بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتهمة ارتكاب جريمة حرب، على خلفية الحرب في أوكرانيا، كثرت التساؤلات حول وضع الرئيس الروسي وهل يمكن محاكمته حقا أو اعتقاله؟ منصة "المشهد" توجهت بالسؤال إلى المتحدث الرسمي باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبد الله، عن حيثيات القرار وآليات تنفيذه. ما هي الاتهامات الموجهة لبوتين؟ بحسب المتحدث الرسمي باسم المحكمة الجنائية الدولية، "فالأدلة التي قدّمها مكتب المدعي العام للمحكمة، رأى فيها قضاة الدائرة التمهيدية أسبابا معقولة للظن بمسؤولية بوتين عن جرائم حرب تتعلق أساسا بتهجير ونقل الأطفال من الأراضي الأوكرانية إلى الأراضي الروسية". ويضيف العبد الله: "في الوقت الحالي، أوامر القبض التي أصدرها القضاة بناء على ذلك لا تزال مشمولة بالسرية". ووفق مذكرة الاعتقال، "فإنَّ مئات الأطفال الأوكرانيين نُقلوا من دور الأيتام ودور رعاية الأطفال إلى روسيا. كثير من هؤلاء الأطفال، تم عرضهم للتبني في روسيا الاتحادية". وبحسب المتحدث باسم "الجنائية الدولية" فالقرارات صدرت بناء على الأدلة التي يجمعها مكتب المدعي العام في "شأن الجرائم المرتكبة على الأراضي الأوكرانية أو من قبل المواطنين الأوكرانيين". ولفت إلى أن "هذه التحقيقات لا تزال جارية، وهذه هي القضية الأولى وقد يتبعها قضايا أخرى". هل يمكن اعتقال بوتين؟ خلال تصريحه لمنصة "المشهد"، يشير العبد الله إلى أن "تنفيذ أوامر القبض منوط بالتعاون الدولي، حيث إن الدول الاطراف في نظام روما الأساسي، وهي المعاهدة المنشئة للمحكمة، عليها واجب قانوني بتنفيذ أوامر المحكمة بما في ذلك أوامر القبض في حال وجود مشتبه به على أراضيها". ويواصل: "أما الدول غير الأعضاء فيمكنها التعاون بشكل اختياري إذا ما ارتأت ذلك". ويتعيّن على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية تنفيذ مذكرتَي التوقيف بحق بوتين والمفوضة الرئاسية الروسية لحقوق الأطفال ماريا لفوفا-بيلوفا إذا سافرا إليها. ويقول المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان لوكالة فرانس برس عندما سئل عما اذا كان بوتين سيُعتقل إذا وطأت قدماه أيا من تلك الدول البالغ عددها 123 "هذا صحيح". لكن على الرغم من أن ذلك القرار سيصعّب السفر على بوتين، فإن المحكمة ليس لديها شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامرها، وتعتمد كليا على تعاون الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية. ونادرا ما تقوم الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف، خصوصا عندما يتعلق الأمر برئيس دولة على غرار بوتين. لماذا لم يصدر أمر باعتقال زيلينسكي؟ يقول المتحدث إن "الأساس القانوني للتحقيق الذي بدأ في الثاني من مارس من العام الماضي، هو إعلان أوكرانيا قبولها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في شأن ما يجري على أراضيها أو من قبل مواطنيها". ويوضح: "كل دولة يمكنها أن تلاحق أو أن تقبل اختصاص المحكمة المكمل لاختصاص المحاكم الوطنية في شأن الجرائم التي قد تقع على أراضيها أو من قبل مواطنيها". ويؤكد العبد الله "استمرار التحقيقات وأن المدعي العام يحقق في عدد من الاشتباهات بوقوع جرائم من مختلف الأطراف".هل يمكن إحالة الأمر إلى مجلس الأمن؟ في تصريحاته لمنصة "المشهد"، يشير العبد الله، إلى أنه لا يمكن إحالة الأمر إلى مجلس الأمن". ويعود ذلك، بحسب المتحدث، إلى أن "التحقيق لم يُفتح بطلب من مجلس الأمن، وبالتالي لا إمكانية لإحالة الأمر من المحكمة إلى مجلس الأمن". وشدد العبد الله على أن القضية لا تزال في المرحلة التمهيدية، مضيفا أن "المحكمة لا تجري محاكمات غيابية وبالتالي فإن السير في إجراءات القضية مرتبط بتنفيذ أوامر القبض وهو كما ذكرت منوط بتعاون الدول، وهذا ليس من مسؤولية المحكمة بل من مسؤولية الدول". لماذا تصعب محاكمة بوتين؟ لا تعد روسيا، عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي ليست ملزمة بأي قرار من المحكمة، وشأنها في ذلك شأن أميركا والصين وأوكرانيا نفسها. وتمكّنت المحكمة الجنائية الدولية من توجيه اتهامات إلى بوتين لأن أوكرانيا قبلت صلاحيتها بشأن الوضع الحالي، علما أن كييف ليست عضوا فيها أيضا. لكن موسكو رفضت مذكرات التوقيف ضد بوتين بشكل قاطع، ولا تسلّم روسيا مواطنيها تحت أي ظرف. كيف ردت روسيا؟ قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحفيين: إنَّ "روسيا على غرار عدد من الدول الأخرى لا تعترف باختصاص هذه المحكمة". وأكمل: "قرارات هذه المحكمة باطلة". وبسؤاله عما إذا كان بوتين يخشى الآن السفر إلى دول تعترف بالمحكمة، أجاب "ليس لديَّ ما أضيفه بشأن هذا الموضوع. قلنا ما كنا نريد أن نقوله". وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عبر تلغرام إن "قرارات المحكمة الجنائية الدولية عديمة الأهمية بالنسبة لبلدنا". وقّعت روسيا قانون روما التأسيسي للمحكمة لكنها لم تصادق عليه لتصبح عضوا فيها، ثم سحبت توقيعها بأوامر من بوتين في العام 2016 بعدما أطلقت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في حرب 2008 في جورجيا.(المشهد)