في وقت حرج تعيشه تل أبيب من كافة النواحي، يُتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من قبل خصومه السياسيين والإعلاميين، بالعمل على طريقة متدرجة ومتتالية للإجهاز على مؤسسات الحكم في إسرائيل، والسيطرة على الهيئات التي تمثلها، لإحكام قبضته، من أجل الإفلات من محاكمته القضائية في ملفات الفساد.تزامناً، أضحى سجال علني يسيطر على الساحة السياسية الإسرائيلية بين رئيس الوزراء نتانياهو، وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" السابق نداف أرغمان، بموازاة مواجهة صدامية مع رئيس "الشاباك" الحالي رونين بار، إذ يتهمهم نتانياهو "بتهديده وابتزازه" على طريقة المافيا، بعدما هدده رئيس المخابرات السابق نداف أرغمان، بكشف فضائح ومعلومات سرية، فيما يسعى نتانياهو الدفع برئيس المخابرات الحالي رونين بار إلى الاستقالة. تراشق الاتهامات وجّه رئيس الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" السابق، نداف أرغمان، رسالة حادة، إلى رئيس الحكومة نتانياهو، مفادها أنّه إذا خالف القانون، فسيكشف معلومات حساسة حصل عليها خلال فترة خدمته في المنصب، ورد عليه نتانياهو بالقول إنه "لا يخضع للابتزاز السياسي"، وقدم نتانياهو ضده شكوى. وحول الفضائح التي يخشى نتانياهو من أن يكشفها أرغمان وتجعله يعيش رعباً حقيقياً، يوضح الباحث في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي لمنصة "المشهد" بأنها تتعلق "بملفات متعددة يملكها الشاباك ضد نتانياهو، أهمها:أولاً، ملف "قطر غيت"، الأموال التي جاءت من دولة أجنبية لمستشاري نتانياهو، وشركات علاقات عامة على علاقة بنتانياهو، والشاباك يحقق بهذه المسألة.ثانياً، نتانياهو متخوف من التحقيق أن تصل الأمور إليه، بأنه أدخل إلى جيبه وحساباته أموال خارجية. ثالثاً، أرغمان أراد أن يوصل الرسالة بشكل واضح لنتانياهو، نحن بالمرصاد، كما أنت تفكر بالهجوم، لدينا ملفات ونستطيع أن نعلنها من خلال التسريب لوسائل الإعلام". وشدد الخبير بالشأن الإسرائيلي ياغي لـ"المشهد" بأن "طبيعة الصراع القائم بين نتانياهو مع المستوى السياسي الأمني في الداخل الإسرائيلي، مرتبط بما حدث قبل السابع من أكتوبر، حيث كانت الإصلاحات القضائية تمس بشكل كبير بمفهوم دولة إسرائيل، من حيث الديمقراطية ومحاولات الاستيلاء على الجهاز القضائي في إسرائيل، وبالتالي الثارات قديمة بين نتانياهو وجهاز المخابرات العامة، ما حدث منذ هجوم السابع من أكتوبر، استطاع نتانياهو أن يستغل الأحداث عبر حكومة ائتلاف يميني متطرف، للسيطرة على قطاع الجيش، والاستخبارات، والشاباك، والموساد، ووضع يده على الجهاز الأمني والعسكري بإسرائيل". التهجم على أجهزة الأمن ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور في حديث لمنصة "المشهد" أن "تصرفات ومخططات نتانياهو حيال جهاز المخابرات العامة في إسرائيل، تندرج في إطار تحقيق أهداف عدة، لأن "جهاز الشاباك الإسرائيلي يحقق بالعديد من الملفات ضد نتانياهو، أبرزها، ملف الشبهات في ضلوع نتانياهو وموظفين في ديوانه، وعلاقاتهم مع دول أجنبية، واتهام سارة نتانياهو بالتحكم بالجهاز الحكومي وقضايا فساد عديدة، لذلك نتانياهو يحاول منع استمرار البحث والتحقيق أو الوصول لنتائج، يتخذ هذا الأسلوب التهجمي على أجهزة الأمن لردعهم من استكمال مهمتهم".وأضاف غانور بأن المخطط العام الرئيسي لنتانياهو من وراء التركيز والهجوم على جهاز المخابرات العامة "السيطرة على مؤسسات الحكم في إسرائيل، وأيضاً امتداداً لما يعرف بالحركة التصحيحية أو الثورة القضائية، أي إحكام القبضة على المحكمة القضائية، وجهاز الشرطة، وجهاز المخابرات العامة، ورئاسة الأركان، وكل منصب له صلاحيات واسعة، وجعله تحت إمرة حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو شخصياً، وتبديل الوجوه للاستيلاء على المناصب الهامة استجابة للتيارات القائمة داخل المجتمع الإسرائيلي اليميني من جهة، وداخل حزب الليكود". وكشف غانور بأن نتانياهو يدفع نحو استقالة رئيس المخابرات العامة الحالي رونين بار من أجل "طي صفحة التحقيقات فيما يتعلق بمسألة الحرب وهجوم السابع من أكتوبر، والاكتفاء بإقالة كل من أخذ على نفسه المسؤولية في نشوب الحرب، وبذلك إبعاد الشبهات عن المستوى السياسي لنتانياهو، من هنا يطلب من جميع رؤساء الأجهزة الذين كان له ضلع في نشوب الحرب، رئيس الأركان السابق هليفي، ورئيس جهاز المخابرات أرغمان، ورئيس الموساد لاشك بأنه سيطلب منه الاستقالة، وأيضاً وزير الدفاع غالانت الذي أقيل، كل من هو ضمن المستوى السياسي والأمني والعسكري، يطلب منهم الاستقالة وتحمل المسؤولية، بهدف إبعاد الشبهات عن المستوى السياسي ونتانياهو شخصياً".قادة موالون لنتانياهو وفي هذا الصدد، يقول الباحث والمحلل السياسي الإسرائيلي يسرائيل حسون لمنصة "المشهد" إن "جهاز الشاباك الإسرائيلي، يمتلك قوة كبيرة وهائلة، ووسائل تكنولوجية متطورة، هدفها الأول والأخير وتعمل ليل نهار من أجل حفظ أمن الدولة الإسرائيلية، لكن بات من المعروف أن نتانياهو يسعى لبسط سيطرته السياسية على جهاز الشاباك، عبر تعيين شخص موال له، وبالتالي يصبح هذا الجهاز أداة سياسية بين يديه، ويسير وفقاً لرغباته ومخططاته".واستكمل حسون حديثه لـ"المشهد" قائلاً "نتانياهو يريد التخلص من رئيس الشاباك الحالي رونين بار، بتعيين رئيس جديد مكانه، لضرب الدولة العميقة المتمثلة بجهاز الشاباك التي تهدده، فهو يتبع هذه السياسية، فبعد أن يتخلص من القادة وكبار المسؤولين في الدولة، يستبدلهم بمسؤولين موالين له بالدرجة الأولى، وبالتزامن يشرع قوانين من أجل إنجاح خطة الانقلاب على منظومة الحكم، وإضعاف الجهاز القضائي".(المشهد)