تتصاعد النقاشات السياسية حول مستقبل قطاع غزّة بعد الحرب، وأثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب "نقل سكان غزة إلى خارج القطاع" موجة من الجدل، معتبراً أن خطوة الإخلاء ستساهم في تسهيل عملية إعمار قطاع غزة المدمر، بفعل الحرب والعمليات العسكرية الإسرائيلية على مدار عام و3 أشهر، إلا أن هذا الطرح لاقى رفضاً إقليمياً ودولياً، وقوبل مقترح ترامب بموقف موحد من قبل مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، "برفض التهجير تماماً".وتزامناً مع الطرح الأميركي، عادت فكرة ترحيل أهالي قطاع غزة نحو "صحراء النقب" للواجهة من جديد، بوصفها حلاً مقبولاً، لن يتم فيه تهجير وطرد الفلسطينيين من أرضهم، جوبهت أيضاً برفض شعبي في قطاع غزة، وحالة من السخرية، حيث عاد مئات الآلاف من الفلسطينيين لشمال غزة مشياً على الأقدام لمنازلهم ومناطقهم المدمرة والتي أُعدمت فيها الحياة، في صورة تعكس تمسك الفلسطيني بأرضه ووطنه.إسرائيلياً، تلقى تصريحات ترامب قبولاً لدى أقصى اليمين الإسرائيلي، إذ وصف وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، اقتراح الرئيس الأمريكي نقل سكان غزة إلى الأردن ومصر بـ"فكرة رائعة، فالتفكير خارج الصندوق بحلول جديدة سيوفر حلاً للسلام والأمن"، فيما دعت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غملئيل إلى "تشجيع إعادة التوطين الطوعي للفلسطينيين من غزة خارج قطاع غزة، لأسباب إنسانية".فهل ستفلح واشنطن بإخراج الفلسطينيّ الملتصق بأرضه، وتهجيره نحو الأردن ومصر؟ وهل ستقبل إسرائيل بنقل أهالي قطاع غزة لصحراء النقب؟رفض فلسطينيصرح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، لمنصة "المشهد" أن التهجير ليس متاحاً اليوم أمام أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أو القدس والضفة الغربية، بثباتهم وتمسّكهم بأرضهم ووطنهم، وهذا يتلاحم مع الموقف الفلسطيني الرسمي الرافض لطرح الرئيس ترامب ويتصدى له بكل السبل المتاحة.وأكد أبو يوسف أن السلطة الفلسطينية ترفض كل ما يتعلق بفكرة التهجير، ويتناغم معها الموقف الرسمي المصري والأردني وبقية الدول العربية، هذا المقترح الأميركي مرفوض وغير مقبول، وسيقاومه الشعب الفلسطيني جملة وتفصيلاً. واعتبر القيادي الفلسطيني أن جهود إسرائيل في تهجير أهالي قطاع غزة قد باءت بالفشل، وقال "فالحرب الإسرائيلية التي استمرت 471 يومًا على قطاع غزة، كان أحد أهم أهدافها الإستراتيجية من قبل إسرائيل هي التهجير، لكن ذلك لم يحدث على الإطلاق أمام صلابة وصمود الفلسطينيين وتمسّكهم بأرضهم، وشاهدنا عودة مئات الآلاف من الغزيين نحو شمال غزة رغم الدمار الكبير وقضاء القوات الإسرائيلية على مقومات الحياة لتهجيرهم، ماجرى على الأرض كان مغايراً لمخططات إسرائيل".من جانبه، كشف عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح عدنان الضميري، لمنصة "المشهد" أن "ترامب يحاول أن يصدر بالونات اختبار بالمنطقة دون خطة واضحة ودون الحديث مع الأطراف المهتمة حتى الآن بالقضية الفلسطينية، ولم يقدم برنامجه وهذا سيكون بعيد لقائه المرتقب مع نتانياهو".