وسط الارتفاع الذي وصف بالجنونيّ لتكاليف الحج في مصر خلال الأعوام الأخيرة والذي وصل لأرقام قياسية، لجأ عدد كبير من المصريين الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام إلى ابتكار حيل عديدة أقل تكلفة، ولو من خلال التحايل على بعض القواعد والقوانين، ومن أبرز هذه الحيل كانت إقدام الكثير من المصريين على دخول المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج عبر تأشيرات الزيارة العائلية أو السياحية، وهو ما يعني أداء مناسك الحج من دون تصريح قانوني.هذه الحيلة دفعت وزارة الخارجيّة المصريّة إلى إصدار بيان رسميّ دعت من خلاله مواطنيها الزائرين والمقيمين بالمملكة العربية السعودية، بالالتزام التام بقواعد الحج المطبقة من قبل السلطات السعودية، تجنباً للوقوع تحت طائلة المسؤولية القانونية، والتعرض للعقوبات المقررة في هذا الشأن.الخارجية المصرية تُحذّروذكرت حيثيات البيان أنه في إطار جهود وزارة الخارجية المصرية لمتابعة الإجراءات الخاصة بأداء المواطنين المصريين لمناسك فريضة الحج، بالتعاون مع سلطات المملكة العربية السعودية المختصة، فقد تلاحظ أن أعداداً كبيرة جداً من المواطنين المصريين الذين توجهوا إلى المملكة العربية السعودية بتأشيرات زيارة، قاموا بالذهاب لأداء فريضة الحج من دون تصريح، وهو ما يخالف القواعد التنظيمية للحج، وبما يعرضهم للعقوبات المقررة والتي تشمل الحبس والغرامة وكذلك الترحيل خارج المملكة.وعلى ما يبدو أن اتجاه المصريين للحصول على تأشيرات زيارة من أجل توظيفها لأداء مناسك الحج بات ظاهرة عامة داخل مصر بشكل سنويّ، وهو ما دفع عضو غرفة شركات السياحة علاء الغمري إلى القول في تصريح لمنصة "المشهد" إنّ "هناك العديد من شركات السياحة التي لا تحمل أيّ تراخيص تقوم بالنصب على المواطنين وإقناعهم بأنّ الحصول على تأشيرات زيارة ستمكنهم من أداء فريضة الحج، لكن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق في ظل وجود تشديدات صارمة من قبل السلطات السعودية حول مثل هذه المخالفات".وحذر الغمري المواطنين في بلاده من الإقدام على نهج هذه الطريقة حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون بالسعودية.وأشار الغمري إلى أنّ السلطات المختصة داخل السعودية تعاقب الأشخاص الذين يقومون بأداء مناسك الحج باستخدام تأشيرات سياحية، ويُفرض على المخالفين عقوبة الحظر من دخول البلاد لمدة تصل إلى 10 سنوات.تكاليف باهظةوارتفعت أسعار رحلات الحج لهذا العام إلى مستويات كبيرة، حيث وصلت سعر رحلة الحج الاقتصادية إلى مستوى 260 ألف جنيه أي نحو 5462 دولاراً، والفاخرة إلى ما بين 390 و450 ألف جنيه وذلك بخلاف سعر تذكرة الطيران التي تتراوح بين 43 و62 ألف جنيه للفرد، فيما وصل إجماليّ سعر رحلة حج القرعة الخاضع لإشراف وزارة الداخلية المصريّة إلى 184 ألف جنيه للفرد، وحجّ الجمعيات التابع لوزارة التضامن الاجتماعي إلى 297 ألف جنيه للمستوى الأول، و216 ألف جنيه للمستوى الثاني، و"194 ألف جنيه" للمستوى الثالث.