على مدار الأسابيع الماضية، تصاعد الخلاف بين رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني من جهة، وزعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي من جهة أخرى، وهو ما أثار التساؤلات عن مستقبل الحكومة، بسبب نفوذ خصميه في البرلمان والدولة.كما أكد عضو تيار الحكمة بليغ أبو كلل، تصاعد التوترات بين رئيسي البرلمان والحكومة.ويرى المحللون أنّ الخلاف بين المالكي والسوداني، بسبب محاولة كل طرف فرض نفوذه السياسي، وطريقة إدارة الدولة.ويقول المحلل السياسي علي البيدر، إنّ هذا الخلاف "غير مرئي وغير ظاهر للعلن" حتى الآن.وذكر البيدر في حديثه مع منصة "المشهد"، أنّ السوداني بدأ يتمرد على مفاهيم عديدة، وعلى الإطار التنسيقي وائتلاف إدارة الدولة التي خرج من رحمهما، وبدأ يدير الدولة بروحة وطنية، وهو ما زاد من شعبيته وتأييده في الشارع العراقي.صدام بين السوداني والمالكيمن جانبه، أكد رئيس مركز التفكير في العراق، إحسان الشمّري، أنّ الخلاف بين السوداني والمالكي، بدأ يتصاعد منذ فترة، خصوصا بعد رفض رئيس الوزراء مطالب رئيس ائتلاف دولة القانون، باستبدال شخصيات تابعة للتيار الصدري في الحكومات المحلية، أو على مستوى الدرجات المدنية العليا.ولفت الشمري في حديثه مع منصة "المشهد"، إلى أنّ الخلاف بين الطرفين ليس كبيرًا، ولم يصل إلى مرحلة الصدام أو القطيعة بينهما.وأرجع الشمري جوهر الخلاف بين الطرفين، إلى أنّ المالكي لن يقبل بوجود زعيم جديد في المكون الشيعي، وهو محمد شياع السوداني.وقال: "المالكي يقبل بثنائية الزعامة بين المالكي وتيار الصدر، لكن لن يقبل بزعامة السوداني".وأشار إلى أنّ السوداني بدأ مشروعه بتطوير حزبه الخاص والتحالفات، استعدادا للانتخابات المقبلة، وهو ما استفز السوداني.بالإضافة إلى الخلاف حول التعديل الوزاري، الذي يسعى له السوداني، وتغيير وزير النفط التابع لتيار المالكي.وقال الشمري: "السوداني منزعج من احتكار المالكي وتياره لوزارة النفط، وشكوى بعض النواب في الإطار، من عدم تمكّنهم من دخول الوزارة".وبحسب تقارير إعلامية محلية، فإنّ الخلاف تصاعد خلال الأيام الماضية، بسبب رغبة السوداني في إجراء تعديل وزاري يشمل 10 وزراء، بينهم 4 يحظون بدعم المالكي، وفي مقدمتهم وزير النفط.وكان السوداني، الذي شكل حكومته في أكتوبر بعد عام من الخلافات السياسية، قد أعلن أنه سيعتزم إجراء تعديل وزاري على حكومته، لاستبدال الوزراء الذين فشلوا في أداء مهامّهم.لكن نقل موقع "شفق نيوز" العراقي عن مصدر حكومي قوله، إنّ التعديل الوزاري سيكون خلال الأيام المقبلة، وسيكون على المرحلتين، الأولى ستتضمن وزراء النقل والدفاع والموارد المائية.وهذا يتفق مع ما قاله القيادي في الإطار التنسيقي صادق جعفر، في تصريحات صحفية، أنّ قائمة التعديلات الوزارية تشمل 3 حقائب فقط.كما نفى جعفر وجود أيّ خلاف بين المالكي والسوداني في شأن هذا الملف.الخلاف مع الحلبوسيوكشفت تقارير صحفية أن الخلاف بين الحلبوسي والسوداني يرجع لعدم تنفيذ الأخير لوعوده بمنح عدد من المناصب التنفيذية رفيعة المستوى لمقربين من رئيس البرلمان مقابل الحصول على دعمه.وقالت إنه تم عقد جلسات عدة للصلح بين الرجلين بوساطة زعيم تحالف "عزم" خميس الخنجر، ولكن دون التوصل إلى حل.وحذر محللون من تكرار أزمة 2014 عندما اندلعت خلافات بين رئيس مجلس النواب آنذاك أسامة النجيفي، ورئيس الحكومة نوري المالكي، والتي أدت إلى تفاقم الأوضاع وسيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة من البلاد.وقال أبو كلل في تغريدة على "تويتر": "في ظل النظام البرلماني العراقي، يظل الخلاف بين رئيس البرلمان ورئيس مجلس الوزراء من أكبر التهديدات لاستقرار البلاد. فكل طرف يعتمد على كتلة سياسية تؤيده، ويؤدي الخلاف بينهما إلى عرقلة العمل السياسي والحكومي".واقترح حلين محتملين لتجنب سيناريو 2014: إعادة العلاقة بين السوداني والحلبوسي إلى التفاهم والانسجام، مما يعزز استقرار البلاد ويسهم في إدارة الدولة بفعالية أكبر. تغيير الحلبوسي أو السوداني، وتعيين شخصية أخرى تتمتع بالقدرة على بناء جسور التعاون والتفاهم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مستقبل الحكومةأما عن مستقبل الحكومة في حال استمرار هذه الخلافات، يؤكد محللون أن حكومة السوداني ستكون مهددة بسبب نفوذ المالكي في الإطار التنسيقي، وقوة تحالف السيادة السني في البرلمان والذي يتزعمه محمد الحلبوسي.وأكد الشمري أنه لو تصاعد الخلاف بين الطرفين ووصلت العلاقة إلى نقطة "اللاعودة"، فستكون حكومة السوداني في خطر، بسبب قوة وتأثير المالكي على مستوى الإطار التنسيقي، والقوى السنية والكردية في البرلمان، وقال: "هذا ما يدركه رئيس الحكومة جيدا".وذكر أبو كلل أنه في حل استمرت الخلافات بين الحلبوسي والسوداني "قد نواجه خطرًا يعادل خطر داعش من ناحية تأثيره على العراق".وأضاف: "هذا الخطر قد لا يكون بصيغة أمنية كما حدث سابقًا، ولكنه قد يتمثل في تأثيره السلبي على الاقتصاد العراقي والأوضاع السياسة والاستقرار المجتمعي وخدمة الناس".بدوره، قال البيدر، إنّ حكومة السوداني هي الفرصة الأخيرة للمنظومة السياسية وأحزابها الممسكة بالمشهد في العراق منذ 20 عاما، وانهيارها يعني سقوط هذه الأحزاب.وأشار إلى أنّ الإطار التنسيقي لن يجد شخصية تحظى بدعم سياسي وشعبي، مثل محمد شياع السوداني، وبالتالي سيعمل الإطار على إنهاء أيّ تطورات، وعدم وصولها إلى نقطة ينفرط فيها عقد الحكومة. (المشهد)