ويرى الضميري أن مقترح ترامب سيصطدم بمسألتين في تقديم أيّ خطة تقوم على التهجير، الأولى لن يستطيع تمريرها على الفلسطينيين الصامدين في أراضيهم، الثانية، كل الدول العربية خصوصًا مصر والأردن، ترفض رفضاً قاطعاً استقبال لاجئين فلسطينيين.التهجير للنقبوحول الطرح بنقل أهالي قطاع غزة نحو صحراء النقب، يقول الضميري إن "صحراء النقب هي جزء من فلسطين التاريخية، ولا يعد السكن فيها هجرة من البلاد بل الذهاب خارج فلسطين هو تهجير، لكن إسرائيل لن توافق تحت أي ظرف من الظروف على عودة الفلسطينيين أبناء قطاع غزة إلى صحراء النقب، أو لأي قطعة أرض في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، بالعكس؛ الفلسطينيون يناضلون من أجل استرداد أراضيهم والعودة إليها، ومعظم أهالي قطاع غزة أصلهم من النقب وعسقلان ويافا". وأكد الضميري أن الموقف الرسمي الفلسطيني حيال مخطط التهجير ثابت، "والسلطة الفلسطينية بكل مكوناتها ترفض رفضاً قاطعاً هذه المقترحات والأطروحات غير الواقعية، وضد تهجير أيّ إنسان فلسطيني من أرضه، فهذه مخالفة واضحة للقوانين الدولية.وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية تعمل الآن بكل قوتها والإمكانات المتاحة رغم ضيقها بفعل الحصار الإسرائيلي على السلطة مالياً وسياسياً وجغرافياً، لإفشال هذا المخطط الذي يتعارض مع حقوق الفلسطينيين في إقامة الدولة المستقلة.وتابع "الأمنية والأحلام الإسرائيلية منذ العام 1948 وحتى الآن، تعتمد على تهجير الفلسطينيين، عبر التهجير للخارج وإنهاء صورة المخيمات وحق العودة بتدميرها، التهجير لن يمر، لكن ترامب يحاول تصدير بالون اختبار ليرى ردود الأفعال حول الموضوع، بالتالي سيبحث عن حل شامل وهذا سيظهر في المرحلة الثانية من هدنة وقف إطلاق النار".وفي هذا الصدد، نوه المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور لمنصة "المشهد" إلى أن المقترح رسمي من قبل الرئيس الأميركي ترامب وكرره عدة مرات بصورة علنية، التجاوب والردود تأتي بين واشنطن والقاهرة وعمان، وليس لإسرائيل شأن في هذا المقترح.وقال غانور: "ملف إعادة إعمار قطاع غزة يتطلب فترة طويلة من السنوات ومليارات الدولارات لتنفيذه، وبدون الدور الأميركي المنوط بهذا السياق لن يتم ذلك، لا عربياً ودولياً، للقيام بهذه المهمة الجبارة لإعادة إعمار قطاع غزة، ولهذا جاء الاقتراح الأميركي لنقل سكان قطاع غزة بصورة مؤقتة لتتم عملية الإعمار التي تتطلب وقتًا طويلًا، هذا ليس ترحيل أو إبعاد للأبد، بل نقل مؤقت". ونفى غانور قبول إسرائيل لمخطط تهجير ونقل أهالي قطاع غزة لصحراء النقب، قائلاً: "هناك أسباب إسرائيلية سياسية داخلية، وأمنية تتعلق بالنقل لصحراء النقب، وعدم موافقة المجتمع الإسرائيلي على استيعاب سكان قطاع غزة، بعد أن ثبت بأنهم شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر، لذلك لا أعتقد أن إي إسرائيلي يقبل بهذا الموضوع سواءً من الجناح اليساري أو اليميني من الخارطة السياسية الإسرائيلية".وتابع "لن يسمح بهجرة اتجاه الأراضي الإسرائيلية من قطاع غزة لأسباب سياسية وأمنية، والحل في هذا الملف ليس لدى إسرائيل، لأنها لن تمنح الذين اعتدوا عليها الدخول والتنعم بالرفاهية الإسرائيلية".(المشهد - القدس)