في محاولة للبحث عن مخرج فلسطينيّ داخلي، والخلاص من الوضع السياسيّ الفلسطينيّ الراهن، وما يخصّ إعادة إعمار قطاع غزة فور انتهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة لليوم الـ142 على التوالي، تواردت أنباء وتوقعات بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية جديدة، تكون حكومة غير سياسية، تضم خبراء وفنيّين، لديهم خبرة وباع طويل في الوزارات التي سوف يديرونها، بلا أجندة سياسية، ولا مرجعية حزبية سياسية معينة، تتولى الترتيبات الإدارية في الضفة الغربية وقطاع غزة في المرحلة المقبلة.حكومة التكنوقراط المنتظرة، ليست حكومة "فتح" ولا "حماس"، بل حكومة محايدة من الناحية السياسية، خصوصًا على المستوى الفلسطينيّ الداخلي، وستكون بمثابة المخرج العمليّ لتكشيل حكومة من دون تجاذبات سياسية، ومقبولة إقليميًا ودوليًا، لتكون مقدمة لإعادة إعمار قطاع غزة، وعلى ما يبدو بأنّ هذه الحكومة سوف تكون أكثر مقبولية ونجاحًا داخليًا وخارجيًا، في ما يتعلق باحتياجات المواطن الفلسطينيّ وتطلعاته، وجلب التمويل لإعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب. حكومة تكنوقراط فلسطينيةوفي هذا السياق، أشار مسؤول سياسيّ فلسطينيّ رفيع في تصريح لمنصة "المشهد"، حول تشكيل حكومة فلسطينية جديدة تكنوقراط، أن "هناك مطلب أميركيّ أساسيّ بأن تكون حكومة تكنوقراط فلسطينية، كشكل من أشكال الإصلاح الذي تطالب به الولايات المتحدة السلطة الوطنية لتنفيذه، الرئاسة الفلسطينية بما فيها حركة فتح منفتحة على أن يكون فيها حكومة جديدة، من أجل إدارة الوضع في غزة، والإشراف على عملية الإعمار، وبأن تكون موجودة في اليوم التالي للحرب". وتابع قائلًا: "الولايات المتحدة طلبت من الرئاسة الفلسطينية أن يكون المزيد من الإصلاحات الإدارية في السلطة الفلسطينية، من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعم السلطة الفلسطينية، وهذه الإصلاحات تشمل وجود حكومة جديدة مهنية وجدية، لا تكون محسوبة على أيّ من التنظيمات الفلسطينية، وبالتالي رئيس الحكومة وحكومته لديهم الحرية للقيام بالمزيد من الإصلاحات، كما أن موضوع تدفق الأموال وإعادة إعمار غزة، بحاجة لحكومة مهنية تكنوقراط فلسطينية". وحول تمثيل حركة "حماس" في الحكومة الجديدة، يوضح بأنّ "حماس" قد تكون ممثلة "بأسماء واضحة محسوبة على الحركة بشكل مباشر، وسيكون عدد لا بأس به من الوزراء بتزكية من الحركة، قد يكونوا من الأكاديميّين، أو رجال الأعمال، أو الخبراء الفلسطينيّين، حتى لو لم يكونوا محسوبين بشكل مباشر على حركة "حماس"، فلا يمكن لأيّ حكومة فلسطينية أن تنجح وتعمل في قطاع غزة، من دون أن يكون هناك موافقة ضمنية من "حماس"، على الحكومة الجديدة، ووجود أسماء وازنة تزكيها الحركة".