الأخبار والمقالات عبر قسم التعليقات.