أقرت الحكومة الأميركية تعويضات للجنود الأميركيين الذين خدموا في العراق أثناء الحرب وتضررت صحتهم بسبب حرق النفايات والمخلّفات بطرق غير صحيّة في البلاد بحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست". ولم يأت التقرير بالذكر على المواطنين العراقيين الذين أصابتهم أضرار أكبر بكثير من أضرار الجنود الأميركيين نتيجة استنشاقهم لمخلفات الحرق. وبحسب التقرير فإنه وبعد 20 عاما من الحرب الأميركية على العراق، ما زالت الندوب ظاهرة في الجدران المحطّمة والمباني التي تعرضت للقصف، إضافة إلى إرث آخر أكثر استمرارية من العنف، حيث أقام الجنود قواعد عسكرية، أحرقوا نفاياتهم في العراء، وسمّموا الهواء من حولهم، وعندما بدأ الأطباء والعلماء الأميركيون في القلق بشأن التأثير الصحي على القوات العائدة، كان العراقيون يمرضون ويموتون أيضا. وأجرى مراسلو "واشنطن بوست" مقابلات مع أكثر من 10 من السكان الذين قالوا إنهم أصيبوا بالسرطان أو مشاكل في الجهاز التنفسي أثناء العمل في قاعدة بلد العسكرية الأميركية أو العيش في مكان قريب منها، وأجمع معظمهم أنهم كانوا صغارا وبصحة جيدة عندما مرضوا، وليس لديهم تاريخ عائلي لأمراض مماثلة. وتم دعم رواياتهم من قبل الخبراء الذين أكدوا الذين لاحظوا ارتفاعا مقلقا في الأمراض المتّسقة مع هذا التعرّض في السنوات التي تلت الحرب. قانون الميثاق ومع مرور ما يقرب العقدين من حرائق القمامة السامة في العراق، يقول التقرير إن الرئيس الأميركي جو بايدن وقّع أغسطس الماضي تشريعا باسم "قانون الميثاق" يقرّ بوجود صلة محتملة بين التعرض للمواد السامة والحالات الطبية التي تهدد الحياة، ما أدى إلى إقرار تعويضات لأكثر من 200 ألف أميركي عانوا من أضرار دائمة بسبب حرائق القمامة المكشوفة في العراق وغيرها.وبالنسبة لبايدن فإن القضية شخصية لاعتقاده أن الحرائق السامة تسببت في سرطان الدماغ الذي قتل ابنه بو الذي خدم في العراق كعضو في الحرس الوطني لولاية ديلاوير. حفرة الحرق وأشار التقرير إلى أن حفرة الحرق في قاعدة بلد المشتركة هي الأكبر في العراق وتبلغ مساحتها ما يقرب من 10 أفدنة، مضيفا أنه بحلول عام 2008 كان يُحرق نحو 150 طنّا من النفايات يوميا. وفي مذكرة داخلية للقوات المسلحة في عام 2006، وصف مهندس البيئة الحيوية المقدم دارين إل كيرتس الموقع بأنه "أسوأ موقع بيئي" شاهده على الإطلاق. وبحلول عام 2010، وجدت دراسة أن ما يقرب من 7% من الجنود الأميركيين الذين كانوا في القاعدة وعادوا إلى بلادهم، يعانون من أمراض بالجهاز التنفسي.وبالنسبة للأمريكيين كانت القاعدة تُعرف باسم "كامب أناكوندا" وهي مقرّ عسكري لهم حيث طارد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة صدام حسين وأتباعه، وكانت القاعدة مدينة في حد ذاتها حيث يؤكد مسؤولون أميركيون أنها استضافت 36 ألف فرد عسكري ومقاول مدني في ذروة العمليات عام 2011، وكان فيها صالة سينما وأخرى خاصة بالوجبات السريعة. أمراض نادرة وقال أطباء عراقيون محليون إن معدلات الإصابة بسرطان الرئة والرأس والعنق ومرض الانسداد الرئوي المزمن كانت نادرة قبل الحرب، لكنها ظهرت فجأة بين الشباب.وبحلول الوقت الذي انسحبت فيه القوات الأميركية من العراق في عام 2011، كانت قد استخدمت أكثر من 150 حفرة لحرق القمامة بأحجام مختلفة على مستوى البلاد.ولم تحتفظ وزارة الدفاع بسجلات واضحة لما تم حرقه في تلك الحفر مما يعني أن السموم الدقيقة المنبعثة لا تزال غير معروفة، لكن مذكرة المقدم كيرتس حددت "20 ملوثا محتملا".ويتذكر المقاولون العراقيون الذين عملوا في القاعدة مجموعة محيرة من الأشياء التي لا ينبغي لأحد أن يحرقها، كما قال العراقي مروان جاسم (32 عاما) الذي أمضى نوبات ليلية في ملء إحدى الحفر، "كانت هناك نفايات طبية ونفايات بشرية وطلاء ونفط وأجهزة كهربائية، بل حتى أحيانا ذخائر غير منفجرة".(ترجمات)