في ظلّ الحديث عن سحب إيران لقادتها العسكريين من اليمن من أجل تجنّب المواجهة المباشرة مع أميركا، وفقًا لتقريرٍ لصحيفة الـ"تلغراف" البريطانية، استبعد الخبير العسكري اليمني العميد الركن محمد الكميم هذا الأمر، مؤكّدًا أنّ "إيران اليوم أكثر تمسّكّاً بهذه الميليشيات، كون "الحوثيّين" يمثّلون أهمية جيوسياسيّة كبيرة جدًا بالنسبة لطهران خصوصًا بسبب وجودهم على الشريط الساحلي للبحر الأحمر وبالتالي هم يقدّمون رصدًا أوّليا لإيران".المشروع الإيرانيالكميم، وفي حديث إلى برنامج "في الواجهة" مع الإعلامية جمانة النونو، عبر قناة ومنصة "المشهد"، لفت إلى أنّ النظام الإيراني ينكر منذ البداية أي علاقة له بـ"الحوثي"، مشددًا على أنّ الأخير "هو مشروع إيراني من الفكر والأسلحة إلى المشروع الديني، وهو مرتبط ارتباطًا إيديولوجيًا وفكريًا بها".وفي هذا السيّاق، رأى أنّ "إيران ستتمسك بهذه الميليشيات أكثر من أي وقت مضى مع تصاعد التهديد الأميركي ومع وجود حاملات الطائرات في المنطقة وبالتالي إيران ستتمسك بـ"الحوثي" بشكل أكبر". وأضاف الكميم: "جماعة "الحوثي" بالنسبة لإيران الآن ذات أهميّة إستراتيجية كبيرة كجزء من مسرح العمليات الحربية، فلو افترضنا أنّ هناك أي توجيهٍ لأي ضربةٍ أميركية، فإنّ "الحوثي" يستطيع من خلال موقعه الإستراتيجي أن يؤذي أي تحرّك عسكري ويشكّل مشكلة وإزعاجًا لأي قوات في المنطقة".هذا، وأكّد أنّ "إيران لم ترسل لـ"الحوثي" الأسلحة الإستراتيجية كالصواريخ والأسلحة الباليستيّة من أجل المعركة اليمنيّة إنّما من أجل المعارك الخارجة عن الحدود". وفي ما يخصّ الموقف الذي أعلنه نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس بأن القصف على "الحوثي"، ينبغي أن يتوقّف لكي تحتفظ الولايات المتحدة الأميركية بصواريخها غالية الثمن من أجل الموضوع الرئيسي والأكبر وهو الصين.وعلّق الكميم قائلاً: "أعتقد بأنه سوء تقدير متواصل من نائب الرئيس الأميركي سببه الخبرة القليلة وعدم فهم الوضع وعدم وضوح الرؤية في ما خصّ هذه الميليشيات باعتبار أنه لا يدرك أنّ هذه الميليشيات هي جزء من إيران وأنّ القضاء عليها يُعتبر ضرورة لأنها تشكّل قطع الأذرع الإيرانية في المنطقة بعد قطع أذرع إيران في لبنان وسقوط النظام السوري السابق".تحوّل إستراتيجيبدوره، قال الخبير في الشأن الإيراني، نبيل العتوم، إن هذه التحركات تكشف تغيرا مهما في إستراتيجية إيران بالمنطقة ويشير إلى مجموعة من الضغوط المتصاعدة على طهران خصوصًا مع تراجع نفوذها في المنطقة واستشعارها الخطر من المواجهة المباشرة مع واشنطن.وفي مقابلة عبر برنامج "المشهد الليلة" على قناة "المشهد" أضاف العتوم:إذا كانت الادعاءات بشأن سحب إيران لعناصر عسكرية من اليمن صحيحة فهذا لا يعني أن النفوذ الإيراني في اليمن قد انتهى، ولكن سوف يستمر ولكن دون بصمات واضحة من قبل طهران.يعكس هذا تحولا إستراتيجيا في سياسة إيران وهو التحول إلى إستراتيجية الظل عبر استخدام وكلاء وأذرع بشكل أكثر سرية وتفعيل إستراتيجية جديدة تقوم على الخلايا النائمة أو الميليشيات الشبحية في حال تصاعد المواجهة المباشرة مع أميركا.هناك رغبة في إيران تهدف إلى التخلي عن الضغوط الداخلية، خصوصًا في ظل وجود انقسام ليس فقط بين أجنحة النظام السياسي ولكن بين الجيش الإيراني والحرس الثوري.وأوضح العتوم أن الإيرانيين يستشعرون القلق من التحركات الأميركية، حيث قامت طهران بنشر منظومات صواريخ ودفاع جوي في مناطق عدة، بالإضافة إلى إجراء تغييرات واسعة في صفوف القادة العسكريين.واستبعد الخبير في الشأن الإيراني تخلي طهران عن "الحوثيين" في اليمن، كما استبعد أن تؤثر التحركات الأخيرة على التوازنات داخل اللعبة السياسية في اليمن.ورغم ذلك، قال العتوم إن إيران تنتهج سياسة براغماتية على الرغم من الخطاب التصعيدي حول الموقف الأميركي الخاص بتفكيك البرنامج النووي الإيراني، لافتا إلى أن الأمور مرشحة للتصعيد.وأضاف "إيران في موقف صعب وأمامها خيارات ضيقة وصعبة إما القبول بالمواجهة مع أميركا أو التخلي عن برنامجها النووي".(المشهد)