يعيش لبنان، البلد الذي يبلغ عدد سكانه حاليا 6.5 ملايين نسمة والمنهك اقتصاديا وسياسيا، حربا توقع حدوثها منذ مدة طويلة. فكيف استعدت الحكومة اللبنانية للتعامل مع تداعيات هذه الحرب، في ظل نزوح الآلاف من اللبنانيين من المناطق المستهدفة بالقصف الإسرائيلي إلى العاصمة بيروت وإلى مناطق مختلفة في أنحاء لبنان كافة؟في التفاصيل، أعدت الحكومة اللبنانية أكثر من 500 مركز إيواء لاستقبال النازحين، في وقت يواجه فيه لبنان أزمة اقتصادية حادة ونقصا في الخدمات الأساسية، وفي وقت يشعر فيه الكثير من اللبنانيين بالسخط بسبب جرهم لصراع يعتقدون أن "حزب الله" لن يستطيع الانتصار فيه ولا حتى نصرة غزة معه.ظروف قاهرةوفي هذا الشأن، قال محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود لبرنامج استوديو العرب على قناة ومنصة "المشهد": "في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها البلاد، لا يسعنا إلا التعبير عن حزننا الشديد لعدد الشهداء الذين سقطوا حتى هذه الساعة ولعدد الجرحى وعدد المواطنين اللبنانيين من أهل الجنوب الذين تركوا منازلهم متوجهين إلى حيث لا يدرون وإلى حيث لا يملكون وسائل العيش ووسائل الاستقرار، وهؤلاء النازحون لهم كرامتهم، وبالتالي ينبغي على الشعب اللبناني التضامن معهم في هذه الظروف الصعبة ومساعدتهم لتجاوز هذه المرحلة الصعبة".إمكانات محدودةوتابع عبود قائلا: "في العاصمة بيروت، قمنا بالاستعداد لمواجهة هذه الظروف المستجدة وفق الإمكانات المتاحة لدينا، فالجميع يعلم أن لبنان منذ عام 2019 يعيش ظروفا اقتصادية قاهرة للغاية، بدءاً من أزمة الحكم واستقالة الحكومة اللبنانية وانفجار مرفأ بيروت الذي دمر نصف العاصمة والانهيار المالي وفقدان المواطنين لأموالهم وودائعهم في المصارف وما إلى ذلك من الأزمات التي يمر بها لبنان، وأخيراً وليس آخراً حرب 7 أكتوبر في غزة، التي أدت إلى زيادة تفاقم الوضع المالي والمؤسساتي في لبنان وأدت إلى ترهل بنيته السياسية والاجتماعية والمؤسساتية".وأضاف عبود: "حاليا، العاصمة بيروت وبالرغم من هذه الصعوبات الكبيرة ستضطر إلى استقبال ما يزيد عن 100 ألف من أهالي الجنوب، وبالتالي سيشكل هذا الوضع ضغطا كبيرا على البنية التحتية وعلى الإمكانات الاقتصادية المتاحة، في ظل غياب الدعم الدولي والدعم الإنساني من المنظمات الدولية، وستضطر المؤسسات المحلية إلى تحمل العبء منفردة وهذا ما سيؤدي إلى تردي نوعية الخدمات وإلى زيادة العبء الاقتصادي على الدولة اللبنانية وعلى المواطنين النازحين، خصوصا وأننا على أبواب الشتاء، ولن نستطيع تأمين التدفئة لهذا العدد الهائل من النازحين".وعند سؤاله عن جر "حزب الله" لبنان إلى هذه الحرب، قال عبود: "الشعب اللبناني شعب محب، وعلى الرغم مما نراه في الأعلام أحيانا من سجالات إعلامية بين اللبنانيين والآراء المتنوعة حول القضايا المختلفة، لكن في اللحظات المصيرية نحن شعب واحد ونحن إخوة، وبالتالي المحبة والعاطفة الأخوية تدفعنا إلى حماية إخوتنا واحتضانهم مهما كانت الأسباب ومهما كانت المصائب، ونحن نشهد اليوم لحظة تضامن وطني وعلى اللبنانيين جميعا أن يكونوا متكاتفين يدا بيد من أجل تجاوز هذه المحنة".وختم قائلا: "نحن ننتظر من الدول الصديقة والمحبة للبنان وخصوصا إخواننا في العالم العربي أن يمدوا لنا يد المساعدة لأن لبنان لم يترك يوما الدول العربية، بل كان دائما مساندا لقضاياها الأساسية، وهذه بيروت مجددا تدفع ثمن تضامنها مع القضية الفلسطينية، فإذا كنا نحن اللبنانيين ندفع ثمنا غاليا للقضايا العربية، فإننا ننتظر بالمقابل من الدول العربية أيضا مد يد المساعدة إلى اللبنانيين".(المشهد)