ورغم لجوء عدد كبير من المصريين إلى السفر للمملكة العربية السعودية عن طريق تأشيرة الزيارة الأقل كلفة من تأشيرة الحج، إلاّ أنّ شريف جميل صاحب شركة سياحية أوضح أن تأشيرة الزيارة بجميع أنواعها ومسمياتها سواء (العائلية أو الشخصية أو التجارية) لا تعدّ تصريحاً لحاملها لأداء فريضة الحج، موضحاً أن لجان الإدارة المركزية لشركات السياحة التابعة لوزارة السياحة والآثار المتواجدة داخل المطارات، رصدت بالفعل مجموعات عديدة من المواطنين المتجهين إلى المملكة العربية السعودية حاملين تأشيرات زيارة عن طريق شركات سياحة، ولوحظ أنّ تواريخ عودتهم من المملكة تم تحديدها في يوليو المقبل، أي بعد انتهاء موسم الحج لهذا العام.وكشف جميل أنه في حال ثبوت المخالفة على أيّ شركة، سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، حيث إنّه قد تصل العقوبة وفقاً للعقوبات التي يتضمنها كل من القانون المنظم لعمل الشركات السياحية وقانون البوابة المصرية للعمرة وقانون تنظيم الحج، إلى حد إلغاء ترخيص الشركة.وأضاف جميل في معرض حديثه أنّه في حال ثبوت المخالفة على أيّ كيان غير شرعيّ يقوم بمزاولة أو تنظيم أيّ برامج أو أنشطة سياحيّة متعلقة بعمل الشركات السياحية من دون الحصول على ترخيص من وزارة السياحة والآثار سيتم إحالته للنيابة العامة، والتي قد تصل العقوبة عليه بالحبس أو فرض غرامات مالية كبيرة وفقاً للقانون.مخاطر السفر بتأشيرات الزيارةوأعلنت وزارة الداخلية السعودية عن تطبيق عقوبات مشدّدة لمخالفي أنظمة وتعليمات الحج لهذا العام، حيث فرضت غرامة مالية قدرها 10 آلاف ريال سعودي على كل من يُضبط مرتديًا ملابس الإحرام في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بدون تصريح حج، وتتضاعف الغرامة في حالة التكرار، كما سيتم ترحيل الوافدين المخالفين ومنعهم من دخول المملكة لفترات محددة.كما يعاقب أيضًا كل من يقوم بنقل حجاج بدون تصريح بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر، وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف ريال سعودي، بالإضافة إلى ترحيله ومصادرة وسيلة النقل المستخدمة في المخالفة.ومع تنامي ظاهرة أداء مناسك الحج عبر تأشيرة الزيارة بمختلف مسمياتها خلال الآونة الأخيرة داخل مصر، تعالت الكثير من التساؤلات حول الحكم الشرعي للحج بهذه الطريقة، وفي هذا الإطار يقول عضو لجنة الفتوي بالأزهر الشريف الدكتور عبد العزيز النجار، إن تأشيرات الحج التي تُمنح لحجاج بيت الله الحرام ما هي إلا قوانين تنظيمية كي تتماشى مع مصلحة الجماعة وحاجة الناس ومتطلباتهم، التي اقتضتها ضرورة العصر وأوجبت على المسؤولين التدخل بكل حزم كي يضعوا القوانين واللوائح التنظيمية التي يأتي من ورائها سعادة للجميع ومصلحة لجماعة المسلمين، فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن.وأكد عضو لجنة الفتوي أنّ من قام بتأدية مناسك الحج عن طريق تأشيرة الزيارة فحجه صحيح، ولكن عليه إثم ووزر، لأنه خالف شرط تصريح دخول المملكة العربية السعودية، وهذا يؤدي إلى إرباك العملية التنظيمية للحج، مشيراً إلى أن الزحام الشديد يؤذي من ذهبوا لأداء فريضة الحج ممن رخص لهم وصرح لهم بتأدية مناسك الحج هذا العام.وكانت الخارجية المصرية قد أصدرت بيانًا مؤخراً طالبت فيه المواطنين المصريين الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام، بضرورة الالتزام التام بقواعد الحج المنصوص عليها من قبل السلطات السعودية، تجنباً للوقوع تحت طائلة المسئولية القانونية والتعرض للعقوبات المقررة في هذا الشأن.(المشهد - القاهرة)