اعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الأحد، أنّ العولمة كما كانت معهودة "انتهت"، مكثفًا اتصالاته مع شركائه الأوروبيين في نهاية الأسبوع، مع فرض واشنطن زيادة على الرسوم الجمركية تُثير تداعياتها المُحتملة على الاقتصاد العالمي، مخاوف واسعة النطاق.في المقابل قلل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد، من شأن المخاوف التي تسود الأسواق بسبب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها، وقارنها بـ"علاج" يهدف إلى معالجة أمراض الاقتصاد الأميركي. وقال زعيم حزب العمال البريطاني في مقال رأي نشرته صحيفة "تليغراف"، إنّ قرار ترامب فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الأقل على جزء كبير من الواردات الأميركية، يعني أنه "لم يعد ممكنًا اعتبار الافتراضات القديمة أمرًا مُسلمًا به".ذعر في الأسواقواعتبر أنّ "العالم كما عرفناه قد انتهى... والعالم الجديد تحكمه بشكل أقل قواعد راسخة، وبشكل أكبر اتفاقات وتحالفات". وفي نهاية الأسبوع، تشاور الزعيم البريطاني مع عدد من الزعماء الأوروبيين في شأن تأثير هذه الرسوم الجمركية والردود المحتملة عليها. وأثار القرار الأميركي حالة من الذعر في الأسواق المالية خلال الأيام الأخيرة، وما زالت المخاوف قائمة قبل إعادة فتح أسواق الأسهم العالمية الاثنين. وانخفض سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون 60 دولارًا الأحد، وذلك للمرة الأولى منذ أبريل 2021. ونحو الساعة 22,50 بتوقيت غرينتش، انخفض خام غرب تكساس الوسيط تسليم أيار بنسبة 3.31% إلى 59.94 دولارًا، بعيد استئناف التداول الساعة 22,00 بتوقيت غرينتش. وفي وقت كانت مؤشرات الأسهم تتجه نحو انخفاض جديد الاثنين، قال الرئيس الأميركي لصحافيين على متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان"، "في بعض الأحيان يتعين تناول علاج من أجل التعافي". وفي طريق عودته إلى واشنطن بعد عطلة نهاية الأسبوع التي قضاها في مقر إقامته في مارالاغو بولاية فلوريدا، سُئل الرئيس عن التراجع الذي تشهده الأسواق المالية منذ أن أعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الأقل على كل الواردات الأميركية الأربعاء. وأكد ترامب أنّ بلاده أصبحت "أقوى بكثير" منذ الإعلان عن هذه الإجراءات، معتبرًا أنّ التراجع الذي تشهده الأسواق لم يكن قرارًا متعمدًا من جانبه. وقال إنه يريد إيجاد حل "للعجز الذي لدينا مع الصين ومع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى". وأضاف، "لا أريد تراجعًا (في أي سوق)، لكن في بعض الأحيان يتعين تناول علاج من أجل التعافي"، في إشارة إلى اعتماد الاقتصاد الأميركي على الواردات، مشددًا على أنّ "الطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة هي الرسوم الجمركية"."أوروبا عاملتنا بشكل سيئ"وأكد ترامب أنه تحدث خلال عطلة نهاية الأسبوع "مع كثير من الأوروبيين والآسيويين ومع العالم بأسره. جميعهم يريدون بشدة التوصل إلى اتفاق". وردًا على سؤال حول إمكان التفاوض على منطقة خالية من الرسوم الجمركية مع أوروبا، مثلما اقترح مستشاره إيلون ماسك، كرر ترامب أنّ "أوروبا حققت ثروة من ورائنا وعاملتنا بشكل سيّئ جدًا". وأردف الرئيس الأميركي "إنهم يأتون إلى طاولة (المفاوضات). يريدون التحدث، لكن لن يكون هناك نقاش إلى أن يعطونا الكثير من المال على أساس سنوي". وتحدّث ستارمر الأحد مع المستشار الألماني أولاف شولتس والمستشار المقبل فريدريش ميرتس ومع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين. وقال الزعماء إنّ أوروبا يجب أن تكون "على مستوى الوضع وتعمل على تقليل التأثير على العمال"، وفق بيان صادر عن داونينغ ستريت. وأكد ستارمر الذي يحاول تخفيف الحواجز التجارية مع الاتحاد الأوروبي بعد أربع سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد، أنّ الوضع يجعل "من المهم بالنسبة للمملكة المتحدة أن تعزز علاقاتها التجارية مع دول أخرى". والسبت، تحدّث ستارمر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأكدا أنّ الحرب التجارية "ليست في مصلحة أحد".مشاورات أوروبيةوسيستمر التشاور هذا الأسبوع داخل الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن يجتمع وزراء التجارة الخارجية في دول الاتحاد الأوروبي، في لوكسمبورغ الاثنين، لإعداد "الرد الأوروبي على الولايات المتحدة". وفرض ترامب رسومًا جمركية إضافية بنسبة 20% على صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة. ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ في التاسع من أبريل. وتعهد الاتحاد الأوروبي بدء "مفاوضات جادة" مع واشنطن لمواجهة هذه الضرائب "غير المبررة". ونقل بيان نشرته المفوضية تأكيد فون دير لايين خلال حديثها مع ستارمر الأحد، "التزام الاتحاد الأوروبي خوض مفاوضات مع الولايات المتحدة، مع التوضيح أنّ الاتحاد الأوروبي مستعد للدفاع عن مصالحه من خلال إجراءات مضادة متناسبة إذا لزم الأمر". وأضاف البيان أنّ فون دير لايين شددت على "تصميمها على العمل مع الشركاء (في الاتحاد الأوروبي) للاستجابة لهذا الواقع الجديد للاقتصاد العالمي"، لافتة إلى أنّ كلًا منهم "سيتصرف وفقًا لأولوياته الخاصة". وسارعت الصين إلى الرد، ففرضت رسومًا جمركية بنسبة 34% على وارداتها من الولايات المتحدة، وهو المستوى نفسه الذي أعلن ترامب فرضه على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، ما يُنذر بحرب تجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم. وأعلن المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي كيفن هاسيت الأحد، أنّ "أكثر من 50 دولة" اتصلت بالبيت الأبيض "لبدء مفاوضات" بشأن التعرفات الجمركية.وتعدّ لندن من أقل المتضررين نسبيًا مقارنة باقتصادات كبرى أخرى، إذ فرض ترامب على صادراتها إلى بلاده نسبة الرسوم الأدنى البالغة 10%، وأطلقت حكومة حزب العمال برئاسة ستارمر مشاورات مع أوساط الأعمال بشأن رد محتمل. وأكد ستارمر الأحد أنّ "الأولوية المباشرة هي الحفاظ على الهدوء والعمل بجد من أجل التوصل إلى أفضل اتفاق ممكن"، مؤكدًا أنّ "كل الخيارات تبقى مطروحة". وأعلنت شركة جاغوار لاند روفر لتصنيع السيارات السبت أنها ستعلق شحناتها إلى الولايات المتحدة في أبريل، بينما تدرس تأثير الرسوم الجمركية. وتأمل الحكومة البريطانية في التوصل إلى اتفاق شراكة اقتصادية ثنائية أوسع نطاقًا مع واشنطن يمكن أن يزيل كل الرسوم الجمركية أو قسمًا منها على الأقل، ويتفاوض بشأنه البلدان منذ أسابيع. وحذر ستارمر "لن أُبرم اتفاقًا (مع الولايات المتحدة) إلا إذا كان مفيدًا للشركات البريطانية وسلامة العمال".(أ ف ب )