قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إنّ بريطانيا تواجه "عالمًا تغيّر فيه كل شيء"، حيث قام بتقليص ميزانية المساعدات الخارجية للبلاد لتمويل برنامج إعادة التسليح الذي لم تشهده البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.داخل مجلس العموم البريطاني، كان هناك شعور بالكآبة بعد حديث ستارمر عن "النظام العظيم بعد الحرب" الذي يُعاد رسمه، وفق صحيفة "فايننشال تايمز".تلتقي المستشارة البريطانية راشيل ريفز بوزراء مالية الاتحاد الأوروبي في اجتماع مجموعة العشرين في كيب تاون، لمناقشة آلية تمويل جديدة لإعادة بناء دفاعات القارة الضعيفة. والخميس، يلتقي ستارمر بالرئيس ترامب في البيت الأبيض لمناقشته في الحفاظ على ضمان الأمن الأميركي في أوروبا، بينما يتطلع رئيس الوزراء البريطاني إلى استضافة جولة جديدة من محادثات الدفاع مع القادة الأوروبيين في لندن يوم الأحد.وسط موجة النشاط هذه، تغير موقف السياسة الخارجية البريطانية بين عشية وضحاها. إنّ الدولة التي كانت تفتخر ذات يوم بأنها "قوة عظمى في المساعدات" تنفق 0.7 % من دخلها القومي على المساعدات الخارجية ستكون الآن أقل سخاءً بكثير.السلام من خلال القوةوقال ستارمر "إنه ليس إعلانًا يسعدني الإدلاء به"، حيث كشف أنّ ميزانية المساعدات، التي خفّضها بالفعل المستشار المحافظ السابق ريشي سوناك إلى 0.5 % أثناء الوباء، سوف تنكمش إلى 0.3% فقط في عام 2027.ومثل زيادة المملكة المتحدة في الإنفاق الدفاعي نفسه، من المرجح أن يحظى قرار تقليص ميزانية المساعدات بموافقة ترامب، الذي بدأت إدارته في تفكيك برنامج التنمية الأميركي، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.وبحسب الصحيفة، فقد كانت لحظة مذهلة، إذ حافظ "المستشار التقشفي" المحافظ جورج أوزبورن على هدف المساعدات بنسبة 0.7 % طوال سنوات خفض الميزانية في وزارة الخزانة في أعقاب الأزمة المالية. والآن، بدأ رئيس وزراء حزب العمال في استخدام الفأس ضده. وأصر ستارمر على أنه يتعين عليه توفير الموارد لتحقيق "السلام من خلال القوة"، ووصف نفسه بأنه مدافع عن تسوية عبر الأطلسي بعد الحرب العالمية الثانية، والتي يقودها جزئيًا رجلا الدولة من حزب العمال كليمنت أتلي وإرنست بيفين. وقال إنها "إرث فخور"، لكنه أضاف أن مهمة الحفاظ عليها "ليست خفيفة كما كانت ذات يوم" - من دون ذكر ترامب بالاسم. وأكد المحللون ادعاء ستارمر بأنّ الزيادة في الإنفاق الدفاعي من 2.3 % من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5 % - وربما إلى 3 % في البرلمان المقبل - كانت أكبر زيادة مخطط لها في الإنفاق الدفاعي في المملكة المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.ماذا عن فرنسا وألمانيا؟وقال نائب المدير العام لمعهد الخدمات الملكية المتحدة، مالكولم تشالمرز، إنّ "الالتزام المزدوج - بنسبة 2.5 % بحلول عام 2027 و3.0 % بحلول عام 2034 - سيكون النمو الأكثر استدامة في الإنفاق الدفاعي منذ عام 1945" وسيمنح وزارة الدفاع "القدرة على وضع خطط والتزامات طويلة الأجل". وأضاف أنّ "الأضواء ستتجه الآن إلى ألمانيا وفرنسا لمعرفة ما إذا كان بإمكانهما أيضًا الارتقاء إلى مستوى هذا التحدي المشترك" المتمثل في تولي مسؤولية الدفاع عن القارة. ورحب كبار الشخصيات في الدوائر العسكرية والدفاعية بخطوة ستارمر، الذين قالوا إنها متأخرة، لكنها ستمنح مساحة أكبر للمناورة للورد جورج روبرتسون، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي الذي يقود مراجعة الدفاع والأمن الإستراتيجية لرئيس الوزراء.وقال مستشار الأمن القومي السابق، اللورد بيتر ريكيتس، إنّ زيادة الإنفاق "لا غنًى عنها إذا كان ستارمر سيقود، مع [الرئيس الفرنسي إيمانويل] ماكرون، الاستجابة الأوروبية لترامب والاضطرابات التي أحدثها في الأمن الأوروبي". وأضاف أنّ الأولوية الأكثر أهمية هي إعادة تجهيز الجيش البريطاني، الذي "تأخر عن الاستثمار بعقد من الزمان" وتم إصلاحه آخر مرة للانتشار في العراق وأفغانستان، ليصبح "موثوقًا للاستخدام في أوروبا".(ترجمات)