مساع إسرائيلية وتصريحات علنية لساسة تل أبيب، تهدف لتمديد مسار مفاوضات المرحلة الأولى من الهدنة مع حركة "حماس" والتي تنتهي يوم السبت المقبل، حيث أرسلت السلطات الإسرائيلية وفداً إلى القاهرة، لكن من دون الإشارة لإمكانية مناقشة دخول المرحلة الثانية من الهدنة بين الجانبين، حيث يتجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو ولوج المرحلة الثانية من الهدنة، إذ تحتم على إسرائيل، الوقف الدائم لإطلاق النار، ومستقبل إعادة الإعمار في غزة، والإفراج عن الأسرى العسكريين الإسرائيليين لدى "حماس".بالتزامن، مع خرق الجانب الإسرائيلي الاتفاق وإعلانه نيته عدم البدء بالانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) السبت، وفق ما ينص عليه الاتفاق، في اليوم الـ42 منذ دخوله حيز التنفيذ، وتشير التصريحات والتقديرات الإسرائيلية بأنّ إسرائيل غير ملتزمة بإطار الاتفاق، من دون اتفاقات واضحة بشأن مستقبل غزة وتفكيك "حماس" وإزاحتها عن السلطة. إسرائيل ستواصل القتال حول الدوافع التي تقف خلف المطالب الإسرائيلية لتجنّب الدخول بالمرحلة الثانية من مفاوضات الهدنة، أشار الأكاديمي والمحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان لمنصة "المشهد" بأن "إسرائيل لم يتبق لديها أيّ وسيلة لمواصلة الضغوط على حركة "حماس" بسبب هذا الاتفاق المجحف، معظم الأسرى المحكومين بالمؤبدات خرجوا وإسرائيل انسحبت من معظم المناطق بقطاع غزة باستثناء محور فيلادلفيا، لذلك تطالب إسرائيل اليوم بتحسين الاتفاق، بعدم الذهاب للمرحلة الثانية من مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى، وإنما تمديد المرحلة الأولى من المفاوضات، وإطلاق سراح معظم المخطوفين الإسرائيليين". وأكد نيسان خلال حديثه بأن "كل الاتفاق الذي وقعت عليه إسرائيل مع حركة "حماس" كان خطأ فادحاً، وبمثابة استسلام وخنوع لـ"حماس"، وأصلاً تمّ بسبب الضغوط التي مورست من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين وإدارة بايدن". واعتبر المحلل السياسي نيسان أن "الحرب ستعود في قطاع غزة من جديد، حتى الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل، لأن هناك مشاكل عدة، تتعلق بالاتفاق المجحف تجاه مصالح إسرائيل، وحركة "حماس" تقوم باستعادة قوتها العسكرية يوماً بعد آخر، وإسرائيل ستسعى للقضاء على الحركة بعودة الحرب والقتال لكن بأشكال مختلفة هذه المرة، والخيار سيكون بالحرب والاجتياح مرة ثانية، وهذه الأفكار نقلت عبر الوسطاء لحركة "حماس"، إدارة ترامب ستساعد إسرائيل بالقضاء كلياً على "حماس" وعليه الوسائل والأساليب ستكون مختلفة". إسرائيل ترغب بتمديد المرحلة الأولى من جهته، أشار الخبير بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش لمنصة "المشهد" بأن السلطات الإسرائيلية تحاول تمديد المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة، التي يفترض أن تناقش الوقف الدائم للحرب، ومستقبل القطاع، والإفراج عن الأسرى العسكريين الإسرائيليين لدى "حماس" قائلاً:إسرائيل تحاول الخروج من الاتفاق كما وقعت عليه، في ضوء الانتقادات الإسرائيلية بأنه مليء بالثغرات، فالاتفاق ينص بشكل واضح على الانسحاب الكامل، وبدء مفاوضات لوقف الحرب، وإعادة إعمار