تسعى إسرائيل للسيطرة على غزة من خلال الاعتماد على خطة قديمة للقائد الفرنسي نابليون بونابرت، تنفذ من خلالها عمليات مباغتة ضد الفصائل المسلحة في القطاع.وذكرت تقارير صحفية أن إسرائيل انتهت من شق طريق يقسم قطاع غزة إلى نصفين، كجزء من خطة أمنية للسيطرة على المنطقة لأشهر وربما لسنوات مقبلة.وتكشف صورة الأقمار الصناعية التي التقطت في 6 مارس أن الطريق الشرقي الغربي، الذي كان قيد الإنشاء منذ أسابيع، يمتد الآن من منطقة الحدود بين غزة وإسرائيل عبر القطاع إلى ساحل البحر المتوسط، بحسب شبكة "سي إن إن"."خطة نابليون"ويقول الخبير العسكري اللواء محمد عبد الواحد، إن هذه الخطة الإسرائيلية "ليست جديدة، بل قديمة اعتمدها نابليون بونابرت في السيطرة على فرنسا وغزو الدول".وقال عبد الواحد في حديثه مع منصة "المشهد" إنه "بعد الثورة طلب نابليون من أحد مساعديه يدعى أوسمن إيجاد طريقة للسيطرة على الشارع فقرر هدم 35 ألف منزل وتوسعة الطرق لتسهيل حركة وانتقال الآليات العسكرية".وأشار إلى أن الخطورة في أنها "دمرت كل المنازل على جانبي الطريق، كما غيرت الطبوغرافيا في مدن غزة ووسعت الطرق بهدم المنازل، لتسهيل عملياتها الخاطفة وحركة آلياتها في المستقبل".وأطلقت إسرائيل على الطريق اسمم "ممر نتساريم" على اسم مستوطنة نتساريم الإسرائيلية السابقة في غزة، وهو يتقاطع مع أحد الطريقين الرئيسيين بين الشمال والجنوب في غزة، وهو شارع صلاح الدين، لإنشاء تقاطع مركزي إستراتيجي، ويبدو أيضًا أنه يتصل بطريق الرشيد الذي يمتد على طول الساحل، كما تظهر صور الأقمار الصناعية. من جانبه، يقول الخبير الاستراتيجي العميد سمير راغب، إن الطريق يقسم القطاع نصفين، ويمتد الطريق من جحر الديك إلى شارع رشيد وساحل البحر المتوسط بطول 6.5 كيلو مترات.وأكد راغب في حديثه مع منصة "المشهد" أن الطريق يجعل إسرائيل تتحكم في الحركة من الجنوب للشمال للعكس وبالتالي منع عودة النازحين، بالإضافة إلى التحكم في حركة المساعدات من الجنوب للشمال.وأشار إلى أنه يسهل دخول القوات الإسرائيلية للعمليات المباغتة الخاطفة داخل مدن القطاع، التي تنطلق من مستوطنة نحال عاوز."احتلال القطاع"وقال وزير شؤون الشتات الإسرائيلي أميحاي شيكلي، لشبكة "سي إن إن" إن الطريق الجديد "سيسهل" على الجيش الإسرائيلي شن غارات شمال مدينة غزة وجنوبها على المنطقة الوسطى من قطاع غزة.وأشار إلى أن الطريق سيكون به 3 مسارات: الأول: للدبابات الثقيلة والمدرعات الثاني: للمركبات الخفيفة الثالث: للحركة السريعة. وأكد عبد الواحد أن هذه المنطقة هي التي انطلق منها هجوم 7 أكتوبر، لذلك ترغب إسرائيل في السيطرة لمنع أي هجمات في المستقبل.وأضاف أن هذا الطريق يؤكد رغبة إسرائيل في إعادة احتلال غزة من جديد، وأكد أن هذا الطريق هو الخطوة الأولى في احتلال القطاع بفصل الشمال على الجنوب.ويتفق راغب مع هذا الرأي، مؤكد أن الطريق يعني أن إسرائيل مستمرة في القطاع في المراحل ما بعد الحرب وحتى سنة على الأقل.وأشار إلى أن هذا الطريق تستطيع إسرائيل تأمينه بسهولة من العبوات الناسفة، كما يمكن لجميع القوات من مدرعات ودبابات وغيرها التحرك عليه بسهولة. وقال إن الطريق يتقاطع مع المنطقة الآمنة الداخلية لغلاف غزة وبالتالي يتيح لإسرائيل سهولة حركة حول القطاع وداخله بسهولة.وقال المقدم شمعون أوركابي، قائد الكتيبة "601" في سلاح الهندسة القتالية، للقناة 14 إن الجنود كانوا مشغولين بتدمير أي بنية تحتية متبقية في المنطقة العازلة. وأضاف: "لقد فتح لنا هذه المساحة بأكملها من الأراضي، مما سمح لنا بالسيطرة على كل ما يحدث في هذا الممر".وأضاف أن الجيش الإسرائيلي استخدم "كمية كبيرة من الألغام والمتفجرات" لهدم المباني في المنطقة العازلة، وأن المباني المتبقية في المنطقة "ستختفي قريبًا على الأرجح"."منع عودة النازحين"وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في فبراير، إن ما تردد عن قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير المباني السكنية وغيرها من المباني المدنية في أماكن أخرى من قطاع غزة، على بعد كيلومتر واحد من السياج بين إسرائيل وغزة لإنشاء منطقة عازلة، يمكن أن يرقى إلى مستوى جريمة حرب. ويؤكد الخبراء أن إسرائيل ستقيم نقاط التفتيش على طول هذا الممر، وهو ما سيمنع عودة النازحين إلى منازلهم في الشمال، التي تعتبر نقطة خلاف كبيرة بين "حماس" وإسرائيل في مفاوضات وقف إطلاق النار.وقالت إميلي هاردينغ، مديرة برنامج الاستخبارات والأمن القومي والتكنولوجيا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، لشبكة "سي إن إن" إن ممر نتساريم هو محاولة "للسيطرة على حركة السكان".وأضافت أن الطريق الذي يقسم القطاع سيسهل "فحص الأشخاص الذين يتنقلون ذهابا وإيابا بين الشمال والجنوب ومحاولة معرفة ما إذا كان أي منهم من مقاتلي (حماس)".ويرى عبد الواحد أن "حماس" وغيرها من الفصائل المسلحة في القطاع ستعدل من إستراتيجياتها للتعامل مع هذه الخطة الإسرائيلية الجديدة، مشيرا إلى أنها أعلم بطبيعة القطاع.لكنه أكد أن مخزون الذخيرة يقل مع الفصائل في غزة، لذلك تراجع عمليات الاستهداف بالياسين والأسلحة الثقيلة. (المشهد )