قرب تشكيل حكومة كفاءات من جانبه، يقول المتحدث باسم "فتح" عبد الفتاح دولة في تصريحات خاصة لمنصة "المشهد"، إن "هناك حراكًا متواصلًا على الصعيد الداخليّ الفلسطيني، حول عملية الإصلاح، بالتوازي مع التشاور مع الدول العربية، في ما يتعلق بإدارة الحالة الفلسطينية، أي الضفة الغربية وقطاع غزة ما بعد الحرب، من خلال تشكيل حكومة كفاءات تكنوقراط". ويتابع دولة قائلا: "السلطة الفلسطينية تسعى نحو تشكيل هذه الحكومة الجديدة، التي تصبّ في مصلحة الشعب الفلسطيني، وتُسهم في إعادة الحياة إلى قطاع غزة وإدارة الشأن الفلسطينيّ الداخل، لكنها لن تخضع للإملاءات الأميركية التي لا تريد إصلاحًا مؤسساتيًا فحسب، بل تغييرات في النظام السياسيّ والقيادة الفلسطينية، وعبث بالمنهاج الفلسطيني، وهي أمور تريدها إسرائيل". وأضاف لمنصة "المشهد"، أن "الإصلاحات في ما يتعلق بالبناء الداخليّ الفلسطينية، هو مطلب فلسطينيّ منذ مدة، وكان مطروحًا قبل الحرب على غزة، بكل الأحوال سوف تكون حكومة كفاءات لديها المساحة للعمل في الضفة وغزة، والقيام بواجباتها ومسؤولياتها إذا ما قامت إسرائيل بإعاقة حركتها".العلاقات مع "حماس"من ناحية أخرى، أشار دولة إلى أن "الأهم من الحديث عن استقالة الحكومة الفلسطينية وتشكيل حكومة جديدة، هو إنهاء كل أشكال المعيقات التي ستحول دون قدرة الحكومة على أداء كامل مهامها ومسؤولياتها في غزة والضفة بما فيها القدس كوحدة جغرافية وسياسة واحدة".وأكد أنه "لضمان نجاح عمل الحكومة سواء الحالية أو أي حكومة جديدة يمكن تشكيلها ضمن توجهات الإصلاح والتطوير والتغيير التي أعلن عنها رئيس الوزراء محمد اشتية، يجب أن يسبقها وقف للعدوان، والانسحاب من القطاع، والكف عن الاعتداءات والاقتحامات للضفة الغربية ورفع الحصار المالي والتضييق على السلطة الوطنية الفلسطينية".وأشار إلى أن الحكومة الفلسطينية هي مسؤولة عن كل الشعب الفلسطيني، ومن المهم النظر في شكل العلاقة المستقبلية لهذه الحكومة مع حركة "حماس"، وبما ينعكس على نجاح مهمتها.وعبّر عن أمله أن ينجح اجتماع الفصائل المزمع في روسيا بإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية. الفيصل في نجاح الحكومة المقبلةومن وجهة نظر الباحث والمحلل السياسي د.عمر رحال في حديث مع منصة "المشهد"، يقول: "الحكومة المقبلة مسؤولياتها ثقيلة، فملف قطاع غزة سوف يكون الأبرز، وفرص نجاحها تعتمد على الدعم الدولي، ونوعية العقبات التي تضعها إسرائيل أمامها، فيمكن أن تفشّل أداء الحكومة عبر الاقتحامات اليومية، واستباحة الأراضي الفلسطينية، وعمليات هدم البيوت، وقرصنة الأموال، ومنع حرية الحركة والتنقل للوزراء ما بين الضفة وغزة، بالإضافة إلى بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي". واستدرك رحال قائلًا: "لا يمكن لأيّ حكومة فلسطينية مقبلة أن تنجح في ظلّ وجود إسرائيل، التي تشكل عقبة كأداء لإنجاز برنامجها السياسيّ وتقديم الخدمات للمواطنين، والقيام بما يجب أن تقوم به، وقدرة الحكومة لأيّ انتخابات فلسطينية مقبلة". وأشار إلى أنّ "الحرب وتشكيل الحكومة ينهيان حالة الانقسام من الناحية العملية، لكن ننتظر توقيعًا سياسيًا من الطرفين بين حركتَي فتح و "حماس"، فحركة "حماس" تدرك أنه ليس بمقدورها أن تحمل الحمل الثقيل لإعادة إعمار قطاع غزة، على الأغلب ستقبل وستتنازل لحكومة تكنوقراط ووحدة، وبمشاركة وزراء إن لم يكونوا محسوبين عليها من أنصارها". (المشهد - القدس)