غزة. كل هذا يتناقض مع أهداف إسرائيل التي أعلنتها في بداية الحرب، وقبلت بهذا الاتفاق على مضض بفعل الضغوط التي مازالت قائمة أولها، الداخلية المتعلقة بأهالي الأسرى والحاجة لترميم الجيش الإسرائيلي والخسائر الاقتصادية، وثانيها، الخارجية كضغط الولايات المتحدة. وتابع الخبير أبو غوش حديثه لـ"المشهد": "التحول الأكثر أهمية الذي يدفع بإسرائيل لإعادة النظر بمفاوضات الهدنة، تصريحات ترامب حول التهجير، فالحكومة الإسرائيلية الآن تحاول تكييف خططها وبرامجها لكي تتناسب مع مخطط التهجير، وتثبت بأن قطاع غزة غير قابل للإعمار، أو عودة السكان إليه، والتملص من الدخول لمرحلة إعادة الإعمار، وتكريس فكرة التهجير بأنها واقعية في صالح الفلسطينيين". وأكد أبو غوش بأن نتانياهو "يتفلت" من المرحلة الثانية ويسعى لتمديد المرحلة الأولى عبر "رفض مسائل عدة، كالانسحاب من كل المناطق، ووقف الحرب، وإعادة إعمار القطاع، ليحصل على أكبر قدر من الأسرى الإسرائيليين من دون أن يلتزم بالمسائل التي يحاذر بها، ويسعى لاختزال الإتفاق لمجرد تبادل أسرى، ومساعدات غذائية، بالمقابل حركة "حماس" ترفض ذلك، يمكن أن تقبل بعض التعديلات الطفيفة وتتوقع موجة جديدة من القتال ليس بالضرورة خلال شهر رمضان، لكن إذا لم تنجح المفاوضات الحالية يمكن أن يتجدد القتال وهذا لوح به الإسرائيليون صراحة بتطبيق خطة الجنرالات". هل تعود الحرب؟ حول احتمالية عودة القتال والحرب في قطاع غزة، بفعل التصريحات المتواترة من الجانب الإسرائيلي، يقول الباحث والمحلل السياسي سليمان بشارات لمنصة "المشهد" إن:أولاً، العودة للحرب بشكلها الذي كانت عليه، أمر غير واقعي، ولن تسمح به الأطراف الدولية وتحديداً إدارة ترامب الحازمة بأنه يجب تخطي الحالة العسكرية بشكلها التقليدي بما يتعلق بقطاع غزة. ثانياً، هناك قناعات بدأت تظهر في إسرائيل أن رفع مستوى الخطاب بالتهددي العسكري للإبقاء على التسويق لإسرائيل لفرض ما تقوم به على أرض الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة. ثالثا، إسرائيل أن تعزز واقعاً يرتسم من عدة جوانب، ما بين الضفة وقطاع غزة، وسورية ولبنان، توسيع نظرية المجال الحيوي لها بالجغرافية المحيطة لتعزيز مكانتها.رابعاً، الحالة الإقليمية العربية والتي هي على تماس مع القضية الفلسطينية والقضايا المركزية بالشرق الأوسط، غير معنية بأن يكون حالة قتال وحرب، وتقدم بدائل للتعاطي معها، وقد يكون حالة من التلاقي بينها وبين الرؤيا الأميركية. ويعتقد بشارات أن إسرائيل قد تذهب إلى خيارين:الأول، حالة تصعيد محسوبة، أن تكون هناك ضربات مركزة تحت إطار خروقات عبر عمليات اغتيال واستهداف، للضغط بالقبول بما يطرح على الطاولة والتسويق لما تريد الوصول إليه. الثاني، إسرائيل تتهرب من الالتزام بمسار المفاوضات وفقاً للمراحل الأولى والثانية والثالثة، ولكن هذا الالتزام إن كان شكلياً لكن يكون في جوهره واقعي بالنسبة للمنظور الإسرائيلي، وستحاول الذهاب لتمديد المرحلة الأولى، يعني ثمناً سياسياً أقل من الذهاب للمرحلة الثانية والتي عنوانها وقف الحرب، انسحاب كامل من قطاع غزة، ورفع الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية، وإدارة قطاع غزة، وهذا ما لا تريد أن تمنحه للفلسطينيين.(المشهد)