لليوم الثاني على التوالي تتواصل الحملة العسكرية الإسرائيلية واسعة النطاق، على مدن ومخيمات الضفة الغربية، الموصوفة بأنها الأكبر منذ عام 2002، وتعكس المشاهد القادمة من هناك حجم الدمار الذي تحدثه وتخلفه قوات الجيش الإسرائيلي، التي دفعت بمزيد من القوات المتوغلة، وأحكمت حصارها على مداخل المخيمات والبلدات، في حين تنفذ قوات إضافية عمليات عسكرية خاصة، مما قاد لاقتحامات واسعة، ومواجهات واشتباكات في محاور عدة، وسمع دوي انفجارات أدت لإصابة جندي إسرائيلي في مدينة جنين.ويرافق الحملة العسكرية تصريحات تحريضية لمسؤولين إسرائيليين، إذ طالب وزير الخارجية يسرائيل كاتس باستنساخ نموذج تهجير سكان غزة في الضفة، وتطابقت تلك التصريحات مع سلوك الجيش الإسرائيلي في الميدان، الذي استهدف وحاصر المستشفيات، وأعاق عمل فرق الإسعاف بشكل متعمد، ودمر البنى التحتية والطرقات الرئيسية، ونكل بالمواطنين وشنّ حملات اعتقالات مكثفة، فيما تسببت هجمات القوات الإسرائيلية بانقطاع خدمات الاتصال الثابت والإنترنت وخدمة المكالمات الخلوية، بفعل تواصل الاجتياح الواسع لشمال الضفة الغربية. وأكد الجيش الإسرائيلي أنه قتل 5 مقاتلين فلسطينيين كانوا يختبئون داخل مسجد في طولكرم بالضفة الغربية، وأن من بينهم الشاب العشريني أبو شجاع "قائد كتيبة طولكرم"، وبحسب مصادر طبية، فقد أسفرت العملية العسكرية على شمال الضفة الغربية، حتى اللحظة عن ارتقاء 17 مواطناً بينهم 8 في جنين، و5 في طولكرم، و4 في طوباس، وإصابة أكثر من 30 آخرين. عملية المخيمات الصيفية وفي هذا الإطار، أشار المحلل في الشؤون العسكرية إيال عاليما لمنصة "المشهد" إلى أن "الحملات العسكرية الموضعية التي جرت بإشراف المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، ونفذتها قوات الجيش الإسرائيلي خلال الأشهر الفائتة بالضفة الغربية لم تحقق الأهداف المرجوة، لأن الهجمات تواصلت على إسرائيل والخطر ما زال يهدد الإسرائيليين، وشهدنا عدة عمليات ومؤخراً وقعت واحدة في مدينة تل أبيب". واستطرد عاليما حديثه بالقول إن "القرار الإسرائيلي بشن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق بالضفة الغربية كان متوقعاً، فالهدف الأبرز والأهم هو القضاء على بؤر وأوكار الإرهاب في الضفة، وتصفية التهديدات القائمة ضد إسرائيل، تحديداً مخيمات شمال الضفة، والعملية ستستمر طويلاً بمشاركة قوات بحجم لواءين، لواء كفير ولواء مناشيه، كل منهم يعمل في منطقة معينة، لتكون محاصرة ومحاطة بالقوات الإسرائيلية وتحت سيطرتها، من أجل منع المسلحين من الهرب والقضاء عليهم". إرهاصات انتفاضة ثالثة في المقابل، أوضح الباحث والمحلل السياسي فراس ياغي لمنصة "المشهد" بأن عوامل اندلاع انتفاضة شعبية فلسطينية ثالثة بالضفة الغربية باتت وشيكة على الأرض، بفعل "الوضع الاقتصادي المتردي في الضفة الغربية، وممارسات المستوطنين، وما يحدث بالمسجد الأقصى المبارك، وضغط قضية الأسرى الفلسطينيين والحرب على قطاع غزة، فالأوضاع بالضفة على وشك الانفجار وتمر بحالة تنذر باندلاع انتفاضة ثالثة، بالتزامن مع تنامي هجمات المستوطنين والتغلغل الاستيطاني، كذلك أفعال وممارسات القوات الإسرائيلية في أرجاء الضفة، وزادت حدتها منذ اندلاع الحرب على غزة". وأضاف ياغي قائلا: للأسباب المذكورة أعلاه "تسارع إسرائيل للقضاء على بؤر المقاومة في داخل الضفة، باعتقادها بأنه خلال هذه العملية العسكرية الواسعة لن تحدث تداعيات بالضفة، لكن الضغوط الإسرائيلية على الفلسطينيين في ظل غياب الأفق والحل السياسي، تجعل من الانتفاضة الثالثة وشيكة، فجبهة الضفة ستكون خطيرة على إسرائيل.بفعل تزايد بؤر المقاومة في الضفة الغربية واتساعها، والخشية من توسعها بدعم من "حزب الله: وإيران، تستبق إسرائيل ذلك وتقوم بعملية عسكرية بهدف القضاء عليها وتصفيتها بشكل كامل، والعملية مربوطة بحسم الصراع في فلسطين، وفرض أمر واقع جديد بالضفة الغربية، ولتثبيته تقوم بالقضاء على الفلسطينيين وتهجيرهم وجعل مناطقهم غير قابلة للعيش.عوامل الانفجار وفي محاولة لتفنيد عوامل الانفجار، اعتبر الأكاديمي المختص بالشأن الإسرائيلي مهند مصطفى في حديثه لمنصة "المشهد" بأن "هنالك عوامل قد تدفع نحو انتفاضة شعبية شاملة، وعوامل أخرى قد تعيق ذلك، أهم العوامل الدافعة هو عنف المستوطنين المتصاعد، وسعي اليمين الإسرائيلي لحسم الوجود الفلسطيني بلا رجعة، بالإضافة لغياب أيّ أفق سياسي للحرية، والحصار الاقتصادي الإسرائيلي الخانق على أهالي الضفة الغربية". وأوضح أن العوائق الفعلية أمام اندلاع انتفاضة شعبية ثالثة في الضفة، هو حالة الاستنزاف الداخلي للمجتمع الفلسطيني، وظهور الغياب للدور الدولي والعربي في لجم إسرائيل ودعم حقوق الفلسطينيين عملياً في حالة وجود انتفاضة، فضلاً عن موقف السلطة الفلسطينية الضعيف وتهميش دورها. وفي الإطار نفسه، أكد الخبير في الشؤون السياسية خليل شاهين لمنصة "المشهد" بأن "استمرار الضغط الاستيطاني والعسكري الإسرائيلي على أهالي الضفة الغربية بهذه الطريقة، مع الاستمرار في إضعاف السلطة الفلسطينية وسحب صلاحياتها، يوفر المناخات الملائمة لتوسيع نطاق المواجهة الشعبية المسلحة في الضفة الغربية، وبالتالي لا يوجد خيار آخر أمام الفلسطينيين للدفاع عن وجودهم وحقهم على أرض وطنهم". وشدد المحلل السياسي شاهين بأننا "سنكون أمام مرحلة جديدة تمتزج فيها أدوات وأساليب عدة ونماذج للمواجهات الشعبية والمسلحة الفلسطينية ضد القوات الإسرائيلية، ما يجري الآن سوف يعزز سعي الشبان الفلسطينيين للحصول على السلاح للدفاع عن أنفسهم، والسلاح سيستخدم بفعل ازدياد هجمات الجيش والمستوطنين على البلدات والأهالي، الإجراءات الإسرائيلية تقود نحو انفجار شامل بالضفة الغربية، وسيمتد لعموم الأراضي المحتلة".(المشهد )