تحاول تركيا موازنة موقفها بعناية في مواجهة الحرب التي شنتها "حماس" ضد إسرائيل في 7 أكتوبر، وحافظت على مناصرتها للقضية الفلسطينية مع تهدئة العلاقات مع الحركة والسعي لتجنب تداعيات جديدة مع إسرائيل.وجاءت الأزمة في وقت يسعى فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى التطبيع مع القوى الإقليمية، بما في ذلك إسرائيل، بحسب صحيفة "المونيتور". وبعد أعوام من الخلافات الثنائية، التقى إردوغان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي ودعاه لزيارة أنقرة. للوهلة الأولى، يمكن للمرء أن يشير إلى أن علاقات حكومة إردوغان الوثيقة مع "حماس" قد دفعتها الآن إلى الزاوية. علاوة على ذلك، يمكن للمرء أن يتوقع ضغوطاً أميركية متزايدة على أنقرة لقطع العلاقات مع الحركة المسلحة بعد أن يهدأ الغبار. ومع ذلك، بالنسبة للغرب، تمثل تركيا في الوقت الحاضر شريكًا يمكنه التحدث مع "حماس"، وهذا بمثابة نوع من مانع الصواعق لحكومة إردوغان. إن النداءات التي وجهتها أنقرة لطلب الوساطة من أجل إطلاق سراح الرهائن الأجانب الذين تحتجزهم "حماس" أعطت إردوغان الفرصة للعب الدور الذي كان يأمل فيه. وخلافاً لانتقاداته اللاذعة ضد إسرائيل في الماضي، فقد ضبط إردوغان لغته هذه المرة، وبات حريصاً على عدم تعريض الفصل الجديد الذي افتتحه للتو مع إسرائيل للخطر. ربما يكون قد شدّد لهجته ضد إسرائيل بعض الشيء بسبب الخسائر المتزايدة في غزة، لكنه حجب الدعم الذي من شأنه أن يرضي "حماس". استياء من تركياوقال مصدر فلسطيني في أنقرة لـ"المونيتور" إن "الجماعات الفلسطينية، بما في ذلك حماس، غير راضية عن الموقف التركي". وأشار إلى أن هذه الفصائل "تعتبر تصريحاتها غير كافية". وتؤكد الفصائل الفلسطينية وفق المصدر أن تركيا لم تستدع حتى السفير الإسرائيلي للاحتجاج، في حين تم طرد رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية - الذي كان في إسطنبول عندما اقتحمت "حماس" البلدات الإسرائيلية - بأدب بعد أن تم تداول لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي تظهره هو وأعضاء آخرين في الحركة يسجدون في صلاة الشكر أثناء مشاهدة أخبار حماس. ويعيش هنية إلى جانب قادة حماس الآخرين، في المنفى الاختياري ويقسم وقته بين قطر وتركيا. وتفاخر القيادي في "حماس" صالح العاروري، بأن الحركة قد أسرت عددًا كافيًا من الجنود الإسرائيليين لإجبار إسرائيل على إطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين في سجونها وأنها ستواصل القتال".وطلبت أنقرة بأدب من هنية والوفد المرافق له مغادرة تركيا، غير راغبة في الظهور وكأنها لا تزال تحمي "حماس" بعد قيام الجماعة بقتل مدنيين إسرائيليين. وفي مقابلة مع قناة "خبر تورك" التلفزيونية التركية الأسبوع الماضي، أشار خالد مشعل، وهو شخصية بارزة أخرى في "حماس" إلى أن الحركة تتوقع دعمًا أقوى من أنقرة. وقال إنه يتعين على تركيا أن تقول لإسرائيل أن تتوقف. ومع ذلك، ربما لا ترى أنقرة أن التهدئة الحالية في العلاقات أمر لا رجعة فيه، وقد لا يثير قادة "حماس" الأمر على أمل أن يظل باب تركيا مفتوحاً أمامهم. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تقوم أنقرة بتشديد موقفها تجاه الحركة الفلسطينية بالقدر الذي يرغب فيه شركاؤها الغربيون. وبدا أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يحول دون حدوث تحوّل جذري في موقف أنقرة عندما أكد الثلاثاء الماضي على أن وجهات نظر الغرب وتركيا تختلف. حذر في أنقرةوبما أن الغرب يعتبر "حماس" "منظمة إرهابية"، فإنه يقيم جميع أنشطتها في إطار الإرهاب. وبناء على طلب من إردوغان، أجرى مسؤولو المخابرات التركية ووزارة الخارجية اتصالات مع "حماس"، لكن زُعم أنهم فشلوا في الحصول على رد إيجابي على عروض الوساطة. ويبدو أن البعض يعتبر ذلك علامة على افتقار أنقرة إلى النفوذ، ولكن في المرحلة الأولى من الصراع، لم تكن "حماس" منفتحة على مقترحات قطر ومصر أيضًا. وبحسب المصدر الفلسطيني، فإن الضغوط على أنقرة لقطع العلاقات مع "حماس" تأتي في الغالب من الولايات المتحدة وليس من إسرائيل.(ترجمات)