في مرة ثانية خلال 3 أشهر، تلجأ روسيا لاستبدال جنرالها المسؤول عن حربها في أوكرانيا المليئة بالمتاعب وسط مؤشرات على خلاف بين كبار حلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.التغيير الأخير الذي شمل تعيين الجنرال فاليري غيراسيموف اعتبره منتقدون للسياسة الروسية أنه لن يعالج ما يزعج الجيش الروسي في أوكرانيا.وقال محللون خارجيون ومدونو حرب روس إن التغيير بعيد كل البعد عن الإصلاح الجذري الذي تحتاجه القوات المسلحة الروسية لتصبح أكثر فعالية على الأرض.وجاء تغيير القادة في الوقت الذي تناقض فيه الكرملين بشدة حليف رئيسي لبوتين بشأن القتال الضاري ببلدة سوليدار الصغيرة في شرق أوكرانيا.والثلاثاء الماضي، قال قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين إن قواته سيطرت على سوليدار ونشر على الإنترنت صورة لنفسه مع بعض الجنود، فيما قال إنه منجم الملح الشهير في البلدة. إلا أن وزارة الدفاع الروسية والقادة الأوكرانيين ناقضوا مزاعم بريغوجين الأربعاء وقالوا إن القتال استمر في سوليدار وأن البلدة لم تسقط بعد.وحثّ المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الصحفيين على انتظار الإعلانات الرسمية حول ما إذا كانت المدينة قد تمت السيطرة عليها، مضيفا أن "النجاحات التكتيكية مهمة جدا بالتأكيد لأنها تأتي بسعر باهظ إلى حد ما".تراجع روسيوبدءا من المحاولة الفاشلة للاستيلاء على كييف بهجوم خاطئ في فبراير ومارس عام 2022، اتسمت الجهود الحربية الروسية بالعثرات والانعكاسات وخسائر فادحة، بحسب الصحيفة. وتحول هجوم الجيش الروسي إلى بطيء وطاحن مع التركيز على شرق دونباس الذي نجح في الاستيلاء على مدن عدة بتكلفة عالية لكنه توقف بعد ذلك. في أواخر الصيف الماضي، استعاد هجوم أوكراني مضاد وسريع قدرا كبيرا من الأراضي التي احتلتها روسيا في دونباس، وأُجبر الجيش الروسي على التراجع الفوضوي من منطقة خاركيف الشمالية الشرقية. ذلك التراجع دفع إلى تعيين قائد روسي جديد للحرب في أوكرانيا وهو الجنرال سيرغي سوروفيكين في أكتوبر عام 2022.وكان سوروفكين قد قام بتجديد الهيكل العسكري الروسي المفكك في أوكرانيا وأمر ببناء خطوط دفاعية لإبطاء التقدم الأوكراني، ودعا إلى الانسحاب المنظم من مدينة خيرسون الجنوبية والمناطق المحيطة بها غربي نهر دنيبرو وهي خطوة قال محللون عسكريون إنها ضرورية.والآن تم تخفيض رتبة الجنرال سوروفيكين فعليا، ليصبح واحدا من 3 نواب للجنرال غيراسيموف.وقال محللون إن التغيير أظهر أن بوتين لا يزال يركز على إبراز الاستقرار والحفاظ على توازن القوة بين الحلفاء الرئيسيين بدلا من تصحيح العيوب الأساسية للجيش.كبير باحثي السياسات في مؤسسة "RAND" في واشنطن دارا ماسيكوت قال: "لقد أخذوا شخصا كفؤا واستبدلوه بشخص غير كفؤ، لكنه كان هناك لفترة طويلة وأظهر أنه مخلص".وأضاف: "مهما كان ما يحدث في موسكو فهو بعيد المنال عما يحدث على الأرض في أوكرانيا".من هو غيراسيموف؟فيما يلي نبذة عن أبرز مراحل حياة القائد الجديد في أوكرانيا:وُلد 8 سبتمبر 1955 في مدينة كازان.تخرج من الأكاديمية العسكرية للقوات المدرعة عام 1987.عمل بين عامي 2003 و 2005 رئيسا لأركان المنطقة العسكرية للشرق الأقصى.رئيس للمديرية العامة للتدريب القتالي والخدمة في القوات المسلحة منذ عام 2005.في 2007 عُيّن قائدا لمنطقة لينينغراد العسكرية، وفي 2009 قائدا لمنطقة موسكو العسكرية.أصبح نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية عام 2010.منذ 2012 عام وهو رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية ونائبا أول لوزير الدفاع.استياء وسط انتكاساتوفي تقييم استخباراتي، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن التحول كان "اعترافا واضحا بأن الحملة تقصر عن تحقيق الأهداف الاستراتيجية لروسيا". وأوضحت أن الخطوة ستقابل "باستياء شديد" بين القوميين المتطرفين المؤيدين للحرب "الذين ألقوا باللوم بشكل متزايد على غيراسيموف في التنفيذ السيئ للحرب". تباطأت الانتكاسات الروسية تحت قيادة الجنرال سوروفيكين لكنها لم تتوقف، وحققت القوات الأوكرانية المسلحة بأسلحة غربية متطورة المزيد من المكاسب في مقاطعة خيرسون وبمنطقة دونباس في الشرق، وضربت بشكل متكرر أهدافا بعيدة عن الخطوط الأمامية.وفشلت الجهود المتضافرة لتدمير أنظمة الطاقة الأوكرانية في قصف البلاد وإخضاعها بينما باتت روسيا تفتقر إلى الذخائر الدقيقة. وبعد أن أمر بوتين بتجنيد 300 ألف جندي إضافي، أفاد المجندون الجدد بأنهم ألقوا في القتال بأقل قدر من التدريب ومعدات غير كافية، في حين قُتل بعضهم بعد أيام فقط من ارتداء الزي العسكري. بريغوجين و"فاغنر"وجاء الفشل الأخير الأكثر لفتا للانتباه في يوم رأس السنة الجديدة، عندما قصفت المدفعية الأوكرانية مجمعا يضم جنودا روس جدد بمدينة ماكفيكا في دونباس، وأقرت وزارة الدفاع الروسية بمقتل 89 لكن أوكرانيا أعلنت سقوط مئات الضحايا. المدونون العسكريون الروس المتشددون، وهم مصدر رئيسي للمعلومات عن الحرب في بلد يسيطر فيه الكرملين على وسائل الإعلام، بحسب الصحيفة، ألقوا باللوم على القادة الروس. الانتقادات الموجهة للقادة الروس الذين يرتدون الزي العسكري أوجدت فرصة لبريغوجين لتصوير نفسه و"فاغنر" على أنهما لا غنى عنهما في المجهود الحربي. في أواخر ديسمبر الماضي، نشر مقاتلو "فاغنر" مقطع فيديو موجها إلى القيادة العسكرية العليا في روسيا متهمين إياها بحجب الذخيرة والتسبب في مقتل رفاقهم.(ترجمات)